أقلام حرة

صادق السامرائي: الإبتكارية!!

إبتكر: أنشأ أبدع ما هو غير مسبوق

ثقافة الإبتكار تكاد تكون غريبة في مجتمعاتنا، بل ومستهجنة، ويُحسب أصحابها من المجانين أو (المخابيل)، من الخبل: فساد العقل.

في صباي كان جارنا من المخترعين الأفذاذ، فهو قادر على تصنيع أية فكرة، وكان المجتمع يصفه بالمجنون، بل ونبذه، فاعتزل في الريف.

وذات يوم كنت في مستشفى الكرامة، أدير العيادة الخارجية للأمراض النفسية والعصبية، وإذا بإمرأة تأتيني بشاب في مقتبل العمر، تريد علاجا لجنونه، وعندما تحاورت معهما وجدت أنه من المخترعين النابغين، وأمه ترى ما يقوم به جنونا!!

في القرن العشرين تنبأ المؤرخ توينبي في كتابه تأريخ البشرية، أن قدرات البشر الإختراعية والإبتكارية ستتعاظم وتتسارع، لزيادة العدد وإطالة العمر، وتوفر الفرص اللازمة للتعبير المادي عن الأفكار، وقد صدق في توقعاته وقراءته للتأريخ.

ومجتمعاتنا فيها مئات بل آلاف العقول المبدعة المفكرة، القادرة على تحويل الأفكار إلى موجودات فاعلة في الحياة، والعلة أن المجتمع وقياداته بأنواعها ذات أمية إبتكارية، ومرهونة بالأفكار السلبية ومتأثرة بالضغط الواقع عليها من قبل القوى المفترسة لوجودها.

فالسائد ثقافة إستهلاك وتبعية وعجز وشعور مروّع بالدونية، وعدم القدرة على المواكبة والتفتح والإنطلاق، وإن الأمة فاقدة للأهلية العلمية، ولا تمتلك طاقات إبداعية أصيلة.

وهذه فرية كبيرة، فلا فرق بين الأمم والشعوب إلا بقادتها وهممها وعزائمها وما تفكر به وتراه، فالأمم التي إنطلقت آمنت بقدراتها ورعت شبابها، وتبنّت أفكارهم وإستثمرت فيها وطورتها، لتكون مبعثا لقوتها وهويتها الحضارية المعاصرة.

وشبابنا وشاباتنا لديهم القابليات الإبداعية المتميزة، التي تؤهلهم لقيادة مسيرة الإبداع الإصيل المظفر في ربوع دولنا.

فالمطلوب قيادات تؤمن بإراداتنا الشبابية، وتوفر الرعاية المعنوية والإستثمارية لأفكارهم، وإبداعاتهم، فالعصر الذي نعيشه، عصر تصنيع الأفكار، ونحن أهل لهذا الإنجاز، وأجدادنا الأفذاذ قدوتنا وموئل ثقتنا بأنفسنا.

فهيا للإبتكار والإبداع الأثيل، يا قادة الدرب الطويل!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم