 مناسبات المثقف

نحن والمثقف.. تحية سريعة

صالح الرزوقكانت المثقف بالنسبة لي خشية خلاص.

وأدين بهذا التعبير لصديقي القاص والمجدد محمود الريماوي.

أول مقال نشرته في المثقف كان عن المعنى الجمالي والفني لتصميم الأزياء. وقد ترجمته عن مجلة أمريكية أكاديمية تعنى بالعلاقة بين الاختصاص العلمي والحرفة والمجتمع.

ويجدر بي التنويه هنا أن اختصاصي الأكاديمي هو هندسة الألياف. أو بتحديد أدق تكنولوجيا الألياف.

وإذا كان العالم يهتم بالناحية التاريخية والاجتماعية للهندسة فنحن أبعد ما نكون عن ذلك.

و لا زلت أشعر بهذا النقص الفادح في مؤسساتنا العلمية.

إنها تتعامل مع المهنة وكأننا في ثكنة والطلبة والمدرسون مجرد عساكر.

وأقسى ما في هذا الاتجاه الحرمان من الابتكار. فالمنهاج أمامك. وتنحصر مهمتك بالتكرار.

واذا كان لا بد لي من تشبيه لواقع الحال أذكر رواية "حكايا المؤسسة" لجمال الغيطاني. نحن في كلية الزراعة نتعايش مع واقع بارد و عدائي. كلنا موزعون على غرفتين أو ثلاثة. وكل واحد فينا صدى لصوت من سبقه. وأي حرف أو كلمة خارج أنبوب التوصيل المعتمد عبارة عن تجديف أو مروق.

أعود للمثقف

لم أجد فرصة لنشر تلك الترجمة إلا على صفحات المثقف. وكما أذكر كانت توظف أفكار سوسير وبارت في تحديد العلاقة المحتملة بين لغة الثياب والمجتمع النوعي.

فلكل فئة نمط حياة وطريقة للتعبير واختيار الثياب جزء منها.

ففي البلاد الرطبة أنت بحاجة لثوب مضاد للبلل.

وفي البلاد الحارة أنت بحاجة لأزياء تسمح لك بالتنفس وتبادل الحرارة والتهوية.

ثم بدأت المثقف ترفدني بجو تسوده روح الانتقاء والرأي والرأي الآخر. ولم يفرض أحد رأيه.

وبالعكس.

وصلتني عدة دعوات للمشاركة بمطبوعاتها غير الدورية، عن الفن التشكيلي والشعر والإديولوجيا وسوى ذلك.

وكانت الدعوات تأتي بشكل عنوان أو اقتراح بلا أي قيود ما عدا عدم استعمال كلمات نابية أو استفزاز مذهبي وطائفي.

واليوم بعد مرور 13 عاما من عمر المثقف أجد نفسي أقرب للفكر الحر والابداع الفني مما كنت عليه سابقا.

وكذلك أنا أغنى بعدد الأصدقاء الافتراضيين والمعارف.

وكان تبادل الرأي على امتداد هذه السنوات مفيدا ومحرضا. والتحريض هنا بمعناه الإيجابي أي التشجيع.

ولا أنكر أنني مدين للمثقف بتوسيع أفق أفكاري. وبالأخص بجانب لم أكن أهتم به وهو الفكر الديني.

فقد أضافت لمعلوماتي من خلال مقالات صالح الطائي وماجد الغرباوي والدكتور الرفاعي إلخ...

وبدأت أجد من يشد أزري في مشكلة اللامفكر به أو المسكوت عنه مثل تصحيف القرآن ومشاكل الوحي والتنزيل. ومسألة الجهاد والجزية.

وحتى الآن مثل هذه المناقشات المفتوحة والمفيدة تكاد تكون محرمة في حلب.

وأنا لا أشير للرقابة الرسمية ولكن للشارع والأسرة والأصدقاء. كان ضغط هذه الدوائر أقسى من التعليمات.

وأنت بحاجة لأن تعيش بنصف شخصية حتى لا تدمر علاقاتك.

شكرا للمثقف على هذه الفرصة.

وأتمنى لها أن تستمر مع سابق علمي بالصعوبات المادية والمعنوية التي يواجهها طاقمها الصغير بإمكانياته المحدودة

 

د. صالح الرزوق