أقلام حرة

قاسم حسين صالح: حكاية مبارزة بين فتى وكبير الشجعان!

كان الأنتصار النسبي للمشركين قد حفزهم نحو المعركة الكبرى، معركة الخندق. وابتدأت المناوشات بشكل مختلف هذه المرّة، فقد عبر الخندق عمرو بن ودّ العامري..كبير الشجعان فصاح:

- ألا رجل مبارز؟

فقام علي قائلا لرسول الله:

+ انا له يا رسول الله!

فقال له الرسول:

= انه عمر..اجلس!

ونادى عمرو ثانية، وكان النبي حريصا على ابعاد علي عن سيف عمرو الفتاك.

كان علي يتوسل الى رسول الله، للسماح له بمبارزة عمرو في حين كان عمرو فخورا، متبجحا، متهجما:

- أين جنتكم التي تزعمون انكم داخلوها اذا قتلتم؟ افلا يريدها أحد منكم؟

ثم نادى ثالثة:

- ولقد بححت من النداء & بجمعكم هل من مبارز؟

فقال علي:

+ أنا له يارسول الله.. فأذن لي!

= انه عمرو!

- وأنا علي بن ابي طالب!

أذن له النبي وألبسه درعه ذات الفضول، وعممه بيده، وودعه بالدعاء:

كان علي يحمل سيفه (ذا الفقار) فتقدم نحوه وانشده قائلا:

+ لا تعجلن فقد اتاك & مجيب صوتك غير عاجز

اني لأرجو ان اقيم & عليك نائحة الجنائـــــــز

واندهش عمرو بن ودّ:

- ومن انت؟

+ علي!

- من عبد مناف؟

+ أبن ابي طالب

فأخذت عمرو الشفقة ..

- أبن اخي..! .كان ابوك صديقا لي ..

+ ياعمرو

- أي ابن اخي!

+ ان قريشا تتحدث عن انك قلت: لا يدعوني أحد الى ثلاث، الا اجبته الى واحدة ..

- نعم، هذا عهدي..

+ اني ادعوك الى الأسلام

- دع هذه.

+ فأني ادعوك الى أن ترجع بمن يتبعك من قريش الى مكة.

- تكف عني وأرجع؟ وتتحدث العرب عن فراري!

+ فأني ادعوك الى البراز راجلا!

- ولم يا ابن أخي؟..غيرك من اعمامك من هو أسنّ منك ..وأني اكره أن اهريق دمك!

+ ولكن والله لا اكره أن أهريق دمك!

يا للغضب!. ما كان عمرو يظن أن أحدا من العرب يتحداه هكذا، فكيف الأمر والمتحدي هذا الفتى؟!

نزل عمرو وعقر فرسه، ثم قصد عليا وضربه بالسيف على رأسه، فقطع السيف الدرقة ووصل الى الرأس.

وبخفة هائلة ضربه علي ضربة قاتلة! ..وصدح التهليل من حناجر المسلمين لحظة انجلى الغبار!، فيما اصيب المشركون بالذعر..وانشد حسان بن ثابت يمتدح ما فعله علي (لقد شفيت بنو جمح من عمرو...)

وحين وصل خبر مقتل عمرو الى اخته قالت: من الذي اجترأ عليه؟. فقالوا:علي بن ابي طالب.فقالت: لم يعد موته الا على يد كفو كريم، وانشأت تقول:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله & لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتله من لا يعــــــاب به & وكان أبوه يدعى بيضة البلد.

وكانت تلك المعركة هي التي خلدت مقولة العرب:

(لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي).

***

د. قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم