أقلام حرة

الأتراك في قصور العباسيين

عاش الأتراك كأمة، وقبائل متعددة ولغات متباينة في آسيا الوسطى محصورين بين حضارتين عظيمتين؛ حضارة الصين الكونفوشيوسية، وفارس الساسانية معتمدين على الرعي والزراعة والغزو والإغارة على المدن المجاورة من كلا الحضارتين ...

وبعد ظهور الإسلام وامتداد الفتوحات الى أقاصي بلاد أسيا الوسطى اعتنق الأتراك الإسلام تدريجيا ونزح منهم الكثير نحو حواضر الشرق الإسلامي بحثا عن المكانة والثروة والاستقرار، الى بغداد ودمشق والقاهرة ...

وقد لعب الأتراك دورا مهما في الحضارة العربية الإسلامية كأهم الأمم الإسلامية بعد العرب والفرس، لكن في البداية كان لهم دور تدميري في التاريخ العربي الإسلامي بسبب غلظتهم وقوة أجسامهم وانتهاجهم العنف في تصريف أمور السياسة والحكم، وحداثة عهدهم بالحضارة والتمدن ..

وكتب التاريخ حافلة بأعمالهم في بلاط العباسيين، والمعروف تاريخيا أن أبناء الرشيد الثلاثة اختلفوا واعتمد كل واحد منهم على أرومة تسانده، الأمين اعتمد على العرب، والمأمون اتكأ على الفرس، والمعتصم على الترك ...

وبعد عصر المعتصم تعاظم دورهم السياسي الى درجة كبيرة، فالمتوكل على الله قُتل هو ووزيره الفتح بن خاقان من طرف الأتراك ...

والمنتصر بالله بعده قُتل مسموما من طرفهم ...

والمستعين بالله مات في سجنه ...

المعتز بالله مات في السجن بسبب التعذيب ...

المهتدي بالله لقي نفس المصير في الحبس حتى الموت .

المعتمد على الله استطاع أن يكبح جماح الأتراك بأن جعل قيادة الجيش ومحاربة الثورات المتمردة على العباسيين بيد أحد أمراء البيت العباسي ...

غير أن نفوذهم عاد مجددا في عهد المقتدر بالله، بل إن خادمه التركي مؤنس الخادم قتله، والمدهش والعجيب أن المقتدر بالله حكم لمدة خمسة وعشرين سنة ...

وتعاظم نفوذهم وتأثيرهم الى أيام المتقي بالله إذ قام توزن التركي بخلعه لكن لم يقتله ...

وكان هذا آخر نفوذ للأتراك الذي استمر قرنا من الزمن، وظهر بعدهم البوهيون والسلاجقة.

***

عبدالقادر رالة

في المثقف اليوم