حوارات عامة

حوار مع رئيس رابطة الكتاب العراقيين في استراليا الكاتب والباحث مصطفى كامل الكاظمي / سلام السماوي

وعن متابعات دؤوبة لتجذير الهوية العراقية والتوجه الى العمق العراقي .. وغيرها من مواضيع تهم الحالة العراقية في استراليا..  تجاذبنا فيها الحوار مع الكاتب والباحث العراقي  مصطفى كامل الكاظمي/ رئيس رابطة الكتاب العراقيين في استراليا فشرعنا بالسؤال التالي:

 

س1: الكاتب والباحث مصطفى كامل الكاظمي رئيس رابطة الكتاب العراقيين في استراليا ممكن ان نتعرف على هويتك؟

ج - اسمي الاعلامي مصطفى كامل الكاظمي وهو اسم حركي يعود للثمانينات مذ كنت معارضا لنظام صدام التكريتي. لم اترك الكتابة التي بدأتها نهاية الستينات ثم شغفت بها مطلع السبعينات بعمود ثقافي في صحيفة الجمهورية. كتبت في صحف ومجلات المعارضة الاسلامية وكنت سكرتير تحرير صحيفة لواء الصدر ومسؤول مركز ثقافي. لي نتاجات كتابية ومساهمات اعلامية كثيرة. منذ العام 2002 انا في استراليا مع مهمة القلم وقد أسست مع مجموعة من المثقفين العراقيين رابطة الكتاب والمثقفين العراقيين في استراليا ولها موقع الكتروني ناجح يرأس تحريره الاستاذ شوقي العيسى وباشراف جنابكم الموقر. وهو موقع ثقافي سياسي حر لا يمثل الا ارادة رابطة الكتاب النبلاء.

 

س2 - رابطة الكتاب العراقيين في استراليا، هل هي شاملة تضم كل مثقف وكاتب واديب في استراليا؟ وهل هناك دستور وضوابط للانضمام؟

ج - للرابطة نظامها الداخلي وهي رسمية تلزم الاعضاء ببنود نظامها ولم تك يوماً حكراً لفرد أو مجموعة ولا تنتمي الرابطة لاي جهة فهي تمثل نفسها. بدأ التأسيس بتسعة مثقفين مهنيين وتوسعت الى ما لم تتآلف عليه رابطة ثقافية حسب علمي حيث مئات الكتاب والمثقفين والادباء والمبدعين والفنانين العراقيين والعرب سواء  داخل استراليا او من خارجها. وللرابطة مكاتب في بلدان متعددة منها الداخل العراقي، ولمن يرغب بتفاصيل ذلك فليتصفح موقع رابطة الكتاب العراقيين الالكتروني.

 

س3 - هل هناك من الكتاب والمثقفين في استراليا من قام بالاعتراض على تأسيس الرابطة؟ ما هي وجهات نظرهم؟

ج - ربما صُطدم البعض منخارج ميدان الكتابة لأسباب نفسية. لكني لا أعرف كاتبا إعترض على تأسيس الرابطة. بل العكس، فقد حظيت الرابطة بتأييد الكتاب والمدركين ومن رجال دين وكثير من المثقفين مع ان فيهم من لم يرغب بالانضمام الرسمي للرابطة لكنهم يحررون كتاباتهم في موقع الرابطة.

 

س4 - في الفترة الاخيرة قمت بزيارة لبعض الشخصيات العراقية منها سياسية ومنها ادبية واعلامية.. آخرها كان لقاؤكم مع سعادة السفير العراقي لدى استراليا ونيوزيلندا.. ما هي الامور التي اخذت حيزا كبيرا في لقاءاتكم؟ وهل تعتقد انهم في تفاعل مع ما طلبتم؟

ج - لقاءاتنا في الفترة الاخيرة، كانت لاجل التواصل مع عموم الحالة العراقية، ولفتح سبل مع قنوات لها اثرها في الحالة . لذا تحققت لقاءات ايجابية مثمرة مع رجال دين معروفين كآية الله الفقيه السيد حسين اسماعيل الصدر.. ومع فعاليات وكتاب وناشطين في مجال الكتابة والتأليف ومؤسسات اعلامية وجهات صحفية ونقابية كاللقاء الذي تم مع نقيب الصحفيين العراقيين الاستاذ مؤيد اللامي في مقر النقابة.. وكذا مع اساتذة اعلاميين منهم الدكتور علي عبد الحمزة وهو مدير مكاتب رابطتنا في العراق، ومدير اعلام المركز الثقافي في الكاظمية ومع فعاليات عديدة اخرى ناشطة في مجال القلم والفكر. كلها تركزت على التعاطي مع العراق وسبل التواصل الاعلامي والثقافي والمهني.

 اما عن لقائنا بالسفارة العراقية في كانبيرا، فقد بينه حوارنا مع سعادة السفير الاستاذ مؤيد صالح وقد نشر اللقاء في بوابات النت ومواقعه الالكترونية حيث تركز الحوار على تفعيل مطالبة رابطة الكتاب بايجاد قنصلية عراقية في ملبورن ومد جسر ثقافي فيما بين السفارة والقنوات الثقافية للجالية العراقية. وكذلك اجريت شخصيا حوارا اخر مع القنصل المفوض الاستاذ يعرب العنبكي سينشر قريبا.

 

س5 – شهدت حروباً شنها النظام العراقي السابق منذ ثمانينات القرن الماضي .. هل كان لها اثراً في كتاباتك؟

ج - أكثر كتاباتي موظفة ضد الظلم والارهاب، واشدها تقصّد الاداء الاجرامي المنظم للنظام السابق في العراق. وكنت أحد ضحايا ارهاب نظام صدام التكريتي في العراق و كذلك في خارج العراق مع تعرضي لضربة كيمياوية في جبال قره داغ بكردستان العراق عام 1986 كدتُ أفقد حياتي بها وقد فقدت بصري كليا لمدة عشرة ايام بتمامها.. كما اني رأيت الجريمة البعثية تذبح ابرياء كردستان وتفتك بالمظلومين في جنوب العراق واهواره. فكان لذلك وغيره عظيم الاثر على قلمي ضد الظلم والطغيان وضد ما هو فاسد وجائر.

 

س6 - اذا نشرت مقالا وعلق عليه كاتب او مثقف معروف، وقال انه سيئ؟ ماهو رد فعلكم؟

ج - الكتابة مشروع كبير لها أنساقها المتعددة ولها غاية خطيرة واحدة تهتم بالانسانية. وميدان الكتابة يتفاوت فيه الفهم والادراك من جانب المتلقي، لذلك يتعرض الكاتب للنقد دائما... وهناك كتاب واعلاميون وادباء منهم من فقد حياته بتصفية جسدية أو اغتيال.. وما اكثر الشواهد في بلاد الشرق وخاصة في العراق حيث استهدف الارهاب والجهل ارباب اليراع الشريف.

 الا انه متى ما وضع الكاتب في وجدانه أنه كشجرة مثمرة، والمثمرة وحدها التي ترمى بالحجارة فقد عدّ كاتباً. لابد للكاتب من سعة الصدر واحترام الاراء الاخرى وان عارضت افكاره.. فربما أتعرض لتعليق يسدد كتابتي في المستقبل. المهم ان أدرك ابعاد ما اكتب وافهم تعليق القارئ. على الكاتب ان يترك اثراً على الزمن لا ان يترك الزمن أثره عليه.

 

س7 – هل تعتقد ان الكاتب والمثقف عندما يتعمد الاثارة وافتعال أزمة في كتاباته سيعد ناجحا؟ ما هي عوامل نجاح الكاتب؟

ج - الاثارة الايجابية في الكتابة كالرعد في السماء يتبعه غيث، والإثارة السلبية كالشرارة قرب خزان وقود لا يتوقع لها إلا الدمار. والاخيرة مرفوضة ومحرمة. ومن لب العقل إثارة مكامن القوة البناءة عند المتلقي فرد كان او جماعة وهو هدف تعلمناه من حركة الانبياء عليهم السلام. اما الاثارة لاجل الشهرة فهي مهوىً ومنزلق سقط فيه كثير.

هناك امر رئيس يمثل لازمية الكتابة بالموقف وتلاحمهما وهو ما نسميه الثبات على المبادئ التي نؤمن بها ككتاب.

 

س8 - الكثير من الكتاب والمثقفين يعمدون الى الكتابة في اكثر من موقع وصحيفة، الا يعتبر هذا سلبيا من ناحية تشتيت الافكار؟ وبالتالي سيؤثر على عدم الاستمرارية؟

ج - طوى القلم والكتابة اليوم مراحل كثيرة باختزال ثورة الانترنت للوقت فصار النشر بضغطة زر تغطي فضاء المواقع الالكترونية في الشبكة العنكبوتية. وباعتقادي انه لا اهتمام ولا تقدير الا لنوع الكتابة وهدفيتها.. لا تهم مساحة نشرها. فلو نجحنا في عمود صغير ثابت في موقع مقروء فربما سنؤسس لتلاحم فكري يحقق ثورة في اعماق القراء نحو تغيير حالة ما. ولا ننسى ما للتجربة من دور في كيفية استقطاب القارئ سواء تعدد النشر ام توحد.

 

س9 - هل هناك فوارق بين الكاتب والشاعر؟

ج - الكتابة فكرة ومشروع والشعر إلهام وابداع فيه الفكر

 

س 10 - اتوجد علاقة بين الصحافة والكاتب؟

ج - الصحافة ميدان الكاتب وهي اعلام وتداول المعلومة، وقد استبدل التطور التقني ميدان الصحافة بمواقع الكترونية خفضت زحمة الجهد والوقت بشكل مذهل. من يعمل في هذا الاتجاه يسمى صحفي لكنه تعارف اليوم ان الصحفي هو الكاتب اي كانت كتابته. وهناك جملة من الكتاب عاكفون على التأليف وهناك مفكرون لا علاقة لهم بالصحافة كمهنة.

 

س 11 - برايكم هل ثمة خلل في عطاء الاديب العراقي تجاه الجيل الجديد؟

ج - دعنا نرتب السؤال الى عموم الكتابة، فسنفهم انها التعاطي مع المستقبل بأدوات الحاضر. اذ المستقبل يتمثل بالجيل الجديد. وليس في هذا اي تقليص لدور الادب في نشوء المستقبل الواعد. فهناك قصائد عبّرت عن ثورة قادها المستقبليون كقصيدة ابي القاسم الشابي الشهيرة "اذا الشعب يوما اراد الحياة،،، فلابد ان يستجيب القدر" وها انا ذا اليوم اقرأ للاستاذ الشاعر فخر العراق يحيى السماوي وهو يلاوي الصعاب فيضع جهده وجهاده في غد ناجز يستهوي جيلنا الجديد. فمن الاساسيات الإصرار على تحقيق المهمة والمساهمة ولو بقدر لتلك الصناعة المقدسة.

 

س 12 - ادباء العراق الان كيف ترى زمنهم؟ ما الذي يتوجب عليهم؟

ج - انا استمتع لنوع خاص من الشعر، الشعر الهادف بكل انواعه. هناك شعراء من العراق لازلت اقرأ لهم واتابع عطاءهم كجابر الجابري والسماوي، وادباء كنا نتأمل لهم بلوغ العنقاء في نصوصهم لكن للاسف قد أوهنت السياسة قرائحهم، و زوتهم كراسي السلطة عن الابداع فقتلت فيهم موهبة الشعر، ومثالهم الشاعر جواد جميل الذي غيرته السياسة الى حسن السنيد.

وحتى شعراء الشعبي فللكثير منهم ما بعد مرحلة نظام المشنوق صدام دور كبير واثر مهم في محاربة الواقع المر وكشف عيوبه ومحاولات جادة لايجاد منافذ سؤدد للعراقيين. لي مقالة قديمة منشورة بعنوان (الطاغية في نظم شعراء العراق) قارنت فيها بين من تخاذل من الشعراء الى الوراء وبين من فرّ بوطنيته ودينه نحو الامام لغد مشرق. فالشاعر سلاح ذو حدين بامكانه ان يذلّ طاغوت بقصيدة أو يعزّ طغيان بقصيدة.

 

س13 - هل توقفت مرة عن الكتابة بسبب عجزك وهل غاب الابداع عندك؟

ج - لم يحدث. لكن ربما توقفتُ عن النشر في موقع ما استهدافا مني لتنبيه محرره الى اسلوب تعاطيه معي ككاتب. مثلا وللاسف هناك بعض الزملاء من اصحاب المواقع المحترمة ينظرون للكتابة من زاوية محددة وبأبعاد يدخل فيها المزاج والقياس والجهة الداعمة والاتجاه الذي يؤمن به الموقع. فيخاصم قلم الكاتب ويتعادى مع أهلية النتاج واستحقاقه الكتابي وفقا لتناغمه مع هذه الزاوية الحرجة الضيقة. وبرأيي انها خيانة لمبدأ الحرية المستوفية.

 

س14 – ما هي  مرتكزات الكاتب الاساسية؟

ج - كثرة المطالعة والمتابعة والاحاطة بموارد التحليل والانتقاد واستشراف جواهر حواريات الافكار المختلفة: سياسة، ادب، فن، فكر، اجتماع وتأريخ، اقتصاد، دين وعقائد وغيرها. ولابد من التمكن من اللغة بالقدر الذي يؤهلك للكتابة. فكثيرا ما اقرأ لجملة عناوين في الكتابة اجدها ليست من الكتابة بشيء. اساس الكتابة الاتيان بالجديد وعدم سرقة ابداع الآخر بقنص او تلاعب. لا بأس باقتباس فكرة ثم تطويرها بانماط جديدة تضفي عليها روحاً تميزها عن الاصل او تطورها لكمال. وحتى القرآن الكريم مع ما فيه من فكر ونظريات وآفاق معرفية جمة فهو يحث على تأملها لإنزالها للواقع الملموس. فهي في مكامنها تحتاج الى تحريك والى من يستخدم آليات تليق بقيم القرآن الكريم، والى ابداعات صحيحة تتمكن من إستخراج لآلئه المقدسة. وبكلمة ان كل ذلك يحتاج الى مبدع يمتلك أدوات واعية حقيقية.

 

س 15 - اذا توجهت اليكم بسؤال: كيف تقيم نفسك كمثقف وكاتب؟

ج - كاتب نعم.. لكن مثقف؟ ليس لي ان اقيم ذلك.

 

س 16 - ماهو طموحكم في مجال الادب؟

ج - لست اديباً مع اني كتبت رواية  "التنين" منتصف الثمانينات وكتبت نصاً مسرحياً "عشاق الشهادة". ولي مؤلفات وردود عدة منشورة.

 

س17 - انت مقتنع بالذي انت عليه ام تطمح الى المزيد من التطور؟

ج - ليس لطموح الانسان حد وليس للكتابة اسيج، فالكتابة كالروح تسبح في فضاء طليق غير متناه. والكتابة كماء البحر كلما إغترفت منه شربة تزداد عطشاً.

 

س18 - ماهو السؤال الذي تتوقع ان اضعه امامكم ولا تميل الى اجابته؟

ج - ما رأيك بالكاتب الفلاني او الشاعرة الفلانية.

 

س 19 - ماذا يتعلق في ذاكرتك من كتب وكتابات وافكار اخذت منك الاهتمام؟

ج - كثيرة جداً، فمن الجيل السابق افذاذ الفكر الاسلامي والادب وهم كثيرون جدا. والى وقت ليس بالبعيد يتصدر الدكتور محمد البهي وكتابه "الجانب الالهي من التفكير الاسلامي" ااثر في اثراء فهمي. ومن جيلنا المعاصر لا يحصون، وكما ذكرت لك يحيى السماوي وكذا الشاعر الثورة احمد مطر وعملاق المواجهة فالح حسون الدراجي وغيرهم... الا اني أعتز بكتابات الاستاذ ماجد الغرباوي ومنها كتابه الذي اهداه لي بتوقيعه وقد قدمت له تعريفا متواضعاً بمواقع الانترنت والكتاب بعنوان "التسامح ومنابع اللاتسامح .. فرص التعايش بين الاديان والثقافات".

 

 في نهاية هذا الحوار الشيق والصريح اتمنى لكم دوام الموفقية وشكرا لاستضافتكم لنا.

 

 بدوري اشكر حضوركم متمنيا لكم المزيد من التالق وحياكم الله تعالى ...

 

حاوره السيد سلام السماوي

1-2-2012

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2017الاربعاء 01 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم