أقلام حرة

الجهل الأداة الضاربة للعدو

من الواضح أصبحت الحرب الناعمة السلاح السحري والفعال لأعداء الوطن والدين، فهي أقل كلفة مادية، والمهاجم فيها لا تُزهق له أرواح من جنوده، ولم تثير هكذا حروب أستنكار المنظمات الدولية والأنسانية، ولا تُثير حتى حفيظة الضحية، ولا تحدث حسيساً ولا ضجيجاً في الأعلام العالمي. وكما أن للحروب التقليدية أدواتها المتنوعة، كذلك هي الحروب الناعمة تتنوع في أسلوبها وأدواتها، ومن أشهر أساليبها وأكثرها فعالية وأقلها كلفة، هو سلاح الجهل، وكما يقول المثل (جهله قتله). فعلاً الجهل هو السم الرعاف للشعب المراد أحتلاله وأستعماره وأستغلاله من قِبل رعاة هذه الحروب، ومن الصعب الوقوف بوجه هذا السلاح، إلا بالوعي، وأول الوعي هو معرفة أهداف العدو، وأساليبه الماكرة، وهنا أحببت أن أُبين بعض هذه الأساليب عسى أن تساهم ببناء هذا الوعي، وهنا أذكر للقاريء الكريم نبذة من أساليب العدو في تنويم الشعوب ومن ثم أستغفالها. يذكر التاريخ أن نابليون عندما أحتل مصر ١٧٩٨م، ولأجل كسر شوكة مقاومة المصريين لحملته الاستعمارية، أخذ يستغفل الشعب المصري بأسلوب دغدغة عواطفهم، عن طريق التقرب لهم بمشاركته لمناسباتهم القومية، مثل (عيد النيل) و(عيد الوفاء)، وكان يتبرع من جيبه الخاص لأعياد المسلمين، رغبة بخداعهم مثل المولود النبوي، حتى سموه المصريين ب علي بونابرت، حتى أنه أخذ يظهر التودد والصداقة اليهم، وكان هذا الأسلوب ساهم في تسهيل أحتلال مصر.

أن أسلوب الخداع لم تختص به فرنسا لقهر الشعوب المستضعفة،وهنا أذكر للقراء الكرام حادثة، حدثت مع السفير البريطاني في العاصمة الهندية نيودلهي، تقترب في أسلوبها وأهدافها، وبينما هو يتجول بسيارته برفقة القنصل في السفارة البريطانية وإذ يرى السفير شاب هندي يركل برجله بقرة واقفه بالطريق، مما جعله يترجل بسرعة ناهراً وموبخاً الشاب على فعلته بأعتباره أساء الى آلهة الهند المقدسة، وانحنى نحو الأرض متناول جزء من فضلات البقرة وأخذ يمسح بها ملابسه ووجهه متظاهراً بأحترامها، مما جعل جمهور من الهنود الواقفين ينهالون على هذا الشاب بالضرب والسباب على فعلته الشنيعة التي تنم عن أحتقار آلهة الهند المقدسة (البقرة)، وبينما الهنود ينهالون بالضرب والسباب على الشاب الهندي قفل السفير راجعاً الى سيارته، وذهب، وبينما هو في السيارة سأله القنصل البريطاني الذي كان بصحبته، ياسيادة السفير، هل أنت معتقد بقدسية هذه البقرة، وأنها من الآلهة، فرد عليه السفير، وهل نَسيت أننا تغدينا لحم البقر سويتاً اليوم، فرد عليه القنصل، وما الحكمة من تصرفك هذا، فأجابه السفير إن هذا الشاب الذي ركل البقرة، هي بالحقيقة ركله للعقيده الخاطئة، فالشاب يريد تصحيح هذه العقيدة الذي يمارسها الشعب الهندي، هذا لو حصل وتنبه الشعب لذلك،سيجعل هذا الشعب متقدم علينا ٥٠ سنه، لذلك من مصلحتنا الوجودية أن يبقى الشعب الهندي متأخر ١٠٠ عام، لذلك يكون من أهم أهداف المخابرات التابعة لدول الاحتلال هو تكريم الجهل والخرافة، فهي أهم الجيوش الحقيقية في أغتيال وأحتلال الشعوب.

***

أياد الزهيري

في المثقف اليوم