أقلام حرة

احمد فاضل المعموري: معارضة عايشتها.. واقع سياسي

سنة 2000 وعند اشتداد أزمات العراق الداخلية والخارجية، اقتصاديا وسياسيا ونحن ندخل النفق المظلم تحت حصار قاسي واجهه الشعب العراقي، تواجدت ما يسمى بالمعارضة العراقية في سوريا الحبيبة وشعبها الذي ساعد الكثير من العراقيين حكومة وشعباً بالسماح بالعمل والإقامة دون قيد او شرط، عكس باقي الدول التي اتخذت سياسة حازمة منعت فيه العمل أو الإقامة .

فكانت المعارضة العراقية تعمل تحت الغطاء الديني بشكل صريح وعلني بتشكيلات إسلامية (حزب الدعوة ومنظمة العمل الإسلامي والحركة الإسلامية) مع بعض الشخصيات الذين يمثلون وكلاء لمراجع الدين في لبنان وايران ولكن وخلال فترة ليست بقصيرة لم تظهر أي ملامح للعمل السياسي الحقيقي حتى الاجتماعات الحزبية كانت معطلة ومقصورة على الشخصيات القيادية المعروفة فقط وكان العمل يجري بشكل سري لا أحد يعرف عنه شي، ولكن المشاهدات الحياتية اليومية أثبتت أنه عمل هامشي ولا يصب في صالح المشروع الوطني ويتلخص بأغلب المتواجدين ضمن المنطقة الجغرافية المحصورة كان يعمل بالبيع والشراء اليومي (التجارة) وعمليات التهريب التي كانت تجري تحت مسمع ومرئ القوات الأمنية من خلال تهريب الأشخاص ضمن الخط العسكري الى لبنان – بيروت بدون المرور بعملية التفتيش،للعيش والعمل في المنطقة الجنوبية أو لأغراض أخرى .

وهناك الكثير من الذين يعملون بعمليات التزوير والترويج لها من خلال تزوير جوازات السفر بعد تبديل الصورة ووضع صورة للشخص الذي يريد السفر خارج سوريا طلباَ للجوء الإنساني وهناك مجموعات لشراء وبيع هذه الجوازات ولكل جواز سعر خاص، عند فترة الظهيرة، يكون اغلب العراقيين متواجدين في الحسينية الزينبية الشيرازية التي تقوم بتوزيع  (التمن والقيمة) والأكل بعد أداء صلاة الظهر ثم تغادر هذه الجموع الجائعة الحسينية والذهاب للراحة كل حسب حاجته للسكن أو العمل.

أما فترة المساء فكانت مخصصة للخطب الدينية وكان الشيخ الخطيب الحسيني (عبد الحميد المهاجر) الذي كان متمكن ماديا في ظل الأوضاع الاقتصادية وكان أغلب الذين يحضرون للاستماع الى محاضراته البكائية والتي تستمر ساعة أو أكثر بعدها يأتي دور الملة باسم الكربلائي أو ملة جليل الكربلائي أو أي رادود أو ملة أخر يحل بديلا عنهم بعد أن تتشكل حلقات دائرية استعدادا للطم بصدور عارية استذكار لمقتل الحسين (ع)، وهكذا ينتهي يوم أخر في مسيرة المعارضة الوطنية بمراسيم عاشوراء اليومية، والنظر لقيم الماضي كأنها واقع حياة يومية أن ردة الفعل كانت تشعرنا بالصدمة أن هذه المعرضة تتقمص اسم المعرضة من اجل المنافع الشخصية ولا تملك مشروع سياسي وطني فكان الحكم عليها أنها لا تمثل المشروع العراقي وإنما تمثل نفسها. وفعلا بعد ستة اشهر من الضياع الفكري والمعاناة النفسية وتأنيب الضمير حول هاوية الضياع في الداخل بعد أن تم تضيق الخناق على كل فكر مخالف لفكر حزب البعث العربي أو فكرة التعبير عن قبول رؤية جديدة، فكان الخوف يملا قلوب الكثير من الوطنيين أن يكون البديل هزيل ولا يملك مشروعاَ والنتيجة أن التغير سوف يحصل دون أن تكون هناك معارضة سياسية وطنية تدافع عن قيم الشعب العراقي والتخطيط لمشروع أسقاط الدولة يسير على قدم وساق،بعد أن استحوذ الإسلاميون على فكر المجتمع دون معاناة او تنازل عن الأفكار الداخلية التي يؤمنون بها، والوصول للحكم الذي مكنهم من السيطرة التامة على حكم العراق والمؤسسات الحكومية  تحت بمبدأ الديمقراطية المزيفة بالألية للوصول دون الفلسفة التي يرفضها هؤلاء المتعصبين لمنهاج الدول الحديثة والرافضين لها، فحل الخراب.

***

احمد فاضل المعموري

في المثقف اليوم