أقلام حرة

صادق السامرائي: التبريرية المطلقة!!

التبريرية من الآليات الدفاعية المعروفة التي ينتهجها البشر للإلتفاف على عدم الإقرار بما إرتكبه من سلوكيات سلبية أيا كان نوعها.

وفي بعض المجتمعات المنكوبة تتسيد هذه الآلية، وتتعزز بتصلدية فولاذية لا يمكن إختراقها، بأن الحال غير ما هو عليه، والبشر كما يرى نفسه لا كما هو واقع حاله المرير.

فالواقع الحقيقي والمعاش خيالي، والواقع القائم يتحقق التعامل معه بإنقطاعية مروعة.

وتجد سيادة الدفاعية المغلقة وعنفوانها، وحضورها الدائم والشديد في التفاعلاات القائمة بين الناس، وبينهم والآخرين من حولهم.

ولهذا تجد الناس تميل بقوة نحو الأنساب والتمسك العشائري والإندساس فيي الغابرات، وإستحضار الماضيات والتعامل مع الأموات على أنهم أحياء، لإرضاء وإقناع النوازع التي تشير إلى أن التبرير هو السلطان، والدفاعية المغلقة من الإيمان.

فلا يمكنك أن تنتقدني أو تشير علي بشيئ أو تحملني مسؤولية ودور في صناعة الحياة، إنها قدر مقدور وفعل مأمور، لا حيلة لي إلا التمسك بأنانيتي وتصوراتي السرابية عن نفسي وأحوالي.

وفي هذا السلوك يكمن العجز والقنوط والتخلي عن العمل والجد والإجتهاد، والإمعان بالتبعبة والذل والهوان، وعدم القدرة على التحدي والإقدام.

والسبب يكمن في الإنفعالية العالية والعاطفة المتأججة التي تشل الأذهان، وتمنع العقول من العمل على مواجهة المشاكل بعلمية وأناة وحلم وإتقان، وإنما هي المصدات والمعوقات والسدود التي تمنع جريان الرؤى والأفكار اللازمة للحياة الحرة الكريمة.

وبموجب هذه الصيرورة التفاعلية تدور المجتمعات في دائرة مفرغة من النكبات والتداعيات القاسية، التي تزداد شدة وإضطراما.

فهل من سبيل للتحرر من قيد الإنغلاقية والإطلاقية البائسة؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم