أقلام حرة

صادق السامرائي: نكبة إننا ونحن!!

في مجتمعات أمتنا لا وجود لأننا ونحن، والمفكرون بأنواعهم منهمكون بالحديث عنهما منذ بداية القرن التاسع عشر، وها هي الحالة واضحة أمام الجميع، فهل نستطيع أن نقول "إننا" أو "نحن"؟!!

الشعوب يصنعها قادتها، ولن تصنع نفسها، فانظروا دول الدنيا وستجدون صناع نحن وإننا فيها، فالصين المعاصرة من صنع "ماو"، والهند من صنع "غاندي"، وتركيا من صنع "أتاتورك"، وحتى أمريكا من صنع "جورج واسنطن"، وقس على ذلك.

القائد المثقف الوطني الواعي هو الذي يصنع إننا ونحن، وفي واقع الأمة، الذي أوجدها قائد الدين الذي تحدى الواقع المكي، وإنطلق برسالته الإنسانية للعالمين فأسس عوالم نحن الكبرى.

ومفكرونا متمترسون في التفاعل مع إننا ونحن المتخيلتان، ولهذا فما أسهموا بإطلاق قدرات الأجيال وتأسيس معالم النهضة الحضارية المتوافقة مع طاقاتها، فكبت وأخذت أحلامها وطموحاتها معها إلى حفر ظلماء.

ومن الأمثلة أن كتاب "طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد" لعبد الرحمن الكواكبي (1855 - 1902) ميلادية، صدر في بداية القرن العشرين، وأجزم أن معظم القادة في دول الأمة، لم يقتربوا منه، ومعظمهم حفظ كتاب الأمير لميكافيلي (1469 - 1527) ميلادية، ولهذا توطنت أنظمة الحكم خنادق الإستبداد الفظيع.

فقادة دولنا لا يقرأون، وينصاعون لإرادة الكرسي، وتعزلهم بروتوكولات المناصب عن الواقع، فيعيشون في قطيعة تامة عن الشعب فلا يفهمون ما يعانيه، وما هي الحاجات الأساسية للحياة، لأنهم في عالم مغاير تماما.

فالعلة الحقيقية في كراسي المسؤولية، والذين يستولون عليها ويحسبونها غنيمة، فالمنصب كالفريسة التي يتشبث بها الضاري ببراثنه وأنيابه، وإياك أن تقترب منه.

فالأمة تحتاج لقادة مهرة يجيدون صناعة إننا ونحن، لكي تستقيم الأمور، أما إغفال دور القادة، وهم نوعان، سياسيون وفقهاء، وهذا الثنائي أزرى بأحوال الأمة، وأصابها بإنكسارات وإنهيارات وخسائر مروعة، حتى لتجد أبناء الدول الغنية في فقر مدقع وعوز مهين، وأصحاب الكراسي والفقهاء في نعيم باذخ وإستحواذ مطلق على الثروات.

فهل للمفكرين أن يواجهوا الواقع بجرأة وتحدي، ويزعزعون ثنائية التدمير الشامل لوجود إننا ونحن؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم