حوارات عامة

حوار مع الأديبة هدلا القصار

هدلا القصار:

المرأة الكاتبة بين فكي الاحساس بالدونية والخروج إلى الذات الثقافية والفكرية.

. العمل الأدبي والثقافي هو تاريخ ذكوري

- الكشف عن (الانا) عند المرأة مرتبط بالغواية واغراء الرجل. ظهرت مي زيادة كأول كاتبة بعد معاناة مريرة مع العقيدة. يكون الجمال سبة إذا حاولت المرأة استغلال أنوثتها من أجل الشهرة. اميل بشكل جنوني إلى الدبكة اللبنانية. الرجل هو من جعل المرأة لا تعترف بعمرها هي امرأة بصلابة قلب ناقد وخيال شاعر وجرأة كاتب ورقة الأنثى وصباحة وجوه البيروتيات وثبات الواثق وضحكة المنتصر ولوعة الطاعن في الحنين، درست في بداياتها الإعلام وبعد أن اشتد عودها وقويت شوكتها ومن دون ان علم العائلة دخلت الجامعة مرة اخرى ودرست الادب وتخصصت بالنقد وبعد نجاحها شعرت ان لديها ميول فطرية بعلم النفس، وعادت ودخلت الجامعة ودرست علم النفس ونحن اليوم أمام فارسة تمتطي صهوة الإعلام وتمارس النقد وسلاحها معرفة النفس البشرية وتقرض الشعر فتعالوا إلى دردشة جميلة جريئة مع تلك الناقدة والشاعرة واختصاص علم النفس الإعلامية اللبنانية الحسناء هدلا القصار..

- ما قصة مهرة الحكاية؟

* اولا هو عنوان ديواني الثالث الذي يحمل قصيدة بنفس الاسم وهي تحكي ملخص او اهم حكاية في حياة مهرة الحكاية، التي تمثلني لهذا اطلق علي لقب مهرة الحكاية.

وكما اطلق علي القاب عديدة منها "صنوبرة الارز" و"نبتة برية" وهو عنوان ديواني الثاني، المنسوب لقصيدة " نبتة برية" وهي كذلك امثل فيها غربتي بين اشجار النخيل والبعد عن الوطن.

- ما معني أسم (هدلا) في اللغة؟

* أولا أصل الاسم "هدلاء" ومعناه الدقيق هو (همسة حمامة) وهناك بيت شعر قديم يقول: (وهدلت الْحَمَامَة هَدْلاَء وَاحِدَةٍ عَلَى الْجَبِين) وبما ان الحمام لا يطلق نقرة صوت بل صوت متكرر فعلى ما يبدو كانت الحمامة في تلك اللحظة التي شاهدها الشاعر على جبين احدا ما فاجأها فقطعت الصوت وطارت، وهنا أصبح الهديل غير مكتمل ليصبح همسة الحمامة وان كان احدا لديه تفسير اقرب فليتفضل ويعلمنا وبالنسبة لي هو اسم موروث عن جدتي من والدي وبما ان قديما لم يكن يهتم باللغة العربية فيكتب الاسم كما يلفظ.

ثانيا اسم هدلاء هو أسم قبيلة في الأردن، عرفت بالشهامة وحسن الخلق والمبادئ الطيبة وكان كل من يظلم يذهب لهذه القبيلة ويصرخ بطلب النجدة ويقول: يا اخوة هدلا...

- النقد الأدبي كان حكرا على الرجال.. كيف ولجته الحسان؟

* نعم لأنه كان يعتبر العمل الأدبي أو الثقافي تاريخ ثقافي ذكوري، كان الرجل يستولي على جميع المجالات الثقافية والمعرفية... المحتكرة له مستبعدين المراة عن الفضاء الخارجي الذي هيمن عليه الرجل وحصرها بالفضاء الداخلي، كامرأة مرتبطة بصورة الحريم ليظل الرجل هو المتكلم باسمها...والمعبر عن كينونتها وشأنها وغيره من العوامل المحتكرة له.

وبالرغم من ذلك أن لم تكن الساحة الادبية خالية كليا من وجوه نسائية في الشعر، واخص بالذكر "الخنساء" و"رابعة العدوية" من المشرق و"ليلى الأخيلية"....

إلى أن شعرت المرأة الكاتبة بأنها أصبحت بين فكي الإحساس بالدونية والتفكير بالخروج الى الذات الثقافية والفكرية..

ومن هنا بدأت تبرز أقلام نساء عربيات كما في مجالات الشعر والقصة والرواية.

ومنذ أن بدأ هذا النزاع والتحدي والمناقشات حول هذه الظاهرة الإبداعية المكبوتة... والتي لم تخلوا من مغالطات الرجل ليثبت للعالم عدم تكافؤ إبداعات المرأة مع الرجل، وخاصة من سيطرت العقيدة الإسلامية الدينية، التي تعتبر أن الكشف عن "الأنا " المرأة مرتبط بـغواية واغراء الرجل...

وهكذا كان يحارب الرجل فكر المرأة غير المألوف، لارضاء القيود السائدة على حرية إبداعاتها.

إلى أن تضاعفت هذه القيود حولها بشكل خاص، مما جعل المرأة تشعر بأن عليها الاختيار بين نهوضها او الاستسلام التام لرغبة العقيدة...، الى ان اختارت أن تبرمج نفسها كما تريد هي لا كما يفرض عليها المجتمع الاسلامي الديني المهيمن....

ومن هنا بدأت المرأة الكاتبة بإحايلها الإبداعية الأنثوية تمارس مهنة الابداع بأسماء مستعارة من خارج الوطن كمرحلة أولى لتنجو بنفسها من التصادم مع المجتمع الذكوري الذي يحاول ترصد وصف الكاتبة أو الشاعرة بعلاقاتها الحميمية مع الرجل الشاعر وتجاوزها للقيم... ووضعها تحت المساءلة والقيود الأخلاقية...

بإختصار من هنا قفزت المرأة الكاتبة عما كان يسيطر عليه الرجل.

الى ان ظهرت الاديبة "مي زيادة " كأول كاتبة بعد معاناة مريرة مع سوق العقائد الاسلامية المتزمتة، ومن ثم ظهرت "ليلى بعلبكي" التي وضعت بتساؤل عن مفهوم الرجل للمرأة، وأيضا الكاتبة "كوليت خوري" التي أصدرت أول رواية بعنوان (أيام معه) سنة 1959 وهناك العديد من الاسماء لم يحضرنا الان ممن عملن على إلغاء الصورة النمطية للنساء.

الى ان سجلن في تاريخ الثقافة العربية صفحات مضيئة لأبداع المرأة من المحيط الى الخليج وهكذا حققت المرأة المبدعة إنجازات أدبية يشار إليها بالبنان كنوع من الخروج عن كونها سيدة الصالونات، الى كاتبة تفوقت في إبداعها المتنوع كنوع من التحدي والخروج من الدونية.

- جمال الأنثى متى يكون سبة ومتى يكون ميزة؟

* هناك معايير لجمال الانثى بشكل عام هو الجمال الحقيقي /جمال الروح/ ثقافتها/ كرزيمه الاطلالة /الجمال الداخلي/ الابتسامة الخفيفة/ البشوشة المبتسمة/ اخلاقها _ادبها تصرفاتها/ صوتها الهامس_ طريقة التصرف اللطيف/ المشي المتناسق وعدم التصنع /طيبة الخلق/ والتحدث بثقة ولطف، بما ان التواصل مع الآخرين له أهمية كبيرة، والتحدث عند الضرورة،/ وتجنب استخدام الأسلوب العدائي، وحسن الاستماع/ واحترام الرأي الآخر/ الثقة بالنفس الاهتمام بشكلها الخارجية بطريقة لبقة /والتفكير الايجابي وهناك عوامل لا تعد ولا تحصى.

وهذه القوالب قد تكون فطرية عند الاثنى وقد يكون وراثي ومن ثم يعود للتربية المنزلية والبيئة ومن ثم المدرسة وجميع هذه العوامل هي من تمنحها ميزة الاثتى.

أما متى تكون سبة أو نقمة؟ حين تخرج عما ذكر لجمال الانوثة إذ استغلت انوثتها خارج الأخلاق والأدب أو إذا لاحقت الأضواء من خلال استعلال أنوثتها للحصول على السعادة والشهرة للفت الأنظار من خلال توظيف انوثتها للإغراءات...

- ما أهم نشطاتك التي تفتخرين بها أو تركت بصمة لديك؟

* حين اقمت في شتاء عام 2016 دورات تقوية لمواهب ابداعية فذة رايتها داخل كل فرد من الجيل الصاعد الذي يحمل روح الابداع الفذ لكنهم بحاجة الى ترسيخ المعرفة والتوعية.... للفوز بقصائد خالية من العيوب لذا كان هذا للبرنامج من أن أهم وأجمل نشطاتي التي تركت بصمة جميلة في حياتي الادبية والابداعية والتي كانت تعني لي الكثير لمن شاركتهم نغمة الكلمات ولمن شاركوني تصميمي على النجاح كما منحتني تجربة صعبة خضتها ونجحت بها بعد أن تعرض برنامجي منذ بدايته لمضايقات من اعداء النجاح بسبب غيرتهم... مما لم يخطر على بالهم أن يكونوا أشخاص يسعون الى مساعدة الجيل الناشئ بدل تعبئة كراسي امسياتهم الفارغة

واذ بي اجد حولي كل من يمكنه الدعم من للوقوف بجانبي بطريق لم اتوقعها من اعلاميين وصحفيين وكتاب وادباء ومعلمين لغة عربية.... الذين قدموا تعاونهم والوقوف بجانبي دون أي مقابل بل كانت مواقفهم تنبع من دوافعهم لما اقدم عليه من اجل الجيل الصاعد ودعه كانت دهشة فرحتي اكبر من ان اتوقعه (يقال من احبه الله احب عباده فيه)

ومن بزرة هذه الفكرة التي كبرت وتطورت ونجحت بابنائي المواهب الصاعدة الذين تجاوزوا الصعاب لنشرب من انهار حروف كتاباتهم الشابة والمبدعة بكل ما تحمل من بيوض المجتمع والعوامل المعيقة والمعبرة في حروفهم....

الى ان حصلوا على شهادات موثقة ومعترف بتوقيها من قبلي ضمن عرس احتفالي لم تشهده مدينة غزة كما قيل والى الي اليوم ما زلت اتلقى طلبات لاعادة تكرار هذآ البرنامج لكن الوقت لم يسعفني.

(ومن خلالكم اوجه لهم كلمة لا تفي حقهم وكرمهم ووقوفهم بجاني طالمة هناك دم بجري في عروقي وان بصمتهم ما زلت افتخر بوجودهم بحانيى ومعي حتى الان.)

- هل حاولت اقتحام الفن من باب التمثيل؟

* لا أبدأ ولم يغريني بالشكل الصحيح لكن أذكر حين كنت في الصفوف الابتدائي أمثل في مسرحيات تخص حفلات او مناسبات تابعة لمدرستي.

بينما كنت أميل بشكل جنوني للدبكة اللبنانية، ولا اذكر مر احتفالا في مدرستي إلا واستدعوني للتدريب والمشاركة... وكنت دائما أخرج عن صف الدبيكة واقف في وجههم لادير الدبكة من تلقاء نفسي، ولأنني كنت أشعر أنني اتميز بطول قامتي التي لم تتناسب مع طول بنات صفي او جيلي.

- ما لذي يدفع المرأة لكتابة الشعر.. الترف.. الحاجة.. أو التشبه بالرجال؟

* أولا أريد أن أنفي كلمة التشبيه بالرجل، وقد أقول أن الإلهام الشعري قدري.. لان ملكة الشعر لا تصنف لمن لا يملك ملكة الشعر، والشعر لا يفرق بين شاب وشايب وبين امرأة ورجل.

الشعر أولا وأخيرا هو شعور لمن لديه قريحة الشعر أو الإلهام.....

فالشعر الحقيقي كثير ما يأتي من حالة غضب، أو ألم /صدمة او حالات اجتماعية مؤلمة او إنساني / ووجدانية... أو حرمان....على خلاف شعراء تكنولوجيا الحاسوب.

- لماذا تخفي الأنثى عمرها الحقيقي وهل لديك القدرة على أخبارنا بعمرك؟

* صدق أو لا تصدق أن من جعل المرأة لا تعترف بعمرها! هو الرجل، ولو كان الرجل يصدق ما تقوله المراة عن عمرها، تأكد لقالت، لكن مهما صدقت المرأة ستظل بعين الرجل انها تخبئ عمرها وانا منهن.

وممكن الآن أن اختلف عن اسلوبهن: واقول لك عمري مائة عام، بالطبع انت كذلك لن تصدق، لكني اوجزت عمر المعرفة وليس عمر السنين. وهنا اغاير قاعدة النساء بالهروب العملاق والمشرف..

- اعترف الشعراء الرجل أن المرأة من تستكبهم بوجودها الملهم، فهل النساء كذلك؟

* لا يمكن ان نجزم أو نجمع الشعراء الرجال عامة كي لا يصبح تعسف، هناك شعراء تنوعت قصائدهم، وسبق وكتبت دراسات عن عشرة عن شعراء عالجوا قضايا المجتمع عامة وكتبوا عن عن المجتمع والسياسة... عن السجن وعن الجامعة والحياة والطبيعة والمال وغيره من العوامل البيئية، ولم تكن المرأة لديهم هي المتلسط على المشهد الشعري في قلم الشاعر ورؤيته

اما اذ اردنا عن نتكلم بشكل عام، في معمعة التكنولوجيا الحديثة نتكلم عن نسبة ستون بالمائة يكتبون عن المرأة ويبتدعون ويتنوعون في علاقاتهم بالنساء من أجل أن يكتبوا الشعر ويتغزلون ويستباحون جسد المرأة وتفاصيلها بحروفهم التي لا تجدي معناها إلى أن يشعر المتلقي او الناقد انه يشاهد فيديو كليب، معتقدين انهم سيصلون الى الشاعر نزار قباني (كما قال لي احد الشعراء الذي صنف نفسه بشاعر المراة بكتباته المفبركة او لنقل المصنعة وحتى الشاعر نزار لم يستبيح جسد المرأة بأقلامه كما يفعلون، علما أنه غير مستحب عامة عند الرجل او المرأة استباحة جسد المراة باللفظ الحرفي... هذه قاعدة اساسية.

أما النساء او المرأة الشاعرة لم يسيطر عليها أو عليهن إلا بحالات نسبية لا تذكر بالنسبة للرجل الشاعر.

فالمرأة الشاعرة او الكاتبة لديها أشياء كثيرة تدفعها للكتابة ومن بينهم الرجل الذي يدخل في نبض حياتها، ومنها حالة الكبت والاعاقات المجتمعية، والظروف النفسية، ومشكلاتها مع الزوج، وهناك ظروف وعوامل الابناء وما يلحق بهم، وقد تكتب عن الحرمان، والغيرة، والشعور بالنقص عن بنات جنسها... والدوانية والقبلية... وتعسف الاب او الشقيق....

لذا لم يستولي الرجل بشكل على اقلامها بشكل منفرد كما تسيطر المرأة على قلم الرجل الشاعر.

- من هم قرائك؟

* لا ادري لكن حسب اعتقادي انه من الطبيعي ان يبحث الرجل عن المرأة من خلال كتابات المراة الكاتبة.. وهو عامل بديهي لأن الرجل دائما يبحث عما ينقصه لمعرفة المراة ولم يدركه، او كنوع من الفضول لمعرفة المرأة والتعمق بتفاصيل حياة الشاعرة، وهناك عوامل عديدة تدفعه للفضول... ولو أردنا ان نشرح أكثر سنحتاج فصولا منفردة.

فمن وجهة نظري ورؤيتي، لا أنكر أيضا أن المراء في بعض الاحيان تنظر الى قلم الشاعر الذي قد تجد من يحك انسانيتها ووجدانها... او قد تجد ما لم تدركه من اشياء لم لم تكتشفها فيما سبق في عاطفتها او ميولها ووجدانها بقلم الرجل الشاعر كنوع من تفكيك حبال الممنوعات بتعاملها مع الرجل عامة ولو من باب الفضول... وأنا أقول هذة هي المعرفة التي أتت بادم وحواء.

- انت على ذمة الشعر وذمة النقد، من هو الأقرب إلى قلبك فيهم؟

* لا يمكنني أن أفصل ما بين الشعر والنقد، فالشعر يفرغ ما في داخلي من شعور جميل ليخرج من روحي ويمنحني عظمة العطاء واكتشاف دواخل الذات المكتومة من خلال قريحة الشعور بالرؤية الشعورية التي تندلق باللاوعي لتلوك خصوبة الشعور او المواقع المسيطرة على مخيلة الشاعر عامة.

اما النقد نحن من نخرج ما في جعبة كلمات الكاتب او الشاعر وهي التي تستولي على رؤيتنا التي تسجل هالات واكتشاف الجمال في الرؤية والكلمة والتكنيك المصاغ بفطرة الشعر الملهم لتسجيل حالات الشاعر في اللحظة..

وبالنسبة لي النقد لم يبتعد كثير عن تلبس الشعر هذا اذا امتلأت او عبقت من نصوص الشاعر فتتحول المشاعر الى مخيلة تستحضر ملكة الشعر لدي الشاعر نفسه بما ان النقد ليس بالنسبة لي مهنة اصيغه وأضع النقطة اخر السطر بل هو تلبس حسي بمشاعر الناقد الذي لم يصيغ نقده من أجل الحصول على ثمن او مكافئة نقدي من مجلة او صحيفة ما، هناك فرق.

- ماهو حال الإعلام العربي حاليا؟

* مع أني لا أفضل الحديث عن سياسية الاعلام، لكن يمكنني أن اقول لم يعد هناك أفق سياسي في الإعلام العربي الذي يعمل لنقل الخبر او الحدث والتقييم المنطقي او تصور واضح عما سيحدث من تغيرات درماتيكية او تقلبات سياسية....

فالاعلام اصبح تعبوي بمعني تابع لتنظيم حركة او جه تدفع ثمن توجه الاعلام المسيطر...

ليصبح بعيدا عن التحليل المنطقي.. وهذا ما تسبب بعدم تثبيت أي قرارات توجه....

ولأن سيأتي من يعارضها.... فبأي أفق يمكن للإعلام الحقيقي ان يتعاطى مع الوضع السياسي الإعلامي المتقلب

- هل لك مؤلفات مطبوعة؟

* نعم لي ثلاثة مطبوعات الاول "تأملات امرا"ة والثاني بعنوان "نبتة برية والثالث " مهرة الحكاية"

ولدي دوانين جاهزين للطباعة انتظر فرصة لكي اطبعهم في بيروت.

كما لدي كتاب في النقد الأدبي المعاصر وتقنباته تهجين لغة الشعر تقريبا جاهز.

كما استكمل بحثي حول موضوع اتحفظ على فكرته سبق وبدات به ومن ثم هجرت أوراقه._ اي من الدول العربية أقرب إلى قلبك بعد لبنان؟ اعتقد جزيرة قبرص ربما لأني أقمت فيها لسنوات عديدة، وربما لأن معالمها وجبالها وما حولها كمعالم لبنان....وحتى شعبها بسبط طيب الخلق وهو المكان المريح والهادئ الذي يحتاجه المرء للتخلص من ضجيج الحياة....

- ماهو رأيك بالشعراء والنقاد العرب المعاصرين؟

* أحيانا تكون الصراحة جارجة، لكن لا بد من الحقيقة المرئية، فاذ كان لا بد من الإجابة أقول لك ان هناك نوعان من الشعراء والنقاد اذ لم نقل أكثر.

هناك شعراء يشار اليهم بالبنان ولا يمكن ان تضعهم بين شعراء اليوم فما بالك بمقولة (ما اكثر الشعراء وما اقل الشعر) فالمستشعرين يملكون الاعجاب بالكلمات لكن لا يملكن قريح الشعر ومن عرفته الامس لا تعرفه اليوم.

بينما كانوا يأتون إلى الندوات والامسيات فقط لتمضية الوقت او للتعارف الاجتماعي او قد يستدعوا لتعبئة الكراسي....

والان اصبحوا شعراء الاستنساخات من هنا وهناك الى ان خلت كلمات الشعر من الروح الشاعرية وتحولت الى رسائل فيسبوكية، وأصبحت مجرد كلمات..... او حكايات لمبتدئين يضعونها بشكل عامودي ثم يقولون "بقلمي".

الى ان وصلت بهم الوقاحة ان يستسنخوا الدراسات النقدية والمقالات العلمية لكتاب.... من صفحات السيد جوجل ويضعونها باسمائهم اما النقد الاصيل لم نعد تراه الا باقلام قليلة او قديمة طالمة أصبح قلم بعض الناقد يوظف للمجاملات والمحاباة.... واستنساخ رأي الاخرين، وكذلك سبق وكتبت عن هذا الموضوع مرارا وتكرارا الى أن أصبحنا نبحث عن الناقد المهني لنقرأ له بتجلي ومتعة تامة.

للأسف فكل هذا التشوش وانحلال المشاعر والرؤية بسبب التكنولوجيا الحديثة التي اسيئ استعمالها مما جعلت المرء يفكر بعينيه وليس بفكره او قريحته.

أحيانا او كثيرا ما احزن على تعب نقاد يبذلون مجهودات كبيرة لإيصال مفهوم النقد والفكرة والمعني للمتلقي على صفحات الفيسبوك للاسف دون جدوة..

- كيف توفقين بين متطلبات البيت وانشغالاتك الأدبية؟

* بالنسبة لي اهم شيئ لدي هو تنظيم الوقت واومن ثم عملي الالتزامي هز من البديهي منظم اما مشاركاتي في الندوات او الأمسيات والمرتمرات فجميعها اتكيف معها جسب الوقت المقرر لها اما انشغالاتي الادبية في المنزل يمكنني ان ارتبها حسب الظرف والوقت دون ان تؤثر سلبا على اسرتي.

اما بالنسبة لملكة الشعر حين تستدرجني القصيدة فاترك كل ما بيدي لاسجل الوميض وبكل زواية من المنزل ستجد دفتر وقلم.

واسرتي الصغيرة اعتادوا على ذلك ويقدرون هذه اللحظات ولان الجميع في المنزل لديه قريحة القلم الزوج كاتب والابناء لديهم ما يشغلهم واحدهم يحمل قريحة القلم فالجميع يحترم مزاجية وانشغالات الاخر وبهذه المناسبة قبل سنوات كتبت قصيدة بعنوان "متطلبات الصباح ذكرت مثل هذه الاجابات اقول:

أفتحُ بابَ الصباح على رائحةِ القهوة

أُحصي حباتَ النومِ من ليلي

بينما أعلن العبث بنعاسِ صحوي

يباغتُني حضورُ اليومِ ومتطلباتِهِ

قبلَ أنْ تتسللَ صورُ أجنحتي

ويسيلُ انزلاقُ نَزفي

أُدوِّنُ لحظاتِ نهاري الأولى

وأسألُ نفسي ما هو المطلوبُ من مُخيلتي

مطلوبٌ: أنْ ألتقِطَ لحظةَ الانبثاقِ

أتمسَّكُ بالومضةِ الأولى

وأثبتُ اللحظةَ الثانيةَ

الاحق تسابقَ نشوةَ القصيدةِ حين يلتهم قلمي الحروفَ أسعى لتوظيفِ مفرداتي أُخَوْضِرُ عيناي لأزفَّ الوَلَهَ في شِعْريتي وأُحركُ زجاجَ الواقعِ المفترض ان ترتجفَ مكوناتُ الجسدِ في سريرتي

مطلوبٌ: أن تتدلى أنوثةُ الموقفِ على السطورِ

ومرافقةُ النصّ حتى الوريدْ

استفحالُ الشوقُ

رذاذُ الحروف اللولبية

إقراء شغف الهذيان

ثم أبوحُ بسرِّ الوميضِ

لأصِلَ إلى التأويلِ

مطلوبٌ: أنْ ألبسَ الشُرفاتِ العاريةِ

وأُطمئنَ عَتمةَ الليلَ بوجودي

أُسجلُ هالاتِ النجومِ في السماءِ

لأنحنيَ أمامَ القصيدةِ كالسنبلةِ ببذورِها اجمعُ طرقاتِ القلبِ أُعَنونُ أسماءَ الكواكبِ أُصفِفُ أكوابَ الرؤيةِ وأصِفُ اغتصابَ مُخيلَتي لتشرقَ القناديلُ في أناملي وأُسرِجُ خيولَ توهجِ النرجسِ قبلَ السقوطِ

مطلوبٌ: أنْ أكتبَ على الورقِ الأبيضِ

قصةً بألوانِ الطباشيرِ

وأهمسُ لهُتافاتِ هواجسي

أطيرُ بفضاءِ رأسي

لأرى بعينِ أفكاري

ثم أُمَحورُ مُخيلتي كما تشتهي

وطفلٌ أبيضُ: يطلبُ أنْ أهدبَ صلاتي في محرابِ تهجدِهِ

والثاني: يطلبُ احترامَ طقوسِهِ وقراءةِ نَملِ أفكارِهِ

والثالثُ: يطلبُ إعادةَ تكويني كما يريدُ

وآآآخرٌ يطلبُ أنْ أجاريَ أفكارَهُ

أسرحُ في ملكوتِ خيالِهِ......

اللهو الوله على......

أبتسمُ متى يريدُ.....

أتكلمُ بما يشاءُ.....

دونَ أنْ أذهبَ بإلهامي إلى مُخيلتي الشِّعريةِ

وأنا أطلبُ: الوقتَ لأتفقدَ وِلاداتي الهاربةَ لاختراقِ دهاليزي المخبأة وأدخلُ ومضاتِ الخواطرِ......

والقلمُ يطلبُ خِصبي

الورقُ ينتظرُ حِبرَ نهري

ونفسي تطلبُ البوحَ كمرارةِ حنظلةٍ بريةٍ

أهربُ من عنكبوتِ النهارِ

لأمسكَ مساحاتِ صوتي

و أَحْبِكُ خيوطَ القصيدةِ

وسحرِها الذي يشبهُ لحظاتِ صَحْوتي

وما تبقى مني لأحيا بمتعةِ الكتابةِ

- آخر ما كتبتي شعرا؟

* لا اذكر تماما لانني حين اكتب قصيدة لا اراها الا بعد تركها والعودة اليها لتهذيب اللغة او تعديل او اضافة وقد تكون كاملة الخلق والتكوين فانقلها الى ملف النصوص الحديثة لكن بإمكاني ان اشرح هذا النص الذي استئذان احدهم ان يترجمه لاعجابه به. يقول:

"عِنْدَمَا أَسْمَح"

عِنْدَمَا أَسْمَح لكِ "بالتجوال فِي رَأْسِي"

أَرْجُوك لَا تَلَمَّس صَمْتِيّ !

أَخَافُ عَلَيْك مِنْ قَهْرً يُؤْلِمْك

لَا تَلَمَّس مَنْ أَحَبَّ..

أَخَافُ أَنْ يرعدني الْحُنَيْن

أَرْجُوك لَا تَقْتَرِب مِمَّن يَسْكُن الرُّوح..

أَخَافُ أَنْ تزعج سَاكِنَها...

لَا تَقْتَرِبْ مِنَ الْجَسَدِ....

أَخَافُ أَنْ تُكْسَرَ ضِلَع أَدَمْته السِّنِين ولَو تجولت بِالْخَاطِر تَأَمَّل وُرُود افكاري...

وَكَلِمَات خواطري

وَلَو تَبَعْثَرَت بِقَسْوَة أَحْبَابِي..

أَتْرُك مِسَاحَة لأوردة اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ افكاري...

لَا تَنْسَى أَنْ تَمْسَحَ حُزْنًا خَبَّأْتَه مِن السَّاقِي وَأَنْ لَا تُنْسَخُ رَسَائِل احباري...

وَقبل أَن تُودَع الْمَكَان...

اتْرُك السِّرّ بَيْن رَسَائِل اسراري.

إلى هنا وأدركت هدلا الصباح فسكتت عن الكلام المباح واكتفيت انا من طرح الأسئلة بعد بدأت العصافير زقزقتها فرحلت مع تباشير الصباح.

* * *

حاورها: راضي المترفي

 

في المثقف اليوم