أقلام حرة

عبد القادر رالة: ساطع الحصري والحملة الفرنسية على مصر

قرأتُ بضع كتب حول الحملة الفرنسية على مصر، وتكاد  كل تلك الكتب تُطري تلك الحملة وتؤكد على أن حملة نابليون بونابرت على مصر كان لها دور كبير في النهضة المصرية، وبالتالي على الشرق كله الذي كان يعيش عصور الانحطاط والتخلف تحت حكم الأتراك العثمانيين!

واعتقدتُ لزمن طويل أن ذلك رأي مسلم به في تاريخ العلاقات الثقافية بين الشرق والعالم، وهو لا يحتاج الى نقاش، إذ وجدته يتكرر في أكثر من مقال أو دراسة! وأي باحث أو دارس لتاريخ النهضة في مصر أو الشرق إلا وأشار الى الحملة الفرنسية، ويقول بعضهم انه اللقاء الأول بين الشرق والغرب! رغم أن العلاقات السياسية والحضارية بين مصر والغرب تعود الى أيام الصليبين ولويس العاشر، وتلك العلاقات لم تنقطع لا قبل حملة نابليون سنة 1798 ولا بعدها...

وكان للكاتب القومي الكبير ساطع ألحصري رأي أخر، وبـأدلته وحججه، في كتابه أحاديث وأراء في التاريخ والاجتماع، إذ يُحطم هذه المسلمة من الأساس، ويفندها ويصفها بوصفها الحقيقي وهو أن نابليون جاء الى مصر مستعمراً ضمن الصراع بين فرنسا وانجلترا في أطار حملة الاستعمار العالمية التي شاركت فيها أكثر من دولة أوروبية، وما كانت حملته الدموية تهدف الى أي شكل من أشكال النهضة، وما خلفته هو الدمار والقتلى والحرائق، ولم تخلف شيئا من أثار الحضارة أو التمدن!...

وفند دعاوي الباحثين الذين يقولون بآثار الحملة الفرنسية على  مصر ورد عليهم بالحجة والدليل ...

ــــ فالمطبعة دخلت مصر والشام قبل الحملة الفرنسية ...

ـــ فك الرموز الهيروغليفية  الفرعونية وحجر الرشيد... فشامبليون زار مصر سنة 1827، أي بعد ثلاثين سنة من نهاية الحملة وفشلها ...

ـــ أما التأثير الثقافي لفرنسا يكاد يكون معدوماً أثناء الحملة لأنها كانت مرحلة حرب استعمار تواجهها حركة دفاع عن الوطن قوية ...

ـــ الفرنسية مثل الانجليزية أو الألمانية أو الروسية فهي إحدى روافد الثقافة العالمية التي تنتشر في مصر أو غيرها من دول العالم أو بسبب أهمية الأدب الفرنسي عالميا ولا علاقة لها بحملة نابليون الاستعمارية...

***

بقلم عبدالقادر رالة

في المثقف اليوم