تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: واقع الحال والإبداع!!

الإبداع لا يعبّر عن واقع حال، بل نظر وتبصر في مفردات الواقع وعناصره الكفيلة بصياغته والإنتقال به إلى واقع أفضل، وتحقيق الحركة والتوثب والقدرة على التبدل والتواصل مع آليات المكان والزمان.

أما القول بأن الإبداع تعبير عن واقع حال، فيعني الترسيخ والتسويغ والتحميد والإستنقاع والتفسخ والذبول.

ويبدو أن القائلين بذلك يمثلون النمطية التي مضى على سكتها المفكرون والفلاسفة، بإجتهاداتهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم وتحليلاتهم المنطلقة من الترسيخية والتسويغية والتبريرية، وإستحضار ما يلزم لتحنيط الواقع الذي من المفروض التصدي له وتحريك مياهه الراكدة.

وقد لعب المفكرون دورهم في تركيد الأمة وتعضيلها وشل قدراتها، وتجدهم يعبرون عن واقع يمعنون بترسيخة وإغلاق منافذ الجريان اللازمة لحركته.

فالمبدع يحرّك ولا يُسكّن، وعليه أن لا يبحث عن المسكنات والمحدرات والتأوهات والبكائيات والرثائيات، ومن واجبه ومسؤوليته أن يوقظ ويمنح الطاقة المعنوية للأجيال لتتوثب نحو مستقبلها الأفضل، بدلا من أن يقدم لنا نصوصا ذات طابع ترقيدي لإرادة الأمة وتقريمٍ لعزيمتها.

فالإبداع الحقيقي يمنح الأمل والقوة والقدرة على الحياة، ويتمكن من تثوير الواقع وضخه بالمفردات السلوكية، الكفيلة بدفعه نحو السامقات وأخذه إلى ذرى الغايات.

والإبداع ثورة بكل معانيها ومقتضياتها الساعية للتغيير، وبدون قدرات التغيير والتثوير فالإبداع يفقد جوهر معناه، وتنتفي الحاجة إليه، لأنه سيكون معوقا ومدمرا.

وواقع حال الأمة أن المبدعين يدمرونها، وينقضون عليها برثائياتهم وبكائياتهم، ودفق أحزانهم وأسفهم وتحسرهم وجلدهم لذاتهم الفردية والجمعية، وبهذا يساهمون في تحطيم وجودها، ومنعها من تنفس هواء الحرية والقوة والرقاء.

فالذي يقدم نصوص بكائية ليس بمبدع!!

والذي يكتب نواحيات ورثائيات ليس بمبدع!!

المبدع أن يكتب بمداد العزيمة والتحدي والإقدام!!

فهل لنا أن نُبْدِعْ؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم