حوارات عامة

أحمد عبد المجيد يحاور عبد الحسين شعبان في خصوصياته

2428 شعبان وعبد المجيدرشعبان في خصوصياته.. بعيداً عن الإنشغالات الفكرية قريباً من واقع الحال – أحمد عبد المجيد

- روحي في بيروت وان سكنت النجف في قلبي

- الحب يأتيني كشلال ضوء ويكون له سلطان على القلب

مضى على آخر لقاء مباشر لي مع الدكتور عبد الحسين شعبان، اكثر من 18 شهراً . رأيته في بيروت التي كانت تشع بأنوارها وتغرق بلون البحر، الذي تحتضن امواجه كثيراً من الذكريات وتخفي اسرار ما كان يدور في حجرات فندق (سان جورج)، وحديثاً في شرفات فندق فور سيزونز، وفي احدى جولاتي مع الدكتور شعبان اطربني صوت فيروز المنبعث من مذياع سيارته، فتذكرت ان المفكرين وكبار الباحثين بشر ايضاً، تأخذهم العواطف الى تخوم الشباب وايام (الشقاوة)، ولم يكونوا بالجدية التي هم عليها اليوم، وبالانشغالات التي تصرفهم عن العناية –  احياناً –  بألوان اللوحة الماضوية التي هرب بريقها، فتحول الى حلم باهت لا ملامح له ولا اثر .

* ما يجمع اساتذتي في الإعدادية طيبة القلب وحب التلاميذ

* شغفي بالمرأة ينبع من رائحتها وابتسامتها وغنجها

* استمع الى فيروز ووردة وام كلثوم وأستمتع بالموسيقى الكلاسيكية

* إحتفظت بعلاقة ودية بالبياتي يوم تعرفت اليه في القاهرة مطلع 1969

* انا تعددي بإستثناء فلسطين والفقراء

* الأسفار ثلاثة والأخيرة سفر  التيه والحيرة

* حب الناس سعادتي والعمل وأسداء الخير مصدرها الأساسي

* هاجسي لا يتجسد بشخص بل بظاهرة الغدر

* السيرة الذاتية شديدة القسوة لكنها ليست هتكاً للاسرار.

2428 حوار شعبان 1

وقلت، في نفسي، ان هذا الرجل، وانا صامت جالس الى جواره في المقعد الامامي في السيارة، يعيش على اطياف من الذكريات، لكن لا احد نبش فيها ولا حاول اخراجها من القمقم يقول الاديب اللبناني جبران خليل جبران (أحترس من ذكرياتك، فالوجع يزورك مرة واحدة ولكنك لا تتوقف عن زيارته). وغالبا ما يعمد الذين يجرون حوارات صحفية معه، يستنطقونه بقصد استدراج فكره ورؤاه السياسية والفلسفية، متناسين ان قلبه مازال ينبض، وهو مفعم بالالم وسهر الليالي والحرمان، وان ملائكة الحب تحوم حوله، ولاسيما في خلوته او تحت تأثير كأس من النبيذ احتساه في ركن من اركان شارع الجميزة البيروتي، الضاج بالحركة والعنفوان والمزدحم بالسكارى والصبايا . وعملياً فان شعبان دأب على اختيار زاوية عند مطعم شعبي اسمه (مشاويش مار مخايل) يضع مناضده على قارعة الطريق، ويحرص شعبان على دعوة المقربين منه الى هذا المكان، لنفض متاعب القدوم من بغداد او الشام الى المدينة التي اتخذها محطته الاخيرة بعد ان جاب مدناً وعاشر عواصم .

* * *

بعض الاشخاص تتمنى لو انك لم تصادفهم في حياتك، وبعضهم تتعرف عليه وتمضي معه رهطاً من حياتك، ويمض وتمضي دون ان يترك في مشاعرك اثراً او في روحك بصمة . اما افضلهم على الاطلاق فهم الذين تهبط صداقتهم عليك من السماء، فترتبط بعلاقة وطيدة بهم فيتركوا في روحك عطراً وفي نفسك شذى الوفاء والقصص الحميمة . وعبد الحسين شعبان من هذا الطراز . وذات مرة قلت له، وانا على تواصل شبه يومي معه عبر الهاتف، (دكتور .. اعاتب نفسي احياناً بالسؤال، لماذا لم اتعرف اليك قبل عقود من الزمان ؟) . ويضحك معبراً عن سمات شخص نادر الوفاء يمزج المرح بصدق الكلام .

ويوم كنا نتجه الى (الجميزة)، الشارع الذي يروق له وسط بيروت، راودني فضولي الصحفي فرفعت عن علاقتنا بعض (الكلفة) واقترحت عليه اجراء حوار غير تقليدي، ليس كعشرات وربما مئات الحوارات التي اجريت معه واتسمت بجدية مفرطة تنظر فيها الاسئلة الى الحياة وكأنها فواجع بشرية وعنف مفرط وثأر تاريخي حسب، او كأنها تقتصر على رؤى ما ورائية، لا حيوية فيها ولا صفاء انساني أو كما يظنون انها حكاية تراجيدية تكشف وجودنا البشري الضعيف . رأيت ان يكون حواري مع عبد الحسين شعبان، الانسان والمفكر، صائد المفردات والمصطلحات والعابر من الكفاح بانواعه، الى المرح واللا شقاء بانماطه والسخرية من الاقدار، حلوها ومرها . وهكذا ولد جزء من هذا الحوار، بينما كان شعبان يمارس رياضة المشي، قرب انتصاف الليل، على رصيف كورنيش بيروت، تاركاً لساعة الكترونية يرتديها، قياس خطوات المسافة التي يقطعها ذهاباً واياباً كل يوم، اما الجزء الاخر فقد ولد في حضن الحجر الصحي من الجائحة، بعد اشهر من بقاء الاسئلة في الادراج، وسفر شعبان الى لندن، لتلقي الجرعة الثانية من اللقاح ضد كورونا:

2428 حوار شعبان 3

* ما الذي تركته من عقلك الباطن في النجف؟

–  الروح تسكن هناك، حتى وإن سكنت النجف في قلبي. وعلى غرار الموسيقار البولوني شوبان “العقل في باريس والقلب في وارشو”، أقول القلب في النجف والعقل مهاجرٌ. وإذا كانت باريس قد منحت شوبان الشهرة حيث تربّع على عرش البيانو والإبداع الموسيقي الكلاسيكي في القرن التاسع عشر، بعد باخ وموزارت وبيتهوفن، فإن وارشو منحته تلك الروح المتوهّجة، حتى توزّعت بين عشقه وموسيقاه.

* ما شكل الصف الدراسي الذي جلست فيه للمرّة الأولى؟

– مدهش بخشوع وناطق بالبهاء ومفعمٌ بأريج الأمل… إنه اللبُّنة الأولى التي قادتني لعالم المعرفة الشاسع والبلا نهايات.

* ما هو أول كتاب قرأته؟

– اعترافات أرسين لوبين “اللصّ الظريف”، ولاحقاً عرفت أن المؤلف هو الكاتب الفرنسي موريس لوبلان.

* ما هي أول قصيدة حفظتها؟

– ربما للشاعر معروف الرصافي التي يقول فيها:

أنا بالحكومةِ والسياسة أعرف/ أَأُلام في تفنيدها وأعنّف

عَلَمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمةٍ/ كل عن المعنى الصحيح محرّفُ

* ما هو أول وجه رأيته وما زال عالقاً في عقلك ووجدانك؟

– وجه الوالدة المنير نجاة حمود شعبان ووجه الوالد المشرق عزيز جابر شعبان، وحين أستعيد المشهد، فكأنهما انفلقا عن تكوينٍ واحد، وأصبحا جسمين ولكن بروح واحدة.

* صف لي معلماً تأثّرت به؟

– سأصف لك ثلاثةً لأنهم يكمّلون بعضهم البعض:

الأول – عبد الرزاق الساعدي، وهو أوّل مَن علّمني فك رموز الحرف (الصف الأول الابتدائي).

والثاني – رؤوف الشيخ راضي، الذي حبّبني باللغة العربية وبدرس الإملاء (الصف الثالث الابتدائي) وكلاهما في مدرسة السلام.

والثالث – الشيخ يحي الجواهري وهو أحد المتمكنين من اللغة العربية وفقهها، وقد درست على يديه في الاعدادية: النحو والصرف والاعراب وكتابة الشعر (الصف الرابع الثانوي).

وكان الأول سمحاً جداً، والثاني حازماً جداً، والثالث عصبياً جداً، وما يجمعهم طيبة القلب وحبّ تلاميذهم وتفانيهم من أجل تعليمهم.

2428 حوار شعبان 2

* أي الطيور أحببتها في صباك ولماذا؟

– الحمام والبلابل والعصافير وما زلت أحبّها لأنها أليفة وتغريداتها جميلة.

* ما الذي يُذكّرك بامرأةٍ شغفت بها؟

–  رائحتها وابتسامتها وغنجُها.

* هل تستمع إلى أغنيات الريف، ومَن هو مطربك الريفي الأول؟

– أحياناً… أحب الاستماع إلى مطرب الريف الأول داخل حسن، ثم إلى المطرب الشعبي للأغنية الحديثة الياس خضر.

* ما أنواع الموسيقى التي تستمع إليها؟

– الموسيقى الكلاسيكية وبشكل خاص سمفونيات بيتهوفن وموزارت وباخ وتشايكوفسكي ودفورجاك… وبالأخص أحب الاستماع دائماً إلى السمفونية التاسعة لبيتهوفن، والسمفونية الخامسة لتشايكوفسكي، والسمفونية الرابعة  لدفورجاك.

* وأي المطربين تستمع إليهم عادةً؟

–  فيروز بالدرجة الأولى، وأحب الاستماع إلى عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب وأم كلثوم ووردة الجزائرية.

* لماذا تميل إلى الشاعر الجواهري من دون سواه؟

–  أميلُ إلى الأدب بشكلٍ عام والشعرُ بشكلٍ خاص، وميلي إلى الجواهري الكبير لأنه أحد أبرز أركان الشعر الكلاسيكي في القرن العشرين، بل آخر عمالقته. وهذا الميل محكوم بالذائقة الشعرية من جهة، وبالعلاقة والصداقة التي ربطتني مع أبو فرات لنحو ثلاث عقود من الزمان من جهة أخرى. وقد سبق لي أن قلتُ وقبل التعرف المباشر على الجواهري أنه عاش في بيتنا (لأن كلُّ ما يخصّه وما كان ينشرُه من قصائد ودواوين وما يكتب عنه موجود في بيتنا، ويتداوله الأعمام والأخوال) كما كان معنا في مدرستنا الخُورنَق حيث كانت قصيدته التي حيّا فيها ثورة 14 تموز/يوليو 1958 مفتتح فصلنا الدراسي الأول، وهو موجود في مدينتنا النجف (واقعاً وليس مَجازاً) حيث نشأ فيها.

وللأسرة الجواهرية مكانة علمية منذ جدّه الأقدم محمد حسن صاحب كتاب “جواهر الكلام في شرائع الإسلام”، الذي اكتسبت منه الأسرة إسمها.

والأكثر من ذلك أننا عشنا في مدينتين حبيبتين لسنوات عديدة هما براغ في السبعينات، ودمشق في الثمانينات، وكنا على تواصلٍ مستمر، مثلما التقينا في لندن في التسعينات.

وقد أصدرتُ عنه كتاباً بعنوان: الجواهري في العيون من أشعاره” في العام 1986) بالتعاون معه)، كما أصدرتُ عنه كتاباً في العام 1997 الموسوم “الجواهري – جدل الشعر والحياة” (طُبع ثلاث طبعات).

* وماذا عن علاقتك بشعراء آخرين؟

–  احتفظت بعلاقة ودّية مع الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي تعرّفت عليه في القاهرة في مطلع العام 1969 وبلند الحيدري حيث عملنا معاً في إطار المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وكان عضواً في المجلس الاستشاري، وكذلك بعلاقة وثيقة مع الشاعر مظفر النواب والشاعر كاظم السماوي والشاعر رشدي العامل والشاعر والروائي فاضل العزاوي، كما ارتبطت بصداقة مديدة مع الشاعر سعدي يوسف، وهو “شاعر التفاصيل الصغيرة”، وقد غيّرت قصيدته منذ مجموعته الشعرية “الأخضر بن يوسف ومشاغله” 1972 ذائقتنا الشعرية، وآمل أن يتسع الوقت للكتابة عنه وهو المبدع الذي لا تُدرك بوصلته، وهو في نظري أحد أبرز شعراء الشعر الحديث بعد بدر شاكر السيّاب  وجيل الروّاد، ويشكّل مع محمود درويش وأدونيس أهم ثلاث شعراء عرفتهم اللغة العربية، منذ ستينات القرن الماضي، علماً بأنه غزيز الانتاج، شعراً وترجمة ونقداً، إضافة إلى رواية واحدة بعنوان “مثلث الدائرة”، وعشرات الدراسات ومئات المقالات.

كما كانت علاقتي وثيقة بعدد من الشعراء الشعبيين مثل شاكر السماوي وعزيز السماوي وكاظم اسماعيل الكاطع وعريان السيد خلف.

وأود هنا أن أنوّه إلى العلاقة المتميّزة مع عشرات من الأصدقاء من جيلنا والجيل الذي أعقبنا  وهم شعراء مرموقون، وبشكل عام اطلعت على الشعر العراقي بمدارسه المختلفة.

* كيف شربت كأسك الخمري الأول؟

–  مثل الريح الخفيفة المعطرة والمنعشة، وما زال طعم الكأس الأول لذيذَ المذاق وأشتاق إليه.

* هل تحنّ إلى صديق قديم أَثير إلى قلبك؟ من هو؟

– السيد صاحب جليل الحكيم صديق العمر والشيوعي الأول والأنقى متمنياً له الصحة وطول العمر.

* عدّد لي ثلاث صفات تتمنّى في كل إنسان؟

–  الشجاعة والأمانة والوفاء، وهي منظومة متكاملة وأي اقتطاعٍ لجزءٍ منها يخلُّ بالآخر.

* أيام السجن، ماذا كان يشغل بالك فقط؟

–  لم أسجن. بل اعتقلت عدّة مرات، وما يشغلني كان وما يزال هو المستقبل.

* أيّهما أقرب إلى قلبك… ابنتيك أم زوجتك؟

–  الإبنتان قطعة من قلبي وروحي، والزوجة من خارجه، ويمكن أن تدخل وتخرج، وهكذا هي الحياة. وتبقى مكانة الأبناء متميّزة.

* ماذا يمثّل الشقيق بالنسبة إليك، وهل وجدته فعلاً فيه؟

– التكامل والوفاء… نعم هو ما وجدته فيه.

* أي البلدان أحبّ إلى نفسك؟

– أنا تعددي كما تعلم باستثناء فلسطين والفقراء فأنا أحادي كما قال صديق عني. فبعد العراق (النجف وبغداد، الروح ومسالك الطير) الأقرب لي هي سوريا، وفي دمشق المدينة الناعمة كحرير الصين كان تكويني الثاني، وقد كتبت عنها نصاً أدبياً بعنوان “الشام هي التي علّمتني حب الصباح”، وأنا أردّد دائماً أنني “سوراقي”.

أما بلاد التشيك، ففي براغ تتقاطع طرق الحب وتلتقي جداوله، وكتبت نصاً أدبياً عنها بعنوان “براغ وثمة عشق”، ويبقى لبنان مانحاً الحواس عطراً وجمالاً، حيث الخزامى واللافندر، وفي بيروت يتجدّد العشق، هكذا هي أرخبيلاته وشواطؤه، وقد كتبت نصاً أدبياً عن بيروت حين تم تكريمي من الحركة الثقافية في أنطلياس.

* ألهذا السبب أنت في بيروت؟ ولماذا غادرت لندن؟

–  بيروت أقرب إلى المزاج، وأكثر دفئاً وألفة وحميمية، وهي ملتقى المثقفين والمنفيين والصعاليك والعشاق، أما لندن فرغم أيجابياتها خصوصاً الحرية والأمان، فإنها أبعد وأبرد، إضافة إلى ارتباطي بعقود عمل جامعية في بيروت منذ سنوات طويلة.

2428 شعبان وعبد المجيدر

* أنت كثير الترحال والأسفار.. أيهما تفضل ركوب البحر أم البرّ أم الجو؟

–  حسب ابن عربي فالأسفار ثلاثة:  “سفر من عنده وسفر إليه وسفر فيه”، وهذا الأخير سفر التيه والحيرة، وهو لا معنى له، وسفري شخصياً هو سفر الروح التي ظلّت معلّقة هناك، وهكذا تراني هائماً وغير مستقرّ، مرتحلاً مع كتبي وأسبابي ولواعجي.

وفي السفر فوائد كثيرة، فإضافة إلى المغامرة والاكتشاف ففيه الاطلاع على ثقافات الشعوب وحضاراتها. وهو تمنحك مرونة في التعامل مع الآخر، وقدرة أكبر على التسامح والتواصل والصداقة وكل ما هو مشترَك إنساني. وفي السفر اكتشاف للذات أيضاً وحسب الإمام الشافعي ففيها تفريج همٍّ، وقد يكون طلب علمٍ.

* ما أحسن رواية قرأتها؟

–  دونكيشوت لسرفانتس، وهي مصنفة من أعظم الروايات العالمية.

* ومن هو أعظم روائي؟

–  أستطيع القول دوستويوفسكي وتولستوي وماركيز. وهؤلاء من أفضلهم.

* وأفضل روائي عربي؟

–  نجيب محفوظ بالطبع، كما يعجبني عبد الرحمن منيف.

* وماذا عن أفضل روائي عراقي؟

–  أحب قراءة غائب طعمه فرمان ويشدّني فؤاد التكرلي وأستمتع بقراءة شمران الياسري “أبو كاطع”، وأقصوصاته وحكاياته.

* أي همٍّ يغمرك بالألم والأسى والحزن؟ وكيف تستطيع الهرب من انشغالاته؟

– أكبر الأحزان هو الظلم على المستويات كافة، وأشعر براحة نفسية حين أنتصر لمظلوم أو أساعد ضحية، وكم كنت منسجماً مع نفسي حين تمكّنت من مساعدة لاجئين فارين من العراق أو من عدد من البلدان العربية.

* مرأة… صحيفة… أم صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي؟

– تعدديتي متواصلة مع الكتاب والمرأة والنبيذ ورياضة المشي والصديق وهي متداخلة ومتفاعلة ومتراكبة، يكمّل بعضها بعضاً.

* ماذا تقول في الصداقة والصديق؟

– حسب أرسطو: الصديق إنسان هو أنت… إلاّ أنه بالشخص غيرك. والصداقة أفضل العلاقات الإنسانية. وأساسها كرم العهد والتضحية.

* هل أنت سعيد وما أبرز سمات السعادة في رأيك؟

– نعم سعيد جداً، وحبّ الناس وحب العمل وحب الخير هي مصدر سعادتي الأساسية.

* أي أغنية تطاردك أينما حللت؟

-أغنية الياس خضر والتي هي من ألحان طالب القرة غولي والكلمات قصيدة لمظفر النواب:

روحي ولا تگـلها شبيج ..وانت الماي

مگطوعة مثل خيط السمج روحي

حلاوة ليل محروگة حرك روحي

وعتبها هواي ما يخلص عتب روحي

ولا مريت ولا نشديت ولا حنيت

گالولي عليك هواي

ياثلج اللي ما وجيت

وأحياناً أغنية سعدون جابر وألحان كوكب حمزة، والكلمات للشاعر زهير الدجيلي:

عيني ياعيني ياهوى الناس

قداح وشموس وعصافير

ياليل ومعاشر نواطير

مرات ياخذنه الهوى اثنين

مرات تحضنه البساتين

ومرات تنسانه الدواوين

ومرات نسأل عالوفه وين

لكن هوانه .. هوى الناس

* والأغاني الأجنبية؟

– أغنية فرانك سيناترا Stranger in the night.

وأحياناً أغنية كارل غوت المغنّي التشيكي O MAMI وهو المعروف بصاحب “الصوت الذهبي”.

* وأنت تقود سيارتك هل ندمت على عدم الوقوف إزاء مشهد صادفك؟

– نعم، حين يعتدي رجل على امرأة تسير معه وسط الشارع أو يعنّف أحدهم متسوّلة سورية اقتربت منه، وهي التي قذفتها ظروف الحرب والحصار إلى الهجرة.

* هل ثمة شبح يطاردك أحياناً؟ صف لي شكله أم هواجسك منه؟

– لا يتجسّد بشخص، بل بظاهرة هي الغدر، وهي وسيلة الجبناء، ومنعدمي الضمير.

* كم مرّة وقعت بالحب؟

– لا يوجد تصنيف للحب وليس ثمة أرقام أو أعداد بالنسبة لي. الحب واحد، فقط تتقاسمه عدّة نساء، ولكل امرأة زمانها ومكانها، وحتى وإن تداخلت الأزمنة والأمكنة أحياناً، فيبقى الحب واحداً، وهو الذي ينتصر.

* وماذا عن الحب الأوّل؟

– لا يوجد حب أول وحب أخير، فكل حب هو أول بالنسبة إليّ، والحب واحد تتقاطع فيه الطرق وتتقارب المصائر وتتشابك العواطف وتختلط الأحاسيس.

* ما علاقة القلب والعقل بالحب؟

– العشق بالقلب وهو بالعين أيضاً، وحسب بشار بن برد بالأذن أحيانا، والقلب والحاستان أول العاشقين، أما العقل فهو يؤنسن العشق ويؤطره، فليست كل عين ترى، على حد تعبير ابن عربي، ويمكن القول وليست كل أذن تسمع.

وهكذا فالعشق ندى الروح وعطر القلب.

* كيف يأتيك الحب؟

– مثل شلال ضوئي وسرعان ما يكون له سلطان على القلب وفيه تتطهّر الروح، ويدخل العقل في حوار مع القلب، واتحادهما على موقف موحد، يبعث في المرء نوعاً من الطمأنينة والرضا، وحين أكون في مثل هذه الحالة تراني أنام بعمق، وأتنفس بعمق، وأعمل بعمق.

* هل هناك دين متسامح وآخر غير متسامح.

– الأديان أكثر رحمة وتسامحاً من البشر، والإنسان هو من يحاول أن يوظّفها باتجاه الشر والتعصب والتطرف والعنف والارهاب.

* هل تؤمن بالله؟

– علاقتي بالسماء قوية، وتأتيني إشارات غامضة باستمرار وأشعر معها بالطمأنينة والسلام، وكل ذلك خارج دائرة الطقوس والشعائر والغيبيات، وإنما هي علاقة روحية وجدانية عقلية.

* متى تكتب سيرتك الذاتية؟

– السيرة الذاتية شديدة القسوة على كاتبها وكذلك على القارىء وهي ليست هتكاً للأسرار أو انتقاصاً من الآخر أو فضحاً لخفايا النفس أو تلميعاً للصورة، إنها خلاصة تجربة قيمية وصميمية، وقد تكون فرصة للمراجعة خارج دائرة الإساءة للأموات أو إيذاء للأحياء. إنها فرصة تأمل وهدوء ونقد موضوعي.

* ماذا تتمنى؟

– أن يسود السلام واللاّعنف، وأن تنعم بلادنا العربية، بل والعالم أجمع، بالحرية والتنمية وأن نستطيع التعايش فيما بيننا على أساس المشترك الإنساني، وأن نسـهم كما كان أسلافنا في ركب الحضارة الكونية.

 

حاوره: أحمد عبد المجيد

 

في المثقف اليوم