أقلام حرة

شدري معمر علي: المثقف الحقيقي وبائع الوهم

وأنا أتتبع الحياة الثقافية منذ سنوات لاحظت نوعا من المثقفين الذين سجنوا أنفسهم في إطار الشهادة والرتبة العلمية وعندما تتأمل في تأثيره تجده خارج مجال الأحداث لا تسمع له صوتا ولا تقرأ له رأيا، فالمثقف الحقيقي هو الذي يتمثل أفكاره و يعيشها ويدافع عن قيم أمته ووطنه ، لا يصادم ما تعارف عليه المجتمع من مبادئ ومعتقدات وثوابت بدعوى الحداثة والتنوير فما أتعس هذا المثقف البائس المفلس الذي يثير الغبار والضجة بحثا عن شهرة ومجد كاذب!..

يبين لنا الدكتور نديم البيطار أهم ميزة تميز المثقف الحقيقي هو ليس الشهادة ولا عدد الكتب التي قرأها بل هو تمثل واستيعاب ما يقرا يقول: "الميزة الأساسية التي تميز المثقف الحقيقي، ليست الشهادات الجامعية العليا، ليست الدكتوراه، وليست حتى عدد الكتب التي يكون قد قرأها، بل هي استيعابه وتمثّله".

وأخطر مرض يمس عقل المثقف المزيف هو النظر إلى نفسه على أنه إنسان غير عادي، يعيش في برجه العاجي، يتكبر على أبناء مجتمعه، بل يتمرد عن كل مبادئ الدين والمعتقد فهو صاحب عقل نوعي مستنير كيف يتبع دين العامة من الشعب؟

يشير الكاتب الأستاذ دفع الله حسن بشير إلى هذا المرض فيقول: "ينظر المثقف الشرقي إلى نفسه على أنه إنسان غير عادي، ولا يشبه عامة الناس في شيء، وفي بعض الأحيان قد يتعالى عليهم بفلسفات محيرة كي يثبت تفوقه وسمو مكانته، فهو يرى في نفسه المنقذ الأول لمجتمعه من السقوط في براثن الجهل والتخلّف، والمدافع الأول عنه أمام السلطة السياسية، ودائما يشاع بين أوساط المثقفين، أن هنالك مشاكل وقضايا أوجدتها المؤسسات السياسية القائمة، أو هي نتاج للتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية، وأن الحلول لهذه القضايا يُمكِن استنباطها من المثقفين فقط ولا أحد غيرهم".

ولاننسى في الختام أن هذا المثقف المنتفخ زورا وبهتانا المدعي للتفتح الفكري على ثقافة الآخر مستعد أن يبيع نفسه من أجل حفنة دولارات و الفوز بجائزة تعوض له نقصه الفكري والروحي وانفصامه الشخصي..

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

........................

المرجع:

1- دفع الله حسن البشير، المثقف الشرقي المخادع الذي أنتجته الكتب، مدونات الجزيرة .

في المثقف اليوم