أقلام حرة

عبد الخالق الفلاح: الربط السككي .. بين الرفض والقبول

يثير مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا والذي وضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منذ اسابيع، الحجر الأساس له اهتمام الصين قبل اي دولة اخرى والتي يحاول البعض تضعيف قدرة هذا الخط في دعم الاقتصاد العراق وصفحة جديدة للتعاون بين دول المنطقة والعالم و يمكن عبرهذا الخط نقل البضائع من والى الصين ومن ثم إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط بسرعة وربطه بمبادرة 'الحزام والطريق'، إذ يصل المشروع السككي بين خطوط مدينة الشلامجة الإيرانية في محافظة خوزستان وخطوط السكك الحديدية العراقية في مدينة البصرة، ويمر عبر مدن عراقية عديدة تساعد على إيجاد فرص عمل للأيدي العاملة  وينتهي عند ميناء اللاذقية في سوريا و إيران تحملت مسؤولية عن بناء جسر بطول 900 متر (953 2 قدمًا) فوق الممر المائي الذي يفصلها مع العراق لتسهيل مهمة انتقال المسافرين بين البلدين، والمعروف باسم ' نهر أروند' في إيران وشط العرب في العراق. وقامت إيران بالفعل بتوسيع شبكة السكك الحديدية الخاصة بها إلى الحدود وجادة في بناء الجسر فوق الممر المائي الذي تعهدت بناءه. أما بالنسبة للعراق فإن استكمال هذا الخط والذي يربط بين البصرة و شلامجة هو جزء من خططه الخاصة لمواصلة تطوير خطوط السكك الحديدية و السعى لإنشاء خط سكة حديد بطول 1,200كيلومتر (745 ميلًا) و بكلفة 17 مليار دولار وهو موازٍ يربط بين ميناء الفاو الجنوبي في محافظة البصرة بتركيا، والذي من المقرر أن يكتمل بحلول عام 2025  ولكن لا يزال بنائه  ضبابي ليس سهل المنال في ظل الظروف الحالية التي جعلت من ان الحكومة تهتم بالأمور الداخلية مثل الخدمات واعادة البنية التحتية التي أهملت في السنوات الماضية بسبب الفساد ، والجوانب و القضايا التقنية، و قد يكون للطرق البديلة الأسبقية. وفي ظل هذه الخلفية، قد تمر سنوات قبل أن يتمكن المسافرون من عبور الممر المائي الذي يقسم إيران والعراق بالسكك الحديدية ، فبالإضافة إلى ارتباط هذا الخط بمواقع مهمة أخرى في البلاد مثل  العتبات المقدسة في بغداد وكربلاء والنجف وسامراء ومن محافظات اخرى، يمكن أن يصبح  هذا الخط جزءًا من شبكة دولية أوسع ويمكن أن يساعد هذا في زيادة عدد السياح بما في ذلك زائرو الأماكن الدينية ما سيستقطب عددًا أكبر من الزائرين ويدر أموالًا أكثر على البلاد، فمن المتوقع أن يتم بناء خط سكة حديد يغطي مسافة 32 كيلومترا (20 ميلًا) من البصرة حتى الحدود وكذلك من خلال المشروع   تطوير الطرق الدولية مع إيران، أفغانستان وباكستان وتركمانستان وطرق أخرى قد تصل إلى ميناء اللاذقية على ساحل البحر المتوسط في سوريا. وتعد السكك الحديدية مركزية لممر ناقل دولي بين الشمال والجنوب، وهو مشروع طموح يسعى لربط الهند بآسيا الوسطى وروسيا عبر إيران ، و يحمل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الكثير من الوعود لطهران التي تضاعف اهتمامها به في ظل العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

والغاية من المشروع هو الممرين البحري والبري لطريق الحرير البحري يمتد من شمال الصين إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأحمر، والطريق الآخر يمتد من الصين إلى موانئ إيران الجنوبية التي تتمتع بموقع جيوستراتيجي مهم، ومنها تشحن البضائع، أما الطريق البري فيمتد من جنوب الصين إلى كازاخستان ثم آسيا الوسطى ثم غرب إيران، ومن غرب إيران تتفرع ثلاثة طرق أحدها يذهب إلى إسطنبول ثم إلى أوروبا والآخر إلى أذربيجان. أما الطريق الثالث الذي يهم العراق، وهو الذي يربط إيران مع العراق وسوريا، هو الطريق الوحيد الذي يربط بطريق الحرير، أو من خلال ميناء الفاو الكبير”.

وخلال شهر نيسان/أبريل الماضي، زار وزير الطرق والبناء الإيراني مهرداد بذرباش دمشق  لهذا السبب من اجل التنسيق للبدء العمل بالمشروع، وربما تريد الصين المضي قدماً بهذا المشروع اليوم أكثر من أي وقت مضى، بعد إطلاق مشروع الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي عبر الشرق الأوسط خلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت مؤخراً، والغرض من الممر هو منافسة مشروع 'الحزام والطريق'، وفي إطار آخر، من المحتمل أن تكون الصين راغبة في المجازفة والعودة إلى الاستثمار في قطاع النفط في سوريا واستكشاف آبار جديدة. وللشركات الصينية  العائدة لها  حقول نفط في شمال شرقي سوريا الذي يتمتع بالحكم الذاتي ، وأجرت عام 2016 مفاوضات مع الإدارة الذاتية الكردية حول مستقبل حقولها، لكن المفاوضات لم تفضِ إلى نتيجة ، وربما تعيد الصين اليوم التفاوض مع الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها من الضروريات للاستمرار في عملها، ولكن نجاح المفاوضات أو فشلها يتوقف على مدى التدخل الخارجي بالذات واشنطن والتقائهم مع  مسؤولين في الإدارة الذاتية "و المسمات من قبلها" في شرق وشمال سورية والضغوطات على الحكومة العراقية من اجل اضعافها ،، ولكن رغم كل ما ذكر من أجل تنفيذ هذا المشروع المهم فإن الإرادة السياسية لقادة الدول ووجود جو خالٍ من التوتر بينهم أمر ضروري أكثر من أجل إكمال هذا المشروع والمشاريع المستقبلية التي تأتي الازدهار للمنطقة

***

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

في المثقف اليوم