أقلام حرة

تعويذة مشاكسة

على مر العصور وفي مختلف الحضارات ظل الخوف من الحسد وفقدان النعمة واحدة من المشكلات التي تؤرق الانسان وتعبث باستقراره وطمأنينته، ولهذا كان دائم البحث عن وسائل تدرأ عنه شرور الحسد وأفعال الجن والشياطين، ومن أجل الراحة والطمأنينة والتمتع بوهم الخلاص من القوى الغيبية التي في اعتقاده تحاول الفتك به وانتزاع النعمة منه ذهب الذهن الشعبي الى ابتداع التعاويذ كواحدة من الحلول لمشاكل الانسان النفسية، فوجد في حرق بذور الحرمل وسيلة لطرد الجن وابعاد الشياطين وفي حمل تعويذة (الباز بند) - قطعة قماش مكتوب فيها طلاسم تلف فيها خرزة على ذراع حاملها - وسيلة لإبعاد الأذى، ولكن من التعاويذ الاكثر انتشارا والتي ظلت ظاهرة للعيان هي تعويذة (ام سبع عيون) - قرص دائري يصنع من الجبس ويطرز بسبعة ثقوب - عيون - فيها رمزية للسموات السبع وايام الاسبوع السبعة ويطلى القرص باللون الازرق الفيروزي الذي يقوم - حسب الاعتقاد - بامتصاص الاشعاعات الضارة التي تبعثها العين الحاسدة وايضا ينتشر الاعتقاد بفاعلية هذا اللون في بعض الدول ومنها فلسطين حيث تحرص العروس في يوم زفافها على ارتداء ثوب ازرق لاعتقادها ان هذا اللون يرد عن العروس شر العين الحاسدة ويحميها من أي ضرر او عمل سحري ضدها، والى اليوم ظلت تعويذة ام سبع عيون مهيمنة في حضورها على واجهات البيوت والمحال التجارية خصوصا الحديثة منها وما يزال عدد كبير من العوائل متمسكا بها ومؤمنا بفاعليتها في الوقاية من عين الحسود وتفادي زوال النعمة، وبالرغم من ان المال ليس هو النعمة الوحيدة التي ينعم بها الانسان الا ان قطاعات واسعة من المجتمع بقيت تنظر الى الثروة المادية هي الطريق الى السعادة وترى النعمة محصورة في البيت الحديث الشامخ والسيارة الحديثة وتعتقد انها الوحيدة التي هي عرضة للحسد أما النعم الأخرى غير الملموسة فهي غائبة عن العيون، وقد وقع أسير هذه النظرة صديقي الذي كنت اتوسم فيه سعة الأفق وعمق التفكير عندما سَخَرَ من بيت قديم متداعي الاركان كان يرفع تعويذة ام سبع عيون متعجبا من فعلة أهل البيت فأي نعمة يخافون عليها من الحسد، قلت له : من الخطأ ان تسخر من هذا الفعل قبل ان تعرف النعمة التي يخشى عليها هذا البيت فهو قد يعيش حالة من الاستقرار والالفة والستر والقناعة وراحة البال ويخشى من عين الحسود على هذه النعمة التي قد تفتقدها الكثير من القصور الشامخة

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم