أقلام حرة

صادق السامرائي: العربية وما يُهذربون!!

الكثيرون يدّعون الدفاع عن اللغة العربية ويطعنونها من الخلف، وكأنهم يتوهمون بأنها ضعيفة ويحسبون ما يقدمونه عمل جليل للحفاظ عليها.

ولا توجد هكذا نشاطات في مجتمعات الدنيا، فلا الياباني يعيش وهم الدفاع عن لغته، ولا أصحاب لغات أخرى، بينما العربي يتمرغ بوهم الدفاع عن لغته، وبعضهم يلقي بمسؤولية ذلك على رب العالمين المتعهد بحفظها.

اللغة تعني الحياة، وتمثل البشر الناطق بها، وتعكس قيمته ودوره في المكان والزمان ، وهي كما يكون أهلها، فإن هانوا هانت لغتهم، وتعز بعزهم، وتتقدم بتقدمهم، فهي هم وهم هي.

الذائدون عن اللغة العربية متجهمون، ويبحثون عن معاذير بهتانية تعينهم على مزيد من الهذربة، فيلقون باللائمة على النحو، ويتناسون أن بعض قيادات الأمة لا تجيد العربية، وأكثرهم يتباهى بأنه يتكلم لغة أجنبية مع غيره من قادة الدنيا، وهو لا يفهم ما يقول ولا يعرف ما يقولون.

قادة الدول يتكلمون لغاتهم وإن عرفوا لغة غيرها، فذلك من متطلبات السيادة والإعتزاز بالوطن والأمة والهوية، ولهذا تجد المترجمين حاضرين في اللقاءات، أما بعض قادة دولنا فلا يخجلون عندما يتكلمون لغة أجنبية لا يدركون منها شيئا.

كم أبهرني الياباني الذي غضب عندما شكوت له عدم وجود مَن يتكلم الإنكليزية في مدينته، وكم أزعجني أن لا أجد مَن يتكلم العربية في دولنا الخليجية، فالخدمات يديرها أجانب وعليك أن تخاطبهم بالإنكليزية، أما العربية فينكرونها ويغضبون عندما تسألهم لماذا لا يتعلمونها.

أيها السادة الكرام، العيب فينا لا بلغة الضاد، ولا توجد لغة معيوبة، بل أن أصحابها بؤرة العيوب والذنوب.

العربية لغة راقية وجميلة، وذات قدرات تفاعلية وطاقات معاصرة، وأهلها يرزخون تحت سنابك الدونية والعدوانية على ذاتهم وموضوعهم، ويميلون للتبعية ويصدِّقون ما يصفهم به الآخرون، الساعون لإفتراسهم والإستحواذ على ثرواتهم.

فهل لكم أن تجيدوا التعامل بلغة الضاد، وتبتعدوا عن كيل التهم وإطلاق التبريرات والتحليلات السقيمة النكراء؟

وكم عز قوم بعز لغاتِ!!

*الهذربة: كثرة الكلام وبسرعة

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم