أقلام حرة

سراب سعدي: هاجس الديمقراطية في الدول النامية!

كثيراً ما نسمع ونقرأ عن الديمقراطية التي تجعل العالم مكاناً يتسم بالرفاهية والحياة الرغيدة، وتعتبر اليونان هي مسقط رأس الديمقراطيات وذلك ما بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد وجاءت التسمية من demos بمعنى الشعب وكلمة kratos بمعنى السلطة و من خلال ذلك يظهر المعنى الحقيقي للديمقراطية على انها السلطة والشعب أي أن السلطة تستمد قراراتها وحُكمها من الشعب بعدما تتطلع على أراءه واحتياجاته ، ومرَّ العالم بتغيرات كثيرة وبعد قرون عديدة عادت الديمقراطية مطلباً للشعوب وبدأت أنظمة الحكم تتغير لتتماشى مع متطلبات الشعوب وبدأت تقسم السلطات وكذلك تشكل اللجان التي تُعنى بهذا الجانب خاصة في الدول الأوروبية وقد نجحت هذه التجربة فيها لكن ليس في كل البلدان وإنما في البعض منها وتأتي النرويج في المقدمة إذ أن نسبة الحرية المدنية فيها قد يصل إلى 9.75 وذلك حسب المؤشرات لهذا العام وهي نسبة ممتازة وكذلك الحال في ايسلندا وغيرها من الدول ، لكن السؤال الاساسي الذي يتبادر للأذهان ماهي المبادئ التي تقوم عليها الدول الديمقراطية ؟ ، الديمقراطية تقوم على عدة خصائص وأهمها هي وجود نظام سياسي يتشكل من عدة أحزاب تمثل جميع الأصناف والطوائف وحتى الأقليات مع وجود بيئة تنافسية صالحة ومن ثم انتخابات نزيهة حرة بلا ضغوط أو إستعمال القوة أو الترهيب بحيث تكون شفافة وغير متلاعب بها ، كذلك مراقبة الانتخابات من قبل الإعلام والذي يكون حر ومستقل وغير متحيز ولا يخضع لسلطة الحكومة. أما عن المؤشرات التي نستطيع من خلالها تمييز الدول الديمقراطية عن غيرها فتكون من (0 إلى 10) وعلى أساسها تقاس النسب سنوياً وتحدد من خلال تطبيق الدول للمبادئ التي ذكرتها سابقاً بالإضافة الى تقييم عمل الحكومة المنتخبة ودورها في تحقيق الحريات للشعوب . بعد أن أوضحنا كل ما يتعلق بالديمقراطية هل من الممكن أن نعتبر الدول النامية من الدول الديمقراطية ؟ بدأت أغلب الدول النامية للتوجه نحو نشر فكرة الديمقراطية وأغلب البلدان بدأت بتطبيقها ومع وجود إخفاقات في تطبيق النظام الديمقراطي لكن المحاولات موجودة وتسعى لها أغلب الشعوب من خلال القيام بثورات ترفض الظلم والدكتاتورية وتجبر السلطات على العمل على أساس الحريات المدنية وتوفير الخدمات وعدم الاستئثار بالحكم، وبرغم ذلك فقد كانت هناك معوقات كثيرة أدت إلى فشل بعضها في تطبيقها لنظام الديمقراطية ومن أهم هذه المعوقات أو العقبات : سيطرة الحزب الواحد على النظام السياسي فيؤدي بالتالي إلى ضعف التعددية السياسية ، وكذلك خمول العملية الإنتخابية وتضييق دور المعارضة وأيضاً وجود التلاعب والتزوير في أغلب تلك الدول بالإضافة إلى السيطرة على وسائل الإعلام والتي من خلالها يتم تكميم الأفواه وسلب حرياتها . لهذا تحتاج الدول النامية إلى تهيئة أجواء مناسبة للوصول إلى صفوف الدول المتقدمة حتى تنعم السلطات والشعوب بالرفاهية والحرية والإنتعاش على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية.

***

سراب سعدي

في المثقف اليوم