أقلام حرة

الزلزال المدمر والوجه القبيح للسياسة الأمريكية

لم يكن الموقف الأمريكي والأوروبي من الزلزال المدمر الذي وقع في تركيا وسوريا فجر السادس من فبراير مستغربا، فمنذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011 كانت الأجندة الأمريكية والأوروبية واضحة جدا، وهي إسقاط الدولة السورية ونشر الفوضى فيها، كما حدث في العراق أبريل 2003 وليبيا 2012 عبر دعمها المعلن للجماعات المتطرفة والمسلحة التي رفعت السلاح في وجه الدولة، وتسببت في قتل الآلاف من الشعب السوري وتشريد مئات الآلاف، وبعد أن فشلت في إسقاط الدولة السورية وتقسيم البلاد إلى دويلات طائفية قامت بفرض عقوبات جائرة على سوريا ومنها قانون قيصر سيء الذكر.

وفي الوقت الذي تضامنت فيه جميع دول العالم ومنها الولايات المتحدة وأوروبا مع تركيا في مصابها الأليم، وقامت بإرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للمتضررين في المناطق المنكوبة، فإنها لم تقم حتى بأبسط الأمور مثل تقديم واجب التعزية للشعب السوري في هذا الزلزال المدمر، مما يكشف بكل وضوح زيف ادعاءاتها السابقة بأن عقوباتها القاسية على سوريا تهدف إلى تحرير الشعب السوري من "الدكتاتورية والطغيان" حسب مزاعمها الكاذبة، فها هي الأحداث تكشف من جديد زيف هذه المزاعم وبطلانها.

ولكن الأحقر من المواقف الأمريكية والأوروبية، هو موقف بعض الإعلاميين الذين يقدمون أنفسهم كـ"معارضين" للنظام، الذين تجردوا من كل فضيلة وإنسانية، وبدلا من نسيان الخلافات السياسية باعتبار أننا الآن أمام قضية كارثية وطنية وقضية شعب ووطن، سخروا حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إلى عدم إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى سوريا، ودعوة الولايات المتحدة إلى الاستمرار في عقوباتها الظالمة والجائرة على سوريا.

نحن نعلم تماما أن كثيرا من هؤلاء "الإعلاميين" أو بمعنى أصح "الأبواق المأجورة من الولايات المتحدة" كانوا طوال السنوات الماضية يرقصون طربا بعد كل هجوم صاروخي على دمشق، ويدعون نهارا جهارا دون أي حياء إلى تدخل عسكري أمريكي في سوريا للإطاحة بالنظام، وكأن هؤلاء نسوا أو تناسوا نتائج التدخلات العسكرية الأمريكية في العراق وليبيا وأفغانستان وغيرها.

وفي الوقت الذي كشف فيه الزلزال المدمر الذي تعرضت له سوريا زيف الادعاءات الأمريكية ونفاق المواقف الأوروبية، فإنه أظهر أيضا الموقف الإيجابي لبعض الدول العربية وأصدقاء سوريا مثل روسيا وإيران التي سارعت إلى إعلان تضامنها مع الشعب السوري ومواساته على هذا المصاب الجلل، كما قامت بإرسال مساعدات عاجلة إلى الشعب السوري.

وكان لسلطنة عمان الموقف المشرف في هذا الحدث، حيث اتصل جلالة السلطان بعد الزلزال مباشرة بالرئيس السوري بشار الأسد، وأكد خلال اتصاله تضامن السلطنة مع الجمهورية العربية السورية ومساندتها لها في هذا الحدث للتخفيف من آثاره، كما أصدر جلالته أوامره السامية بتسيير جسر جوي لنقل المواد الإغاثية إلى سوريا وتركيا.

كما سارعت العراق ومصر ودولة الإمارات العربية والجزائر وتونس وليبيا والأردن بإرسال طائرات تحمل المساعدات إلى سوريا بالإضافة إلى روسيا وإيران والهند وباكستان وفنزويلا.

إن كسر الحصار الجائر على سوريا يجب أن يصبح مطلبا عربيا وإسلاميا ودوليا، وعلى أحرار العالم أن يمرغوا أنف قانون قيصر الجائر في التراب وأن ينتصروا للقيم الإنسانية على القوانين الأمريكية الجائرة.

***

صالح البلوشي

 

في المثقف اليوم