أقلام حرة

علي حسين: معالي الظل

ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق أننا نعيش في بلاد تحترم الديمقراطية والدستور ويحسب ساستها ألف حساب لمؤسسات الدولة، خصوصاً عندما يصرفون وقتهم الثمين في تصريحات من عينة "المحافظون سيستبدلون"، "والموازنة تحتاج الى وقت". والبعض منهم جعل من نفسه قاضي قضاة البلاد فأخذ يصدر القوانين على هواه، والغريب أن الكثير منهم يتعجب ويتساءل عن الرشوة والفساد وكيف يمكن اصلاح البلاد؟!.

بعد قراءتك لتغريدات ساستنا "الأكارم" ستدرك أن العراقيين نساءً ورجالاً يستحقّون الجنّة، لسبب أساسي، لأنهم يتعرضون للغش والخديعة صباح كل يوم، ولم يصابوا بالاكتئاب حتى هذه اللحظة!

للأسف يعاني معظم ساستنا من مشكلة عميقة مع العراقيين، فالمواطن رغم ما يبديه من إخلاص ورغبة في متابعة تغريدات وتصريحات "أصحاب المعالي والفخامة "، لا يبدو أنه، يستطيع حلّ ألغاز ما يقولونه، فحتى هذه اللحظة لم يخرج علينا سياسي ليخبرنا كيف ضيعنا أكثر من تريليون دولار في مشاريع وهمية.

من يفتح سجل العشرين عاماً الماضية؟، من يحاسب الذين أصروا على تحويل العراق إلى دولةٍ أصابها الفشل، وتربعت على عرش الدول الأكثر فساداً وخراباً؟ من يحاسب مسؤولين في دولة سلكت نهج السلب والنهب؟ كيف يستطيع السياسي أن يتحدث عن النزاهة في دولة دشّن فيها عصر التنمية بفضائح مليارية كان أبطالها فلاح السوداني وأيهم السامرائي وحسين الشهرستاني وعشرات من هذه العينة التي تنعم الآن بالأموال التي نهبتها في وضح النهار وتحت سمع وبصر معظم السياسيين.

اليوم نعيش مع ما يسمى "معالي الظل وفخامة الظل " الذي لا منصب رسمي له، لكنه يتحكم بمقادير البلاد فلديهم مكاتب ظل، ورواتب ظل ومخصصات ظل، وسيارات مصفحة ظل، وحمايات ظل، وبدل إيجار وسفر ظل. ويؤسسون لمفهوم حكومة الظل، تمارس سيطرة على الحكومة . قد نفهم حين تفشل بعض القوى السياسية في الحصول على مراكز في الدولة فأنها تسعى لتشكيل معارضة قوية، تحاسب، وتوجه اللوم وتراجع أوراق الحكومة بدقة، ونفهم ايضا أنه حين تكون هناك معارضة حقيقية فأنها تناضل من أجل حقها في ممارسة دور سياسي فاعل وأنها تلاحق خصومها بالقانون، معارضة ناضجة تمتلئ بأصوات قادرة على مواجهة الحقائق وتحمل تبعات التنافس السياسي، لا رجال ظل يخرجون في الفضائيات يحددون ما يجب ان يجري وما على الحكومة ان تفعله ، ويشهرون كل أسلحتهم من أجل تنفيذ خططهم السياسية بعيدا عن مؤسسات الدولة، ليكتشف المواطن في النهاية ان الحكومة لا حول ولا قوة لها .. اعزائي اصحاب المعالي الظل، المواطن المسكين مثل جنابي محتار يصدق من: الحكومة التي شكلها البرلمان، أم السادة اصحاب "الظل" من المعالي والفخامة؟.

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

في المثقف اليوم