تقارير وتحقيقات

مركز الدراسات العربية والدولية في الجامعة المستنصرية يستذكر شيخ النقوديين العرب / لطيف عبد سالم العكيلي

المغفور له الأستاذ الدكتور عبد المنعم السيد علي . وقد حضر الاحتفالية التي جرت على قاعة المركز زملاء الفقيد وطلبته ومحبيه وعدد من أساتذة الاقتصاد في الجامعات العراقية، إضافة إلى عائلة الفقيد. وبعد قراءة سورة الفاتحة ترحما على عالم الاقتصاد الراحل، أذن الأستاذ الدكتور عبد الستار البياتي إلى الدكتور احمد الراوي مدير المركز لإلقاء كلمته التي ضمنها سجايا الدكتور عبد المنعم المتمثلة ببساطته وتواضعه وحبه للعلم وأبويته لطلابه، إضافة إلى عدم مجاملته في الشؤون العلمية . وبعد استذكاره بعض مواقف الفقيد الايجابية، ختم حديثه بعبارة (خسرناه جميعا ؛بوصفه أب وأستاذ ومعلم) . ثم تقدم إلى المنصة الأستاذ الدكتور منذر الشيخلي التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد / جامعة بغداد لإلقاء كلمة أساتذة الاقتصاد في الجامعات العراقية التي اشر فيها بعض جوانب السيرة الذاتية للدكتور الراحل، حيث أشار إلى دراسته الأولية في الجامعة الأمريكية ببيروت التي غادرها لإكمال دراسته العليا في جامعة جورج واشنطن مع الرعيل الأول من طلبة العراق في خمسينيات القرن الماضي . وحين ذكر الشيخلي عبارته (أودع الراحل رسالته في قلوبنا ورحل إلى عالم البقاء)، لم يتمالك نفسه بعد إخفاقه في حبس دموعه التي سرعان ما انهمرت من مآقيها . ثم نودي على الدكتور سعد حسين فتح الله لإلقاء كلمة طلبة الفقيد التي ذكر فيها أن الراحل كان أستاذه ووالده وأخيه وزميله ورفيقه في درب حياته، وأضاف انه تعرف عليه عام 1984 م حين قدم أوراقه لدراسة الماجستير، ثم أشار إلى مسالة مهمة قد تكون خافية عن كثير من الأساتذة الذين لايعلمون انه كان مناوئا للسياسيين من أعلى الهرم إلى أسفله، مما أفضى إلى تعرضه إلى السجن أيام النظام السابق، وأردف أن الراحل شارك في إعداد تشريعات التأميم عام 1964 م صحبة زميله وعدوه العلمي الأستاذ خير الدين حبيب مدير مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت الذي أطلق عليه لقب شيخ النقوديين العرب بعد انجازه جزأين من كتابه القيم بمجال النقود . وحين أنهى الدكتور فتح الله حديثه، قرأ الدكتور ألبياتي رسالة الأستاذ الدكتور إحسان كاظم شريف القرشي رئيس جامعة القادسية الذي كان يمني النفس بحضور هذه الاحتفالية المخصصة لاستذكار أستاذ الأساتذة في علم الاقتصاد، مشيرا إلى أن الفقيد كان له الفضل في تعليم وتخريج العديد من الدورات لمراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وأضاف قائلا (ذلك العلم البارز، والأستاذ الألمعي التربوي المفضال، وللأسف أقولها وقلبي مملوء حسرة وندما، حيث كان بودي أن نحتفل بتكريمه وهو حي يرزق، ولكن الغفلة وازدحام الأعمال والمشاكل هي التي أنستنا تكريم أستاذنا الغائب الحاضر العلامة الدكتور عبد المنعم السيد علي) واختتم الدكتور القرشي رسالته بعبارة وفاء نصها (لاشك ولاريب، سيبقى الدكتور عبد المنعم السيد علي حاضرا في قلوبنا، حتى وان غادر هذه الدنيا الفانية، وستبقى الثروة الفكرية والأساليب التربوية التي أورثها لنا منارا ومنهلا فياضا، لابد من الاحتفاظ بهما والإفادة منهما) .

آخر فعاليات هذه الاحتفالية كانت كلمة الأستاذ الدكتور مضر عبد المنعم السيد علي التدريسي في كلية الصيدلة / جامعة بغداد التي ألقاها نيابة عن عائلة الفقيد والتي ضمنها امتنانه وشكر عائلته لإدارة المركز على استذكر والده بهذه الاحتفالية التي عبرت عن تثمين المركز واعتزازه بمنجز الدكتور عبد المنعم الاقتصادي، وأضاف أن والده كان يقرا ويتابع أكثر من طلابه، فضلا عن كونه شديد الحرص على متابعة الإصدارات الجديدة، وأشار إلى نتاجه البحثي والفكري في المدة التي أعقبت إحالته على التقاعد أكثر اتساعا عما أنجزه أيام عمله الوظيفي .وأردف أن الفقيد كان مشغولا بالبحث في موضوعات حديثة حتى آخر لحظة من حياته . وذكر الدكتور مضر باعتزاز إلى استيعابه لفكرة التحدي التي تعلمها من والده الذي كان يوصيه على الدوام بضرورة الجهاد من اجل العلم والاستمرار بالمطالعة والبحث، وكان من نتائج وصايا والده إصراره على السفر إلى كندا وسط ظروف صعبة من اجل إكمال دراسته . وقبل نهاية حديثه نوه الدكتور مضر إلى وصية المرحوم والده حول ضرورة انتفاع الناس من مكتبته التي شيدها على مدى سنين طوال، مؤكدا حرصه على تنفيذ وصية والده .

إن الأمانة العلمية والتاريخية تفرض علينا الثناء
على هذه المبادرة النبيلة التي تعبر عن وفاء إدارة مركز الدراسات العربية والدولية في الجامعة المستنصرية لمنزلة المغفور له العالم الجليل الأستاذ الدكتور عبد المنعم السيد علي وعلميته المتميزة التي أهلته لترك بصمة خالدة في تاريخ علم الاقتصاد . جدير بالإشارة أن العلامة الراحل تتلمذ على يديه آلاف الطلاب العراقيين والعرب والأجانب، وتعد مؤلفاته من أمهات الكتب المعتمدة في اعداد الدراسات والبحوث ولطلاب الفكر الاقتصادي، وبوفاته فقد العراق والفكر الاقتصادي العربي والمنظومة الاقتصادية علما بارزا وابنا بارا لهذا البلد المعطاء .

لم يكن المغفور له الدكتور عبد المنعم السيد علي والدا لمضر واوس وعلي، بل كان أبا لجميع الذين خرجوا من معطف علميته، وهم أبناء بارون يدعون له بالرحمة والمغفرة مثلما يدعوا له مضر وإخوته . رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته وانا لله وانا أليه راجعون .

 

المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب صحفي .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2122 الاربعاءء 16 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم