أقلام حرة
صلاح حزام: لم يُخلق الانسان ليكون حراً ابداً

إعتقدَ بعض المفكرين ان العمل والاضطرار الى العمل هو استلاب لحرية الانسان وتقييد لقدرته على التحرك..
لذلك كانوا يعتقدون ان ترك العمل والذهاب الى العيش في الطبيعة والاعتماد على ماتقدمه الطبيعة من مصادر للعيش سيكون بمثابة انعتاق للانسان..
البعض ذهب الى آلاسكا للعيش في البرد القارص والبعض ذهب الى اواسط الغابات والجبال لتحقيق نفس الهدف..
لكنهم لايستطيعون التحرر من الحاجات الغريزية التي تستعبد الانسان...
الذي يدفع الانسان للعمل (بيع قوة عمله) هو ضرورات العيش له ولعائلته، إن كانت له عائلة،..
ولطالما شتمتُ ولعنت ضرورات العيش عندما ارى بشراً يمارسون اعمالاً فيها اذلال واهانة وخوف وتملق وتحمل الاعتداءات..
وماذا يحصل لحاجاته عندما يعتزل الحياة المدنية ويتخلى عن الحاجات الكمالية ويذهب للعيش في البراري ؟؟
هل سيتوقف عن تناول الطعام وهل سيعيش عارياً وبدون تدفئة وبدون سقف؟؟
شاهدت افلاماً وثائقية عن حياة هؤلاء الذين يزعمون التحرر من قيود العمل، وهم يكافحون في البرد الشديد ويقاتلون الحيوانات البرية الخطيرة من اجل اصطياد سمكة او غزال او دب او التقاط فاكهة برية..
انهم يكافحون بشدة من اجل تشييد كوخ خشبي او صيانته واصلاح زوارقهم وقطع الاخشاب للتدفئة بعد سحبها في المياه المتجمدة..
بعضهم يقول انه يعاني من اوجاع الظهر واليدين والروماتيزم بسبب العمل الشاق والتعرض للبرد..
النتيجة كما اراها، انهم تخلصوا فقط من سلطة المدير وسلطة ساعات الدوام الصارمة، لكنهم وقعوا تحت سلطة الحاجة وسلطة الطبيعة التي لاترحم..
ابتلاء الانسان يرافقه حتى ذهابه الى القبر..
لقد ابتلي بالحاجات والتي يستطيع تقليصها فقط لكنه لايستطيع التخلص منها الا عن طريق الانتحار، وهذا ليس حلاً بالطبع !!
انه ابتلاء لادور له فيه، انه يشبه ابتلاء الولادة وابتلاء الموت الحتمي الذي لافرار منه..المسافة التي تتوسط الفترة بين الولادة والموت سوف تكون مشغولة برحلة من الكفاح والشقاء
والخوف من مجريات الحياة وتحدياتها من جانب ومن قلق الموت الذي قد يداهم الانسان في اي لحظة وفي اي مكان ولأي سبب.
***
د. صلاح حزام