حوارات عامة

حوار مع شاعرة الفيروز.. ريم قيس كبة

شاعرة الفيروز كما يلقبها الجميع.. متفردة في كل شيء

نخلة عراقية باسقة تزهى بحب العراق.. وقامة شامخة بديار الغربة..

ياسمينة فواحة تعشق دجلة والفرات.. تحمل الحياة والأمل في كل خطوة تخطوها.. وتدون صدى الوطن في كل كلمة. مسافرة في الاعماق، تطوي المروج والجبال بنبض الحنين المثقل بالعتاب لزمنٍ راقٍ أحتظر.. ولبلادٍ مضى إليها الأفعوان، فأمست أرضه ملحفة مغتابة فيها الدجى بارد كالجليد. 

 شاعرة ومترجمة عراقية مقيمة حاليا في المملكة المتحدة، ولدَتْ في مدينة بغداد، وتخرجت في الجامعة المستنصرية، كلية الآداب قسم الترجمة، عملت في الترجمة في دار المأمون للترجمة، ومع المنظمات الإنسانية في العراق، وتُرجمت العديد من قصائدها إلى أكثر من خمس لغات حية.

 شاركت في الكثير من المهرجانات والمؤتمرات العربية والعالمية..

ونالت عدة جوائز في مسيرتها الأدبية، تميزت نصوصها بالجمع بين كثافة الصور ورهافة المعنى،

وصدرت لها عدة مجموعات شعرية أبرزها:

"نوارس تقترف التحليق 1991"

"احتفاء بالوقت الضائع 1999 "

"أغمض أجنحتي وأسترق الكتابة 1999"

"متى ستصدق أني فراشة 2002"

"بيتنا 2009 "

"البحر يقرأ طالعي 2009 "

 "مساء الفيروز 2020 "

"قهوة بالمشاعر.. كلمات وحكايا 2021"

عضوة اتحاد الأدباء والكتاب في العراق.

حاصلة على مجموعة من الجوائز منها:

* وسام الشعر من بغداد

* الجائزة الذهبية الأولى عن مجموعتها الشعرية (احتفاءُ بالوقت الضائع).

* المركز الأول لجائزة أندية الفتيات في الشارقة عن مجموعتها (أغمض أجنحتي وأسترق الكتابة).

* جائزة الصدى في المرتبة الثانية في الشعر عن مجموعتها (أُنثى الكلمات)

 * جائزة الشعر في مسابقة المبدعين.

4155 ريم قيس كبة

* سيدتي الراقية.. هذا الكرنفال المتألق من الفيروز، تزيدينه جمالاً وغبطة للعيون وأنت تتجملين برونق حجر البهجة والتفاؤل كما كان يعتقد المصريّون القدماء، هل تشعرين فعلا أنه يؤثّر في الطاقة الإيجابية للإنسان إذ إنّ أغلب مكوّناتهُ من فوسفات النحاس؟

- قبل كل شيء

لا علاقة لي بمكوناته.. فأنا احب الفيروز لونا وحجرا لانه جميل ومبهج.. ويناسبني.. وانا متفائلة بطبعي وجذوري رافدينة فهل لكل هذا سبب؟ لا ادري!

* في عائلتك الكريمة يجود الشعراء والكتّاب في اروقة عالم الأدب والشعر والعلوم الأخرى، ما رأيك سيدتي.. هل الشعر موهبة ام انه وراثة؟

- قد يكون موهبة وقد تختزنه جيناتنا بالوراثة.. لكن لا زرع ينمو ولا شجر يعلو بلا رعاية وحرص واهتمام.. ولذا فجدية التعامل مع الموهبة هو ما يصقلها ويقوي جذورها ويعليها.

* عملت في مجال الترجمة لسنوات عديدة، هل وجدت في نفسك مَيلاً لقراءة الشعر الأنجليزي القديم أو المعاصر؟ وهل ألهم مشاعرك صوره كما الشعر العربي؟

- بالتاكيد.. ولولا التنوع في مصادر المعرفة والشغف لما كتبت ما كتبت.. ربما!.. الشعر الانكليزي شغفي مثلما هو الشعر العربي. وكل تجربة معرفية او حياتية لها ان تؤثر على ما نكتب دون شك.

* يوما ما كان لنا بلاد زاخرة عامرة، غادرناها قسراً.. وما ابشع ان ينتزع المرء من جذورهِ، كيف تنظرين للغربة بوصفك شاعرة في أرض تخلو من ملامح نخلة تتمايل وتتوق لفارس أسمر يناغي ربابته في اطراف البراري؟

-افتقد بلدي دون شك.. وافتقد حياتي الاولى وطفولتي وشبابي الاول.. واعزي روحي بسعادات صغيرة تلوّن يومي.. يكفي مثلا ان تبادر شخصية جميلة مثلك من بلدي لتسألني هذه الاسئلة فتعيد العافية لحنيني وترويه بشيء من امل.. بلادنا في داخلنا اينما ذهبنا.. فهي تسكننا انى سكننا.. وتنبض فينا تفاصيلها مهما اغتربنا. وقد يشعر المرء بالغربة وهو في بلده ولكنه اذ يبتعد قد يتحول البلد الى رمز اكبر من مساحة الجغرافيا.. واعمق في التاريخ.

* يقولون الليل وحي الشعراء، وأنيس الشاعر.. هل لديك اوقات مميزة للكتابة تبصمين فيها احاسيسك إذ تستوقفين التأريخ ليعانق الفرح خلجات المحن، فتسمو ارواحنا بدهشة قلمك؟

- لطالما كان الليل صديقي الحميم وشقيق روحي.. انا مخلوقة ليلية.. يغازلها الوحي من بين ثنايا ظلمته والتماعات نجومه ويذكي فيها الكلمات. لكن الكتابة لا تعرف زمانا او مكانا.. ولا تتصرف كضيف يختار ساعاته بتأن.. هي اشبه بمعشوق مدلل يحين ساعة يشاء ويغادر ساعة يسأم ولا حكم لي عليه!

* ما يستقطب أهتمام الآخرين بك هو تميزك بهواية مهارة تصميم ملابسك الفلكلورية الجميلة كلوحة مشغولة بفسيفساء غاية في الروعة والبهاء بالرغم من غزو صيحات المودة والأزياء العالمية.. هذه التصاميم الزاهية، هل هي أبخرة جذورك السومرية؟

- يسعدني هذا السؤال!.. الواقع انني احب ان اعكس هويتي وهوية بلدي وانا اقرأ الشعر.. لا احس انني ملزمة بتطبيق تعاليم الموضة العالمية ولا امضي خلف التقليعات بلا تفكير.. احس انه لابد لهويتي من لمسة اضفيها على مظهري الخارجي ناهيك عن انتمائي الداخلي للعالم الذي اتيت منه وربيت فيه. حين اعتلي منبر الشعر لاقرأ احس انني امثل بلدي.. وانا لا استطيع الا ان اكون نفسي. والملابس التراثية تريحني جدا وتجعلني احس انني في بيتي تحضنني مثل اهل وتدفئني وتقيني. هي وطني الذي اتفيّأ ظلاله واعشق دجلته وفراته.

* يقول الحلاج: إن الحلم حنين الواقع.. هل يمنح الحلم ريم قيس كبة طاقة لتحقيق أضاءة في نفق مظلم؟

- وما قيمة حياتنا دون حلم؟.. انا احلم لاعيش واقعي واصنع قدري.. واسعى ان اعيش حلمي كما  تمنيت له ان يكون. هذا هو ايماني وهذه هي عقيدتي في الحياة.

* عندما يتحدث الدمع بدلاً من الحرف، ما الذي يجول في خاطرك وافكارك خاصة فقدان إنسان غالٍ لن يعّوض، هل لديك طقوس خاصة لوداعهم؟

- الراحلون يعيشون معي.. الدمع تعبير اولي للفقد لكنه شيئا فشيئا يستحيل ابداعا.. ومن شكّل وجوده فارقا في حياتي لا يغيب عني.. بل يزيد تواصلي به حين يغيب. هل سابدو غيبية اذ اقول ذلك؟

لا طقوس عندي في الوداع، فطقوس اللقاء اهم واجدى.

* مواضوعاتك مطرزة كجمال ملابسك بالذكريات والحنين ومنسوجة ببعض الألم والشجون، وهذا الأغتراب الذي يعيش بحنايا خافقيك إينما ترحلين، كيف نشفى منه؟

- الحنين احساس جميل وايجابي بشرط وحيد ان لا يصبح هاجسا فيتحول الى مرض عضال لا شفاء منه. وهو منجم افكار والهام للابداع بكل صوره: قصيدة لوحة قطعة موسيقية ملابس اكسسوار وحتى اسلوب حياة. لكل لحظة في حياتنا طاقة كامنة يمكن ان تغدو ابداعا فقط لو اننا تعلمنا ان نحياها كما يجب.

* الماضي الذي يقتات حياتنا ولا يحيينا.. يخلد الذكريات في قلوبنا كترنيمة اشتياق، نحدق به وليس هناك سبيل أن نلمسه.. كيف هي صورة الماضي في عيون ريم قيس كبة؟

- كل ما نمر به هو تجربة تضاف الى المعرفة وتثري المنجز وتعزز الحكمة.

* هل استفرد البكاء قلبك في غفلة من عيونك؟

- مااكثر الاحزان والالم! ومع هذا احس ان الفرح اكثر! وساعات الفرح اولى بالذكريات من سواها.

* ما رايك بالشعر العربي حاليا،  ماذا توجهين للشعراء من نصائح ليكونوا كبارا؟

- لا احب النصائح.. والكبير لا يكون كبيرا الا بمنجزه. وفي الشعر كما في الرواية قد لا يهم ما يُكتب بقدر اهمية كيفية كتابته. اما فيما يتعلق بالمشهد الشعري فلعل وسائل التواصل الاجتماعي قد شوشت الرؤيا لكنها من جانب اخر فتحت الشبابيك والابواب للكثير من التجارب الجادة الحقيقية ان ترى النور. وانا مازلت متفائلة.

* ما تكتبين في قصاصة صغيرة يحملها لك نورس مهاجر إلى بغداد؟

- بغداد في روحي ماحييت.. ولست بحاجة الى نورس ان يحمل اليها رسائلي.

***

حاورتها: حنان جميل حنا

 

في المثقف اليوم