أوركسترا

ثوابت بوليود.. الخطوط الحمراء في السينما الهندية

1929 سينما هندي 5للسينما الهندية (بوليود) بديهيات لا يمكن المساس بها وتغييرها إلا نادرا، ومن يتعدى هذه الخطوط الحمراء عليه أن يكون مستعدا لتبعات عمله مهما كان مخرجا كبيرا أو نجما مشهورا، حيث يمكن أن تصل ردود الفعل الرافضة لهذا التعدي لحد التهديد بالقتل مثلما حدث مع الممثلة ديبيكا باديكون والمخرج سانجاي ليلا بهناسلي في فيلم Padmaavat سنة 2018، وسابقا مع الممثلة سونالي بندري في بداية الألفية بسبب لباس هندوسي غيرت شكله وجعلته فاضحا في أحد أفلامها.

الدين حاضر بقوة في السنيما الهندية وكثير من أفلام بوليود هي دروس خفيفة في الهندوسية، تعطيك لمحة سريعة عن الآلهة المهمة عندهم.

رغم احتوائها أحيانا على كثير من التحرر في الأفكار والطرح، والعري في اللباس والعلاقات، إلا أنه توجد مبادىء أو ممنوعات لا يمكن الاقتراب منها في الأفلام الهندية او المساس بها، مثل الهندوسية، الوطن، الأم، الزوجة، حيث لا يمكن للزوجة أن تكون خائنة، ربما عدد الأفلام التي تكون بطلتها زوجة خائنة في بوليود يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، مثل الفيلم المثير للجدل Kabhi Alvida Na Kehna المنتج سنة 2016، وهو من إخراج وإنتاج كاران جوهر، الذي تعرض لانتقادات كثيرة حينها، حيث تمرد على الصورة النمطية للزوجة في أفلام بوليود، خاصة وأن قصة الفيلم تسير نحو إعطاء مبرر للخيانة والبحث عن الحب الضائع.

1929 سينما هندي 1

كذلك هناك فيلم من بطولة الممثلة النيبالية والناشطة الاجتماعية مانيشا كويرالا عنوانه: Tum تكون البطلة فيه زوجة خائنة، لكنها تتراجع فيما بعد عن خيانتها وتتعرض لمتابعة قاتلة من طرف عشيقها المهووس والمضطرب نفسيا، الفيلم من إنتاج سنة 2004 ومن إخراج Aruna Raje.

فيلم آخر أثار غضب الرأي العام الهندي وتسبب في انتشار مظاهرات ضده وأعمال شغب في الشارع، فيلم PK المنتج سنة 2014 من بطولة عامر خان وإخراج راج كومار هيراني، والذي اتهمه المعارضون الهندوس بالتعرض بمسائل دينية وسياسية ممنوع الاقتراب منها.

1929 سينما هندي 4

الشارع الهندي قاس جدا في ردة فعله اتجاه ما لا يعجبه في الأفلام خاصة تلك المتعلقة بالدين، وتاريخ السينما الهندية شهد الكثير من أعمال الشغب وحرق دور السينما بسبب أفلام لا تتناسب مع معتقدات وآراء الشارع الهندي بمختلف أطيافه ودياناته خاصة الأغلبية الهندوسية.

1929 سينما هندي 2رغم أن رواد السينما الهندية الأوائل كانوا مزيجا من مختلف الديانات، إلا أن الأفلام الهندية على مدى سنواتها الطويلة التي تفوق المئة سنة سارت في الغالب بما يرضي الأغلبية الهندوسية شارعا وحكاما.

1929 سينما هندي 3الجنس في بوليود كان من الأول تابو ومن أهم الممنوعات، لكن للسينما الهندية إغراؤها الخاص بها، كان إغراء محتشما جدا في سينما الأبيض والأسود، وكانت أغلب أفلامهم عائلية وملتزمة بالمعنى العامي للكلمة، لكن مع الثورة الجنسية العالمية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي عرفت بوليود نوعا من التحرر والزيادة في العري تماشيا مع الوضع السائد، ولعل الجميع يعرف في تلك الفترة رمز الإغراء زينات أمان، التي كانت تبدو حينها قنبلة جنسية بالنسبة للهند التي كانت تمنع القبلة الفرنسية في كل أفلامها، ولا تزال ترفضها بعض ممثلات النخبة لحد الآن.

1929 سينما هندي 6

في فترة الثمانينات استمر الوضع نفسه مع الإغراء الهندي لكن لم يكن صارخا، لغاية بداية الألفية، حيث تغيرت تماما معالم الإغراء في بوليود وأصبح مبتذلا جدا يحوي الكثير من العري واللقطات الدخيلة على قصة الفيلم، والرقصات الغريبة التي تشوه الاستعراض الهندي التقليدي الذي شارك في التأسيس لصناعة سينمائية ناجحة.

1929 سينما هندي 7

تعتبر الممثلة المعتزلة والمنتجة الحالية Pooja  Bhatt هي التي فتحت صمام الأمان وتركت الباب مفتوحا على مصراعيه لتغير مسار الإغراء في بوليود، وذلك بإنتاجها لفيلم Jism  في جزئه الأول وإخراجها الجزئين الآخرين، لتتوالى بعدها موجة من الأفلام التي اتخذت العري الفاضح سبيلا للنجاح ولم تتوقف هذه الموجة لحد الآن، رغم أن النجمات المعروفات لم يتخصصن في هذا النوع من الأدوار وإنما كانت الريادة للممثلات: بيباشا باسو، مليكة شيراوات، نيها دوبتيا.........

و مع ذلك، يعتبر الإغراء معادلة فاشلة في بوليود إذا اعتمدت عليه الممثلة لوحده، وهو ليس من التابوهات المحرمة حاليا، ولا يثير غضب الشارع بقدر ما تثيره المواضيع الدينية والسياسية.

 

جمال الدين بوزيان

ناشط اجتماعي جزائري

 

 

في المثقف اليوم