أقلام حرة

المسألة الزنبورية!!

نحاة: جمع نحوي :علماء النحو: علم يُعرف به أحوال أواخر الكلام إعرابا وبناءً، والنحوي: العالم بالنحو.

المناظرة المشهورة التي حصلت  بمجلس هارون الرشيد (170 - 193) هجرية، بين سيبويه والكسائي واختلفا فيها خلاصتها : أن بعض الأعراب تقول "قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعا من الزنبور، فإذا هو هي"، ورأى ذلك سيبويه، فقال الكسائي: وقالوا...فإذا هو إياها" بالنصب، وإنحاز أكثر الحاضرين إلى الكسائي، فهزم سيبويه، وخرج مهموما مكمودا، فمات بعد أيام، في حضن أخيه.

هذه المناظرة تشير إلى عظيم الإهتمام الدقيق التفصيلي باللغة العربية، وقد حظيت لغتنا بهذا المقام دون غيرها، وبرز نحاتها الذين أرسوا دعائم مجدها الخالد.

وما أعظمهم وأكثرهم إبتداءً بأبو الأسود الدؤلي والفراهيدي وتلامذتهم الذين أصبحوا أفذاذا وأساطينا في علوم لغة الضاد.

ولا تزال العربية تلد علماء أصفياء يجيدون سبر أغوارها النحوية، ويقدمون للأجيال نفائس مفرداتها وتراكيبها وعباراتها البلاغية، ولا يمكن لفرد أن يلم بالعربية بمشاربها ومضاربها، ولا بد من عقول متخصصة متفاعلة تساهم في المحافظة على وضوح الطريق اللغوي للأجيال.

فالعربية ترسخت وتطورت وتفاعلت مع العصور بفضل أفذاذٍ نذروا أعمارهم للتبحر فيها، والغوص في أعماقها ليأتونا بجمان ما تحتويه من النفائس والخرائد البديعية.

ومن حقنا أن نفخر بلغتنا الثرية بمفرداتها ومطاوعتها وقدرتها على إستيعاب المستجدات، والتآلف مع اللغات الأخرى، وتستضيف مفردات من غيرها، كما فعلت وتواصلت على مدى القرون، ومنها إكتسبت العديد من اللغات مفردات وعبارات.

ترى هل أن الغيرة اللغوية لا تزال متوقدة في أذهان الأجيال؟

والجواب أن الأمة تصنع في أجيالها رموزا من النحاة المجاهدين لرفع لواء اللغة، وإدامة أنوارها المعرفية وتطويعها لكل زمان ومكان.

وتبقى رسالة العرب الأولى نشر لغة الضاد في أرجاء الدنيا، فهناك جوع معرفي إنساني لتعلم اللغة العربية!!

فهل سنلبي نداءات لغتنا؟

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم