أقلام حرة
ثامر الحاج امين: أخي.. في حركة حسن سريع

في الثالث من تموز عام 1963 شهد العراق واحدة من أغرب الحركات الانقلابية الجريئة ليس في تاريخه فحسب وانما في تاريخ المنطقة كلها تلك هي حركة الشيوعي الثائر " حسن سريع "، وتكمن غرابة هذه الحركة في طبيعة قيادتها وظروف قيامها وتطوراتها الدراماتيكية، فحسن سريع قائد الحركة المذكورة عسكري برتبة نائب عريف وكما هو معروف ان هذه الرتبة تقع في اسفل تسلسلات الرتب في العسكرية العراقية وهو ذو تعليم بسيط لكنه كان يتمتع بالشجاعة والاقدام وبروح ثورية قل نظيرها علاوة على الجرأة والمغامرة والايمان العالي بعدالة قضيته حيث تمكن هذا الثائر مع مجموعة قليلة من رفاقه التخطيط والتنفيذ لثورة كادت تغير وجه العراق السياسي، حيث استطاع السيطرة على معسكر الرشيد وثم أسر الرموز السياسية واصحاب المناصب العليا في الحكومة العراقية آنذاك وذلك عند حضورها الى معسكر الرشيد للوقوف على حقيقة ما حدث، وكادت الحركة ان تحقق اهدافها وتنتزع السلطة من أيدي انقلابيي شباط 1963 لولا تردد حلقة صغيرة في تنفيذ الواجب الموكل اليها والتي تسببت في اجهاض تلك الانتفاضة التاريخية، كما ان الحركة وقعت في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد حيث جاءت وسط جو مشحون بالخوف والاحباط نتيجة الترويع وحمامات الدم التي شهدها العراق عقب انقلاب شباط 1963 . وطيلة عقود طويلة ظلت اسرار هذه الحركة خافية على الكثير من العراقيين والعالم ولكن بعد عام 2003 أخذت المنظمات السياسية والقوى الديمقراطية تقيم الجلسات المخصصة لاستذكارها وتستضيف الرجال الذين ساهموا فيها وعاصروا احداثها، وصادف ان كنت حاضرا جلسة اقامتها منظمة الحزب الشيوعي في الديوانية كانت مخصصة لاستذكار حركة حسن سريع وأثار انتباهي حديث احد الشيوخ الذين عاصروا احداثها وكان يتحدث عن ابرز رجالات الديوانية الذين شاركوا فيها وذكر من بين المشاركين اسم أخي (احمد امين 1942 ــ 2014) وقد فوجئت بهذه المعلومة التي ظلت سرا لم يتحدث عنها يوما أخي الكبير الذي كنت قريبا منه جدا وسرعان ما قدحت ذاكرتي واستحضرت وقائع ذلك اليوم الحزين من عام 1963 وكنت حينها صبيا في الثامنة من عمري حيث تجمعت العائلة في البيت الكبير وقد علا وجوهها الوجوم والقلق وهي تترقب اخبار الاخ الذي اعتقل وهو عسكري في معسكر الرشيد ولأسباب لم أدركها في ذلك الحين بسبب صغر سني وبعد انتهاء الجلسة المذكورة سارعت الى دفتر خدمته العسكرية فتأكد لي صحة المعلومة حيث ثبّت فيه تاريخ الاعتقال واسبابه، وما أثار حزني بعدها انه في حياته لم يذكر او يتحدث لي عن طبيعة مشاركته في تلك الحركة كي استطيع الحصول منه على وقائع حقيقية من شاهد كان احد ابطالها لكن للأسف رحل أخي حاملا معه اسرار تلك الملحمة البطولية التي حجزت لها صفحة مضيئة من تاريخ العراق .
***
ثامر الحاج امين