أقلام حرة

صادق السامرائي: الأديان وعجمة السلوك!!

الأديان كالقنابل تتشظى، فما أن تلامس البشر حتى تتحول إلى فرق ومذاهب وجماعات، وكل على شاكلته يرى ويفعل، لأن النفس الأمارة بالسوء تجد في الأديان ضالتها، رغم أنها جاءت لتهذيبها، لكنها ما أفلحت كما ينبغي، ولهذا تجد في كل دين تفرعات لا تعد ولا تحصى.

وفي الإسلام بدأ التشظي في أول أيامه، ولا يزال قائما، وسيتواصل إلى الأبد.

ومن أهم أسباب الإنشطارات المآرب الدنيوية، والتوهم بأن الدين يصلح للسياسة.

الإسلام تفرّع وتفرّق لأن المسلمين توهموا بأن الدين سياسة، وتصارعوا على أن يكون في الكرسي، وأغفلوا أن للكرسي أحكامه وضوابطه التي تأكل مَن يكون فيه.

الكرسي آفة تبتلع مَن يقترب منها، فلا ينجو من سطوته حزب أو عقيدة أو فرد أو دين، إنه يسرط، وهكذا تجدنا أمام أديان مسروطة، وعقائد إبتلعها الكرسي، وعبرت عن مذهب الكرسي وتناست مذهبها.

وكل مدّعي بدين يمتلك سلطة يدمر الدين الذي ينتمي إليه، والأمثلة كثيرة، والذين يقولون بوجود دولة دينية على خطأ، فالدول عائلية والإسلام مطيتها، وديدنها القبض على مصير العباد.

فالدين وسيلة للحكم وليس في الحكم.

لم يجلس الدين على الكرسي، وإنما وظفه الكرسي لتأمين إرادته، فالدين عبد الكرسي وليس العكس، فالدين منزوع الجوهر، ومعلوم المظهر.

الدول المعروفة الأموية والعباسية والعثمانية، وما بينهما من دول وإمارات إتخذت الإسلام وسيلة للحكم، فلا تستطيع فرض سيطرتها وقبضتها دون رادع ديني.

وهذا ديدن أنظمة الحكم منذ فجر التأريخ، فجميعها تجعل الدين أداة للحكم، فكانت الآلهة تحكم، وأبناؤها، وأنصاف الآلهة، وغير ذلك

وأول المؤسسات العامة التي شيدها البشر المعابد، التي يخضع فيها الناس لإرادة عليا قوية.

وفي عصرنا تحول الدين إلى مؤسسة سياسية، مجرد من جوهره الروحي، وكأي حزب له أب روحي ومنظّر لا يخطيئ، وعلى الجميع أن يتحرك على إيقاعه، لأنه يمثل رب العالمين وعلى الجهلة أن تستكين!!

وحشر مع الناس عيد منهج المغفلين!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم