تقارير وتحقيقات

عشتار الماضي والحاضر (معرض تشكيلي)

ضمن فعاليات الاحتفالية السنوية لجمعية العاديات بالتعاون مع اتحاد الفنانين في اللاذقية وإشراف مكتب المعارض المركزي أقيم معرض تشكيلي لفنانين من سوريا في صالة الباسل باللاذقية في 3-1-2022

لكل فنان طريق وطريقة وهو في مضمار التشكيل يسعى لمقاربة الحقيقة أما أنا فكنت قد عاهدت نفسي ووعدت على أحداث تغيير ايجابي في تراتبية العرض والمعارض بحيث تحقق النتائج المرجوة منها تدريجيا وكانت إحدى أهدافي هي زيادة أعداد النخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والتشكيلي وعبر إيجاد طريقة للتلاحم والتعاون بين أشكال الفن المختلفة وأعتقد أن هذا المعرض حقق غايته عبر ذاك الحضور الجميل لجمهور أخر يعيش في خضم الحالة الإبداعية وينتجها عبر أشكال مختلفة فازدانت القاعة بزوار لهم وزنهم وحضورهم الثقافي و الأدبي والفني من شعراء وباحثين وموسيقيين و أدباء هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كنت أسعى لتوسيع دائرة العرض لتشمل فنانين من مختلف المحافظات السورية لتكون الفرصة متاحة لتبادل الخبرات من جهة و ل إغناء ذائقة المتلقي من الجهة الأخرى على هذا الأساس كان التعاون مثمرا مع جمعية العاديات ضمن فعاليات الاحتفالية السنوية التي تقيمها الجمعية أحياءا لذكرى العلامة خير الدين الأسدي . هو التعاون الأول مابين الاتحاد ومكتب المعارض من جهة ومابين جمعية أهلية وثقافية من الجهة الأخرى ولكنه لن يكون الأخير إذ سيكون الفاتحة لسلسلة من النشاطات التي ترسم أهدافها بدقة لتحصد النتائج المرجوة منها و أهدافنا اللاحقة هو التسويق للعمل الإبداعي الحقيقي عبر توسيع شريحة المهتمين ورفع الذائقة البصرية لمستوى المتابعة القادرة على تمييز الحالة الإبداعية والفصل مابين الرث والثمين وسوف أمر هنا على بعض الثمين

د .نجوى احمد: تهوى نجوى أحمد رتابة اللمسة وانتظامها المحدد بشكل وطول وعرض الفرشاة و التجاورات اللونية المتكاملة والمتوازنة عبر الدرجات العاشقة للألوان القزحية الواضحة والصريحة والتي من خلالها تتلمس خصوصيتها عبر موضوعات تستحضر مفردات البيئة الساحلية والقرية -التعبيرية التجريدية عبر تقنيات مختلفة –

سوسن الحاج تعلم جيداً أن اللوحة ليست مكاناً للتفريغ فحسب كونها تقتنص اللحظات الأكثر صدقاً والأكثر تعبيراً و جمالاً ضمن عوالم الذات ليتشكل في بعض أعمالها الموحية ومن خلال ملامح الوجوه مفهوم أخر للجمال ينبض بتعابير لها إسقاطاتها (جمال البشاعة) أما أعمالها بالمجمل فهي تحمل ذاك النفس التعبيري التجريدي وبحس انفلاتي يوزع الألوان وفق ايقاع داخلي يرفض أي حصار

... عصام المامون يبدو في لوحاته ذلك التأكيد على التكوينات المتساندة لأشكالٍ فقدت هويتها فبدت أليفةً متحولة إنسانية وحيوانية في آن أما أعمال البورتريه والوجوه فتجد فيها أيضا ذاك الضجيج المتناغم والمتماسك عبر وحدة التكوين رغم التضادات اللونية في بعضها إلا أن شفافية الطرح هي المعيار وهي المرتبطة بخصوصية الفنان و فرادته

بسام الحجلي .. ما بينه وبين لوحته فرشاة تستقصي عوالم الذات لتتحرك بعبثية معجونة بألوان الفرح والحزن و الكآبة والحياة وهي طريقه وطريقته لمحاكاة مشاعره اللحظية وترجمتها بمنتهى المصداقية والحرية وهو لا يؤطر لوحته بشكل يمكن ان يكرره أو يعيده فأشكاله تولد تلقائيا لإقرار مسبق ولا منطق يحكمها ويحكمه اللوحة متنفس ومكان لقول مالا يمكن ان تترج مه كلمات هي صرخته وشفرتها أسرار مكبوتة في التجربة الحياتية الغنية لبسام الحجلي بالذات

ربي قاروط: يبدو البورتريه ركيزتها الأساسية وهو يعكس ملاحة السحنة الإفريقية المشتقة من الأسود المخمر بحمرة خجوله هي تلخص خياراتها اللونية بلونين يتكاملان في إطار عملها حين تتعامل مع لون أساسي ومشتقاته وتضيء عبر الآخر في الخلفية وهذا يجعل رؤاها أكثر وضوحا و نقاءا

محيي الدين الحمصي يميل  محيي الحمصي في أعماله للشفافية الغنية بتراكيب معقدة في أجزاء من لوحته وللبساطة الطفولية عبر المشهد الكلي … يوزع أشكاله ورموزه على السطح مستعينا بالأبيض الجامع لمفرداته والكاشف والحاذف الحيادي والأكثر قدرة على الاحتواء

اسماعيل توتنجي: للتجريد خصوصيته في أعمال توتنجي التي تعكس جرأته في الطرح المرهون بسرعة الانجاز والمفتوح على تقنيات تسمح له بصب سيل الألوان بعدة طرق لتشق وتحفر طريقها على مساحة العمل أما في عمله المشارك في المعرض الحالي فيؤكد قدرته على تقديم أجواء ضبابية ولحظات ساحرة توقظ الفجر عبر لونين متغايريين الأزرق والأصفر يتعانقان بوشاحات شفافة وتتوالد أشكاله الموحية والغنية عبر الحف بالسكين

نضال شعبان: تنقل نضال شعبان مابين تجربتين عكست الأولى مفهوما حداثيا للعمل التشكيلي عبر ما تمتعت به من تلخيص وتخليص العمل من شوائب الفكرة والموضوع ليصير التركيز على لمسات الفرشاة العريضة عبر غنائية غنية بإيقاعها التواصلي الذي يمنح القيمة لذاك الأثر الذي تحدثه الشعيرات لتغطي كامل السطح بقيمة أحادية للون الوحيد بينما يضيء اللون المتمم والمكمل في مكان ما في إحدى زوايا العمل ليعطي لعمله تلك القيمة الاستثنائية التي تعكس شجاعة وجرأة فنية عودتي لتجربته الأولى هذه لأبرر له نقلته الثانية و أكشف عن الخيط الذي يربط بين أثرين أثر شعيرات الفرشاة في الأولى وأثر الحف والسكين في تجربته التالية

البورتريه  محمد ديوب: بحس مائي شفاف وبدرجات البني المحروق تتراىء ملامح الشخوص والوجوه المتماهية مع الأثر الباقي والمتبقي من فجر يوم تتطاير أوراق الخريف فيه وتتشابه مع طيور مهاجرة وعيون حائرة لم تعد تبصر الطريق وصار الحدس رفيقا وصديق هي لوحة محمد ديوب بحس أحادية ونكهة تعبيرية لا تشوشها كذبة الألوان وتؤكد عبر ذاك الحس العفوي والتلقائي أن مبدعها شاعر وفنان

نوار مورلي .. وضمن دائرة التشخيص قدم نوار مورلي عملا ً يفوح بأسلوبيته السابقة ولكنه يبتعد عن الفكر السريالي ليؤكد على حس أكثر شاعرية مختبراً الإيقاع الغنائي للريشة والخطوط الحبرية على سطح تغنيه القيم الأرجوانية الشفافة والإضاءات السماوية على حدود الشكل بينما اشتغل نوار مورلي على حالة الخداع البصري عبر منظوره السريالي للبورتريه ،

فن ملتزم يفوح بمفردات التراث محمد الركوعي تقودنا خطوط الفنان محمد الركوعي لرموز وأشكال لها دلالاتها الواضحة والأكثر فهما وشعبية وتلك سمة مطلوبة وأساسية في فن ملتزم يسعى لإيصال رسالته السياسية الهادفة للجميع ويخشى على فكرته أن تضيع فبيت المقدس حاضر دوما في الذاكرة والحمائم تحلم بفرش جناحيها وعيون أنثاه الشاخصة مكحلة بالأمل وشعرها المسافر يمهد الطريق ويستنجد بالنخوة العربية وبألف صديق وصديق

معتز العمري لوحة معتز العمري ترقى بقدر ما تظهره من تمكن ورؤيا أكثر توازنا ونضجاً وقدرة على استحضار الرموز وإغناء العمل بكليته وبكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى وتتجلى قدرته على الاشتقاقات اللونية حين يصير للظلال الملونة ظلال حرة وحين تتوالد الأشكال بكثرة عبر تقنية تغطية الفراغ .. وإن بدا ذاك الأثر الزخرفي في لوحاته فتلك ميزة وليست اتهام كونه استطاع عبر تقنيته المتبعة من تحرير الزخرفة من مفهومها العقلاني وإدخالها في عوالمه الحسية والأكثر حرية

خالد الحجار: لخالد الحجار نمط خاص يسعى من خلاله للتعبير عن أفكاره وعلاقاته المجتمعية وتكمن الجرأة في القدرة على فرض أشكال لها طابع كرتوني ولكنها امتلكت قيمتها بقدرتها على نقل عوالم فنان فريد ومخالف استطاع أن يعكس تطلعاته وعلاقاته المجتمعية عبر تلك التقنية فعرف بها وعرفت به إذ كانت نتاج كينونته ومحبته

… الفينيق حسين صقور: مابين عشتار الماضي والحاضر وعشتار الزمن  الحائر حكايا ترصدها ثلاثية لانثى أتركها لتحكي عن ذاتها بذاتها وتغتني القراءات من خلال تعدد الاهتمامات وفي النهاية الشكر لجميع القائمين والمسؤولين والأعضاء في عاديات اللاذقية وضمن اتحاد الفنانين التشكيليين لجميع القائمين والمتعاونين فيه للفنانين جميعا ولمن حضر وشارك منهم ومن لم يشارك.

عشتار النبض الحائر

استكمالا للمقالة التي نشرت في جزئها الاول عن معرض عشتار في صالة الباسل لاتحاد الفنانين ضمن احتفالية العاديات وبالتعاون مع الاتحاد ومكتب المعارض في 3-1-2022 أكمل ما بدأته في المقدمة لأقول: إن ما أرسمه يحتاج لتعاون وثقة ما بين الفنانين بحيث تتاح الفرصة لمشاركات أكثر اتساعا وعبر معارض تراتبية وفق الأساليب التي ينتمي لها كل فنان لأني كنت ولازلت مؤمنا بان المشهد الكلي هو لوحة بحد ذاتها وأنا أشير هنا إلى عمليات التنظيم والتنسيق للمعارض واللوحات ابتداءا من الدعوات إلى الإخراج الكلي للمعرض وتلك مسؤولية حساسة لأن العرض سلاح ذو حدين حد يولد النشاذ في داخل النفوس حين لا يرتقي المعرض والعرض للمستوى المطلوب وآخر ينمي الحس الجمالي وطاقة المحبة البناءة في ذات المتلقي حين تحقق الأعمال سوية معينة ومستوى مطلوب أولا وحين يتحقق في العرض ذاك الإيقاع الغنائي المترابط عبر التنسيق ثانيا حينها وحينها فقط يمكن للوحة والمعرض آن يكون خطوة إضافية لتاريخ المعارض الجادة والحقيقية تلك مقدمتي العابرة للخوض في مشاركات فنانين حقيقين لبو الدعوة بكثير من الثقة وكان حقهم علي أن أكون على قدر تلك الثقة وقد علمتني تجارب الأعوام السابقة ألا افشي بكل ما يتعلق بعملي طالما كان ولا يزال هناك بعض الدخلاء وناكري الجميل الذين يتحركون ضمن تكتلات لا يعنيهم من خلالها سوى محاولات الإفشال لكل جهد يسعى لإحقاق الحق و الإضاءة على العمل الذي يستحق وهنا سأبدا باستعراض تتمة بعض الثمين ليكتمل المشهد التشكيلي ضمن المعرض بدءا من:

فريد رسلان رئيس اتحاد الفنانين باللاذقية: يتجلى في لوحاته سحر البيئة والحياة المنشغلة نهارا (الرحية ... خبز التنور .. البقرة .. الدجاجة .. وكل ما يقوم به الفلاح من أعمال) بكل ما تتضمنه من مفردات تعكس جمال الحياة الريفية وبساطتها أما في عمله المقدم  بأسلوب واقعي مبسط بألوان ترابية تغلب عليها الأهرة فهو يعكس قيم تراثية عبر الموضوع المطروح كما تعكس الجمال والبساطة في روح الفنان

أمير حمدان: هناك عودة بين حين وآخر عند أمير حمدان إلى البورترية بحس أكاديمي مبسط تلك كانت مشاركته وهو المعروف بأجواءه الحالمة التي يرصد من خلالها المدينة تحت الظلال الليلكية والأقمار.

بولص سركو: مابين الحس الشاعري والتصوير الواقعي لأفكاره السريالية تتراوح أعماله لتاخذه في لوحته المشاركة إلى التأكيد على الفكرة وانبثاقها من حلكة الليل الأسود في الخلفية وهو القادر على سرد قصة لوحته وفكرته المخمورة بكأس المحبة والشاعرية

راميا حامد: أثبتت راميا حامد حضورها على الساحة التشكيلية منذ أول لوحات شاركت بها إذ عكست قدرتها عبر البناء والتكوين ونسج خلية ساحرة من مزيج قوس قزح وفي مشاركتها أجدها تميل للخلفيات السوداء ولرصد ذاك السطوع لشخوصها الواقعية التي تحولت إلى دمى عبر أياديها البيضاء.

فريد شنكان: يبقى ذاك الأثر الزحرفي حاضرا في أعمال فريد شانكان الذي اشتغل لفترة طويلة بتزيين الأسقف والجدران عبر تصاميم زخرفية خاصة وعبر العجمي والنافر أحيانا وقد قدم عملان عبر خطوط على خلفيات زرقاء يستحضر من خلالهما الأشكال والرموز التراثية.

يعرب أحمد: تتجلى انطباعية يعرب احمد عبر عجينة اللون والسكين اذ يغني عبرها سطح اللوحة بتشكيل صخري يرصد جزءا ساحرا من ذاك الترتيب الفوضوي الأخاذ للطبيعة في مكان ما على سطح أرض جرداء ضمن قرية من قرى جبلة عرفت ببساطة وطيبة أهلها.

رمضان النزهان: لازالت الطبيعة تناديه ليعالجها بسحر اللمسات الانطباعية والانعكاسات الآخاذة للون على سطح الماء وكأنها لم تشبع من معالجات من سبقوه وربما وجدت في لمساته اختلافا عمن جاوروه فألوانه النظيقة والنضرة لا توهجها في عيون الفجر سوى أياد متمكنة ومقتدرة هكذا هو رمضان النزهان يلخص لوحته ببريق الألوان ويختصرها إلى لونين لا أكثر لون الخريف الأرجواني الخامد والمشتعل ولون السماء والبحر الأزرق يعانق ضياء الفجر ليكتمل الواقعية الانطباعية.

ليلى طه: تنسدل الورود عن الجدران وتتوزع على الأدراج وفوق الحيطان على خلفية بيوت تراثية لها حكايتها مع ليلى طه التي ترتبها لتسلسل كما الأبجدية على سطح يرفض البعد الثالث ويستند على المباشرة والعفوية انطباعية تعبيرية.

سامر الصعيدي: يعالج سامر الصعيدي الطبيعة والورود بحس انطباعي يعطي لعجينة اللون قيمتها سواء عبر السكين أو الفرشاة وعبر ألوان خام صريحة وواضحة إذ يزرع الأرض المتحدة بالأفق الأزرق والسماء بالأمل وبورود وألوان متممة تشع ضياء

اختم بالشكر لكل من ساهم في إنجاح تلك الاحتفالية الجميلة على أمل اللقاء في معارض واحتفاليات أخرى.

***

الفنان والباحث حسين صقور (الفينيق)

رئيس مكتب المعارض والصالات المركزي

في المثقف اليوم