تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: القيادة والإبداع!!

القيادة المتميزة تصنع مبدعين متميزين، وهذه ظاهرة متكررة في التأريخ البشري، وأمثلتها كثيرة، ومن دولنا مصر عبرت عنها بوضوح في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فالعلاقة بين القيادة والإبداع طردية، أي كلما كانت القيادة ذات طاقات تثويرية ومنطلقات وثابة، أوجدت ما يوازيها من المبدعين الذين يمثلونها، ويتوافقون مع إيقاعاتها التفاعلية مع التحديات.

القيادة المتميزة تصنع البيئة الموائمة لولادة المبدعين الكبار، ولا يولد مبدع في بيئة متردية، ذات مفردات ذل وهوان، فالإبداع مرآة بيئته، كالشجرة بحاجة لتربة طيبة صالحة للإنبثاق والإثمار.

فالذين يتوهمون بوجود مبدعين لامعين في مجتمعات القيادات المتردية المهانة، لا يستطيعون إستحضار الأمثلة والبراهين على وجودهم، وربما يتخيلونهم، ويمعنون بتصورهم وكأنهم يرون سرابا!!

نظام الحكم القوي مهما يكن نوعه وطبيعته، يتسبب بولادات إبداعية فائقة التأثير والقدرة على تشكيل إرادة الحياة.

فأبو تمام، والبحتري، والمتنبي، عاصروا قيادات فذة أطلقت ما فيهم من الكوامن الإبداعية، فكانوا كما نعرفهم.

والعقاد، سلامة موسى، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، يوسف إدريس، طه حسين، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، وأمثالهم، توفرت لهم بيئة قيادية متميزة، فتفاعلوا مع زمانهم ومكانهم بإبداعية متألقة.

وفي بعض دول الأمة رغم توفر الطاقات الإبداعية الهائلة، لكنها خامدة لا قيمة لها ولا دور، لأن البيئة التي وجدت فيها لا تساهم في رعايتها وتبرعمها وإطلاق مروجوها الغناء، فهي طاقات مكبوتة تتوارثها الأجيال، منتظرة توفر الشروط اللازمة لإطلاقها، فالطاقات الكامنة لا تموت، وستنبثق ذات يوم.

قد يرى مَن يرى، أن ما تقدم لا مسوغ له، فهل يمكن الإتيان بدليل على أن الأوساط الإجتماعية المتردية تساعد على تنمية بذور الإبداع والعطاء الأصيل؟

البيئة القوية تلد الأقوياء!!

البيئات الضعيفة تجعل الأقوياء ضعفاء!!

فهل من قدرة على بناء القدرات الحضارية اللائقة بجوهرنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم