أقلام حرة

التجزئة نعمة جعلناها نقمة!!

الدول العربية ليست الوحيدة التي تجزأت بعد الحرب، فهناك كوريا، وألمانيا، وفيتنام، وغيرها، وجميعها إستثمرت في التجزأة وتقدمت وعاصرت، إلا الدول العربية فأنها تناحرت.

لا يتفق الجميع مع القول بأن (سايكس - بيكو)، من الأخطاء القاتلة التي إرتكبتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.

وعندما أدركت خطأها، عملت على جعل الدول القطرية متناحرة، لتنزف طاقاتها وقدراتها وثرواتها، وتنشغل ببعضها وتتمحن في وجودها، وبموجب ذلك تأسست الأحزاب المؤدينة والقومية، وما وجدنا أحزابا وطنية ذات قيمة ودور.

فهذه الأحزاب تشترك بأهدافها القاضية بالعدوان على الدولة القطرية، والتغني الخيالي بالوحدة وبناء الدولة الكبرى، وما أفلحت سوى بمناهضة طروحاتها، وأمعنت في تقسيم المُقسم، والأحزاب المؤدينة أجادت التفرقة وجسدت الطائفية والمذهبية، وهي لا تؤمن بوطن بل بأمة متصورة.

وأشد ما كانت تخشاه القوى التي جزأت الوطن إلى دول، أن تهتم كل دولة ببناء وجودها القوي وتستثمر ثرواتها وطاقاتها البشرية، ولهذا عملت على أن لا يتحقق هذا السلوك الإيجابي، وأوهمت الجميع بأن العلة في التجزأة، وعلى الدول أن تجاهد من أجل الوحدة لتكون، وبدونها لن تتقدم وتعاصر ويعيش أبناؤها بحرية وكرامة، فشجعت فيها الأنظمة الإستبدادية، وقضت على أنظمتها الديمقراطية الدستورية، وعززت دور الفردية، والإذعانية، فصادرت وجود أبناء الأمة أجيالا بعد أجيال، وقام بالمهمة أبناء الأمة أنفسهم، وإتخذوا من قميص الإستعمار عذرا لتبرير مساوئهم وجورهم، وعدوانهم على المواطنين، وكأن الدنيا ليست سوح غاب يفترس فيها القوي الضعيف.

فلو تحقق بناء الدول القطرية وفقا لأسس دستورية راسخة، وتواصلت التنمية والتفاعلات الإقتصادية والعلمية، وغيرها مثلما يحصل في الدول الأخرى، لأصبحنا أمام أكثر من عشرين دولة قوية، وكل منها سيكون سندا للدولة الأخرى، وبتكافلية تساهم في فرض هيبة وعزة الأمة على أمم الدنيا.

فتخيلوا أكثر من عشرين دولة قوية متعاضدة في المحافل الدولية، فماذا سيحصل، وأي مكانة ستكون لها.

إن العيب في أنظمة الحكم التي إنطلت عليها لعبة التجزأة، فأوصلتنا إلى قيعان المرير.

فهل من قوة وطنية راسخة، وقدرة على الخروج من نمطية التفكير العاهوي؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم