أقلام حرة

صادق السامرائي: من هو الشيطان؟!!

هذا ليس إقترابا دينيا وإنما نفسيا بحتا.

عندما نتساءل عن ماهية السيطان الذي يتردد على مسامعنا، ونتعوذ منه دائما، تظهر أمامنا النفس الأمارة بالسوء، والتي أشارت إليها العديد من المدونات عبر الأجيال ومنذ أزمان غائرة في الأزل.

النفس الأمّارة بالسوء هي النفس الدونية المشحونة بالطاقات الرغبوية، والساعية للتحرر من أي رادع يمنعها بلوغ مآربها الأنانية البحتة.

وقد تصدت لها الرسائل الدنيوية والسماوية، وما أفلحت بالإنتصار عليها إلا بنسب متفاوتة، وهذه النفس تستعبد العقل وترغمه على الإتيان بما يبرر خطاياها.

فعندما نقارن بينها وبين ما نسميه "الشيطان"، نجد أن ما يتصف به يتمثل فيها، وما تقوم به يدعو إليه ويرغّب به، وكأنه هي، وهي هو.

إنها تعشق الرجس والفساد وسفك الدماء، والقيام بالموبقات، وتستدعي المشاعر الكاذبة بالقدرة على السيطرة، والتلذذ بنشوة ما تقترفه من الأفعال السيئة.

قد يقول قائل أنك تنفي وجود الشيطان، والتقييم النفسي للسلوك البشري يؤكد أن (الشيطان) قائم فينا، ويسخرنا لما يريد القيام به من شنائع الأعمال، ويجند عقلنا وطاقاتنا لتأمين الوصول إلى أهدافه، وهي ذات سوء شديد.

فالبشر مرهون بشيطانه الكامن فيه، وما إستطاع عقله وما عنده من الروادع والثوابت الأخلاقية من لجم جماحه، بل تراه مستسلما له ومذعنا لما وفره من قدرات لتعزيز مساراته العدوانية على ذاته وموضوعه، وبسبب ذلك تعاني البشرية من مصائبها النكداء.

ويبدو أن البشر لكي يحرر نفسه من سطوة تلك النفس، يدّعي بأن قوة ما دفعته لفعل ما إقترفه، ويعلقها على عنق (الشيطان )، ويتناسى نفسه الدونية المتحكمة بما يبدر منه من أقوال وأفعال!!

و"إن النفس لأمّارة بالسوء"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم