أخبار ثقافية

صدور كتاب: حَيِّ بْنِ يَقْظانَ للشاعر خليل الوافي مَأْزِقُ القَارِئِ فِي فَتْقِ المُنْغَلِقِ

صدر حديثاً للشاعِرِ المغربي خَليل الوافِي كِتاب موسوم بِـ "حَيِّ بْنِ يَقْظانَ: المُتّوِحِّدُ الَذِي لا تَسَعُهُ التَّرْبَاءُ وَلَا تُسْعِفُهُ الجَرْبَاءُ" (الجُزْءُ الأَوَّلُ)، عن منشورات دار فضاءات للنّشْرِ والتوزيع بالأردن. 

الإصدار عِبارَة عن نصّ واحد، يضم بين طَيّاته (562) صَفْحَة من الحجم المتوسط، ويشتغل العمل على حداثة الكتابة في تجلّياتها الشّعرية، ويستأنس بأبجديّات معارف شتى، تتجاوز مع النّصّ الأصلي وتتماهى معه في آن واحد.

كما يغترف الكتاب من حوض مداد رسالة حي بن يقظان لأبي بكر بن طفيل الأندلسي، حيث ينصهر النثري في رحى الشعري، وذلك في بوتقة واحدة، وترشح تباشير الرؤيا، فيما ذهب إليه الفيلسوف، وما أبدعته لغة شاعر يقطن في الضفة المتاخمة لزرقة المتوسط.

ويستدعي النص في محيطه نصوصا أخرى تتجانس تارة وتارة أخرى تتنافر، وتشكل في النّهاية لوحة ضاربة في صخب غموضها الباذخ، وتلح على القارئ اللبيب أن يفك طلاسم مفرداتها المتجذّرة في المعاجم اللُّغوية.

وهَذَا مقطع صغير من ثنايا حروف كتاب:

مَكَدَ [الحَيُّ] مُمْسِكاً بِمَسَدِ الأَفْيَاءِ المُلْتَفَّةِ،

لَعَلَّ الفَخُورُ تُقْبِلُ، وَفِي أَخْلاَفِ ضِرْعِهَا، دَرُّ الغَيْطَمِّ الحَاشِدِ.

صَمْتٌ يُدَاهِمُ حُلْبُوبَ دَغَلٍ، وَفِي اِنْخِطَافِهَا إِرْبَةُ القَبْأَةِ، وَيَنْثُرُ الوَهْمُ ظِلاَلَهُ المُشْبَعَةِ بِأَلْوَانِ التَّبَارِيحِ، وَيَتَطَوَّعُ السَّحَرُ فِي إِخْفَاءِ شَذَا شَجَرِ الغَارِ. ثَمَّةَ مَكِيدَةٌ تُوشِكُ أَنْ تَنْجَلِي، عَلَى خُطَى شَمْسٍ شَمْطَاءَ، أَشْعُرُ بِأَنْفَاسِهَا تَلْفَحُ قِنَاعَ وَجْهِي. وَهَذَا النَّحِيبُ القَادِمُ مِنَ الشَّرْقِ أَسْمَعُهُ، وَخَلْفِيَ النَّوْفَلُ يَتَمَرَّدُ، وَيَنْكَمِشُ، تَرَاهُ يُرَاهِنُ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ الغَوْرُ، وَمَا تَتَمَخَّضُ عَنْهُ مَرَاكِبُ الطَّوَامِسِ، الَّتِي تَتَمَاهَى مَعَ نَزَقِ زَبَدٍ طَفَحَتْ رَغْوَتُهُ، عَلَى أَعْتَابِ مُدُنٍ عَامِرَةٍ، بِهَرَجِ القَوَافِلِ المُغْبَرَةِ، القَادِمَةِ مِنْ تُخُومِ الهِنْدِ وَبِلاَدِ الشَّامِ.

ـ مَنْ يَكْبَحُ جُنُونَ النَّامُورِ المَسْفُوحِ، عَلَى أَطْرَافِ العَوَاصِمِ، وَعَلَى مَشَارِفِ الخَوَاتِمِ؟

ـ مَنْ يَمْحَقُ هَذَا الهَدِيرَ الشَّامِخِ فِي أَقْطَارِ الغُيُومِ الجَاحِدَةِ، وَعَلَى مَرْمَى غَبْرَاءَ تَئِنُّ وَتَتَوَجَّعُ؟

ـ مَنْ يَصُدُّ صَيْحَةَ الضَّنَى الصَّارِخِ، عَلَى وَقْعِ غَرِينٍ خَالَطَهُ شَفِيفُ خَتْعَرَةِ الدَّعْرِ؟

ـ مَنْ طَفِقَ يَعْوِي فِي زُمْرَةِ فُسْحَةٍ، وَالوُعُولُ وَجِلَةٌ عَلَى مَرْمَى أَطْرَافٍ دَهْمَاءَ؟

ـ مَنْ سَرَّهُ كَتْمَ سِرِّهِ، وَمَضَى يُفْضِي بِأَسْرَارِ بَوْحِهِ، لِيَمٍّ سَئِمَ ضَجَرَ السَّرِيرَةِ العَوِيصَةِ؟

أَنَا الخَاسِفُ السَّفِيطُ، أَدْلِفُ طَيْفَ زَوْبَعَةٍ، وَأَتَحَرَّى عَنْ شَبِيهِي فِي أَلْوَاحِ مُوسَى،

وَعَنْ أَخٍ اِسْمُهُ عِيسَى، وَأُمُّهُ البَتُولُ، تَوْأَمُ حَاضِنَتِي،

وَ "قُلِ الحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفَى".

***

في المثقف اليوم