أقلام حرة

صادق السامرائي: المسميات والنص!!

فضاءات النشر الإليكترونية بأنواعها تعج بمسميات وعناوين، وتيجان وأوسمة ونياشين لا تعد ولا تحصى، وكل يريد أن يسمّي نفسه كما يريد، فهذا علاّمة، وذاك شاعر، وآخر ناقد وغيره كاتب، وكثيرون هم الباحثون والدكاترة والبروفيسورية، والألمعية والنوابغ وأوصاف أخرى ما أنزل الله بها من سلطان.

والبعض يحتج عليها، ويغضب وينفعل، ولا يوجد مبرر لذلك، فليسمي كلّ نفسه بما يرى ويرغب من الألقاب التي يراها تناسبه!!

ذلك أن الإناء ينضح بما فيه، فهذا يقول بأنه أستاذ في اللغة العربية، وينشر نصا محشوا بالأخطاء النحوية، فالنص يدل عليه وليس ما تسمّى به.

وهذا يقول بأنه الكاتب ويقدم مادة لا تفقه منها شيئا، ولا يجيد أبسط مهارات الكتابة.

وآخر يسمّي نفسه بالناقد، وعندما تقرأ له، يبدو المديح والمحاباة، فتعرف أنه لا يدرى من النقد إلا إسمه.

وغيره الشاعر، وما ينشره كلمات منثورة مضطربة، لا تصلح أن تكون نثرا، ولأنه سطرها بشكل ما توهم بأنها الشعر، وإياك أن تقترب من مملكته العصماء!!

وهذا مفكر، وتقرأ له الإجترارت المكررة المملة، وآليات التفكير البائدة، ولا يقدم جديدا، ويحاول أن يتصيد بلا مهارة ولا تجربة، ولادراية ذات قيمة معرفية، وقدرة إستنتاجية لما يتناوله، فيميل إلى الكتابات المشوشة الغامضة، ليوهم نفسه وغيره بأنه يفكر!!

وفي كل ما تقدم وغيره، لا يعنينا الإسم وما قبله، بل الذي يهمنا النص وما فيه، وكيف يقدمه صاحبه للقارئ، فالنص مرآة صاحبه، فضع أمام إسمك ما تشاء، فلن يساوي ذلك شيئا أمام نصك، الذي سيبوح عن هويتك الحقيقية، ومديات معارفك، وقدرتك على إستيعاب وهضم ما تتناوله، وهل إمتلكت أدوات التعبير عن الأفكار بالكلمات الواضحة الوافية.

إن بعض الأخوة يتحسسون مما قبل الإسم، ويتجاهلون النص، وهذا هو الإنحراف في التفاعل المعرفي السائد في مجتمعاتنا، فعلينا أن نعطي الأهمية للنص، لا للإسم الذي أنتجه.

فالنص يصنع الإسم وليس العكس، والنص يبقى وصاحبه يغيب!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم