أقلام حرة

صادق السامرائي: هل يوجد مرجع فردي؟!!

"مراجعنا بأفرادٍ تماهت.. فهل حقا بما نظرت أصابت"

البشرية في عصر الطوفان المعلوماتي، والفوران المعرفي، وما يتراكم في أرشيفها المتنوع الينابيع، يفوق القدرات الفردية، فلا شخص يمكنه الإلمام بكل ما يتصل بميدان إختصاصه من العلوم كافة .

وبخصوص العلوم الدينية فالمتراكم فيها هائل جدا، لتفاعل الأجيال وتواصل عطاءاتها.

ولو دخلنا أي مكتبة مهتمة بالتراث الديني للإسلام لأصابنا الذهول من كثرة الموسوعات، التي بذل أصحابها بتأليفها معظم أعمارهم، فلكي تستوعب علوم الأولين والآخرين، تحتاج إلى ضعف عمرك  مئات المرات، وإلى دماغ قادر على التفاعل النبيه.

فهل يستطيع شخص لوحده أن يكون مرجعا؟!!

علينا أن نواجه الحقيقة المعاصرة بجرأة، ففي زمن قلة المعلومات كان الشخص قادرا على الإلمام بعلوم عصره، ويصبح مرجعا في بضعة سنوات، ولهذا وجدنا مراجعا في أعمار مبكرة.

أما في حسابات القرن الحادي والعشرين فمن التجني على أي علم، أن ندّعي بأن شخصا فردا هو المرجع فيه.

فالمرجع بتعبيرات القرن الحادي والعشرين، جمهرة من العقول المتبحرة في شأن ما إختصت به، ومع هذا فلا تصل للجواب الصائب وإنما تقترب منه.

وفي الإسلام من العدوان على الدين أن نحسب شخصا ما مرجعا، بل لا بد من مجلس علماء وفقهاء يؤلفون بتفاعلاتهم العقلية والفكرية والمعرفية الموّسعة، ما يمكن تسميته مصدرا فيه أرجحية من الموثوقية والإقتراب من جوهر الحالة المتداولة.

وهذا السلوك قائم في معظم الدول، فلكل حالة جمهرة من المستشارين العارفين بتفاصيل ومعطيات ما يتصدون له.

فالدول لا يحكمها أفراد كما نتوهم، وإنما مجالس عقول متنوعة الإختصاصات والإستشارات، تنطلق من مكامنها بجماعية ومنهجية وقدرات تحليلية رصينة ذات أدلة وبيانات واضحة.

فإلى متى نبقى في وهم الفرد المرجع، والفرد الأعرف ونهر العلوم يتدفق من حولنا، ونحن على ربوة بعيدين عن الأمواج وندّعي الدراية والجهل المروّع قائدنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم