أقلام حرة

دفع الشبهات عن حياة سيد الكائنات (3)

الشبهة الثالثة هي نقل صورة مشوهة وغير دقيقة عن المسلمين في مكة المكرمة على أنهم مضطهدون معذبون. والمهاجرون مع رسول الله محمدا إلى المدينة المنورة أذلاء فقراء خُمص البطون لكن إذا تتبعنا الصحابة الكرام ففيهم الأسماء والشخصيات  الميسورة الحال والتجارية وذات النفوذ الاجتماعي والمالي منهم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وأبو بكر الصديق وجعفر بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم وأرضاهم حيث أعتمد عليهم النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين في إدامة زخم دعوته الجديدة ماديا ومعنويا بعدما بعثهم بأموالهم إلى الحبشة للتجارة فيها ونشر دعوته خارج الجزيرة العربية وهذا ما اتضحت آثاره في المدينة المنورة بعد الهجرة الشريفة حتى واقعة خيبر .

فقد كان لرسول الله نظامه المالي المنظم وفق سياسة مدروسة يديرها بحنكة أدارية حكيمة واعية كنظام دولة إسلامية فتية بأسلوب مالي بديع تجبى له الموارد المالية من خلال ما يسمى بيت المال بمثابة وزارة المالية أو البنك الاقتصادي في نظامنا الحالي من مصادر عديدة شرعها الله تعالى له تارة أو بعقليته الإدارية وهي

(الزكاة – الخراج – الجزية – الغنائم – الفيء – الأوقاف – الخُمس) .

أما أمواله الشخصية العائدة له شخصيا والتي ورثها من أجداده ووالداه وزوجته فهي كالآتي

- ميراثه من والديه حيث ورث من أبيه الجارية أم أيمن رضي الله عنها وخمسة من الإبل ومولاه شقران وأبنه صالح

- ورث من أمه رضي الله عنها دارا في مكة المكرمة في شعب أبي طالب

-ورث من زوجته خديجة بنت خويلد عليها السلام دارا بمكة المكرمة بين الصفا والمروة وأموالا وفيرة من تجارتها قبل وبعد البعثة النبوية الشريفة

- خُمس الأنفال من غزواته ومواقعه الحربية في المدينة المنورة وسبعة ضياع وبساتين أكبرها بستان فدك ومزارع يهود خيبر وبني النظير.

وهذا يدلل على أن النبي الكريم لم يكن فقيرا حسب ما نقله لنا كتاب سيرته بل على العكس كان ذا مال وجاه ومكانة اجتماعية معروفة لدى أهل مكة وأنه امتداد لعائلة متنفذة ذات نفوذ سياسي واجتماعي ومالي من جده عبد المطلب وعمه أبو طالب سيدا قريش لم يتزعموا قومهم بدون مال وبنين وخصوصا في مجتمع عربي ذكوري قبلي سلطوي أما الحديث عن المسلمين الذين هاجروا معه ومن بعده فقد استفادوا من ظروفهم الجديدة وتحسنت أوضاعهم المعيشية ومكانتهم المجتمعية في المدينة المنورة حيث استطاع النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه في إرجاع أموال الأنصار التي في ذمة المهاجرين حين أخاهم مع بعضهم وأصبحت لديهم الكثير من الأموال والأملاك ومن هذه الشخصيات على سبيل الحصر .

1- الزبير بن العوام: بلغت ثروته (40) ألف درهم إلى جانب الأراضي الزراعية والماشية والدور في الكوفة والبصرة والمدينة المنورة ومصر .

2- عثمان بن عفان رضي الله عنه: بلغت ثروته بعد مماته (150) ألف من الدراهم وأملاك في وادي القرى وحُنين .

3- عبد الرحمن بن عوف: ترك أموال على شكل سبائك من الذهب وأراضي شاسعة زراعية وترك (1000) من الإبل) و(3000) رأس غنم و(100)حصان

4- طلحة بن عبيد الله: ترك ثروة بقيمة (2,200) ألف من الدراهم و(600)ألف دينار ودورا في العراق .

5-علي بن أبي طالب عليه السلام: كانت لهم أراضي يزرعونها في المدينة وأموالا من ميراث جدهم وضيعات من الخُمس والفيء في المدينة المنورة .

6-سعد بن أبي وقاص: ترك ثروة قدرت ب(250)ألف درهم .

7-عبد الله بن مسعود: حوالي(90)ألف درهم .

8- خباب بن الأرت: ترك (40)ألف درهم .

حيث أن الفقر والزهد والفاقة ليس من سنن الله تعالى على عباده وهي نقص في الإنسان وهذا لا يليق بالأنبياء كذلك كما قال العزيز الحكيم في حث الناس على العمل والكسب المشروع الحلال والغنى الحلال من الدنيا كما قال الله تعالى (ولا تنسى نصيبك من الدنيا) و(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق.. ......) وخاطب نبيه (ووجدك عائلا فأغنى) وقال (وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) و(ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهم حسبه أن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا).

***

ضياء محسن الاسدي

 

في المثقف اليوم