مناسبات المثقف

رحلتي مع صحيفة المثقف!!

صادق السامرائيتحية تقدير وإعتزاز لصحيفة المثقف برئيس تحريرها وطاقمها الإبداعي العزوم الهمام، الذي أدام مسيرتها وإطلالتها التنويرية الوهاجة.

وهذه المقالة الثالثة عشر التي أكتبها بمناسبة عيد ميلادها، وقد بدأت مشواري معها منذ الأسبوع الأول لإنطلاقها ولازلت متواصلا معها بذات الزخم.

في العقود الأخيرة من القرن العشرين كنت أكتب في المجلات العربية والأجنبية، ولكي تظهر المقالة أو النص عليك أن تنتظر لبضعة أسابيع، وكان من الحظ أن تنشر في الشهر مرة واحدة، وفي بداية الألفية الثالثة أخذت المواقع الإليكترونية تظهر، وعلمت بصدور صحيفة عراقية فبدأت الكتابة فيها ولا زلت.

وذات يوم تلقيت رسالة موقعة بإسم "أبو حيدر"، يعلمني فيها بأنه قد نشر لي، نصا منشورا في صحيفة أخرى،  في صحيفة المثقف، التي هي صحيفة المثقف العراقي في كل مكان، وفي الرسالة عنوانها، فذهبت إليها متصفحا فأعجبني شكلها، وجذبني جمال إخراج النص، فتوقفت لبرهة أتساءل مع نفسي : أنشر فيها أم لا أنشر؟، وفي ذات الوقت وصلتي رسائل تحثني على عدم النشر وتعاتبني على نشر ذلك النص فيها، كما كنت أتلقى الكثير من الدعوات من مواقع وصحف لإجراء حوارات أو للكتابة فيها، فأمتنع لعدم وضوح رؤيتها وغاياتها وضعف قدرات القائمين عليها.

لكن المثقف إسم جميل لم يكن مطروقا كعنوان لصحيفة أو موقع، وكان هذا الإختيار فعّالا ومؤثرا، وعندما تصفحتها كشَفَتْ عن رصانتها وجديّتها، فالكلمات التي ترسم رؤيتها ذات منطلقات إنسانية وثقافية راقية، فأدركت أنها ذات مسار متميز وصريح يكنز بشائر النماء والتطور، ولهذا تجرأت على التواصل والدعم لهذا البرعم الناشئ، فليس من السهل أن تؤمن بأن بداية ما ستكون بهذا الإشراق والعطاء الوبيل.

قلت  ترددت وبعد يومين من المتابعة قررت أن أنشر، وإذا بي أمضي بلا توقف وهي تنشر لي في كل يوم نص ومقالة، وفي حينها كان عدد الكتاب لا يتجاوز العشرين، وبقي لفترة هكذا، حتى أورق البرعم وتحول إلى دوحة وارفة، ومن ثم إلى مروج ثقافية إبداعية ذات شلالات عطاء لا ينضب.

وهكذا كتبت وحسبتها نوع من المغامرة في صحيفة لا أعرفها ولا أعلم مَن هو صاحبها، لكن تلك المغامرة كانت ممتعة لأن الصحيفة أخذت تتطور وتكبر وتنوعت الأسماء والمواضيع فيها، حتى أصبحت مؤسسة ذات قيمة ثقافية وفكرية مؤثرة في صناعة العقل العربي المعاصر.

 

وأول نص نشرته في المثقف هو "نبضات الأعماق" في 15\6\2006 .  وبعده "حبيب الروح" في 17\6\2006، و"أنت لي" في 19\6\2006، و"ترنيمة الإمعان" في 21\6\2006، و" كيف للحب يكون" في 24\6\2006، و"خريرالأحزان" في 28\6\2006، و"ضياء الروح" في 29\6\2006.

ومقالات "وجوب الإختلاف" في 23\6\2006، و"الإبداع الإسلامي الجليل" في 25\6\2006 ، و"محنة الوطن العراقي" في 30\6\2006.

وبعدها توالت المشاركات اليومية ما بين المقالة والدراسة والنص، وربما تجاوز ما نشرته في المثقف عدة آلاف عنوان.

 وما أحزنني وأحبطني لأكثر من مرة تعرض الصحيفة لهجمات إليكترونية أطاحت بأرشيفها، فهدّ من عزيمتي لكنني تعافيت ومضيت معها، أولها في 2009 وأصابتها هجمة أخرى بعد بضعة سنوات وشفيت منها وتواصلتْ وتواصلتُ، وأظنها تعرضت لثالثة، وأملي أنها قد إمتلكت المناعة الكافية للوقاية من كيد الهجمات الإليكترونية الساعية لإطفاء الأنوار المعرفية الإنسانية الأصيلة الصادقة.

وهذا مطلع النص الذي أحفظه مما كتبت، فلست ممن يحفظ ما يكتب، لكنه بقي راسخا لأنه أول نص نشرته صحيفة المثقف على صفحاتها الغراء، فكان أول قطرة في تربة المثقف من غيث اليراع.

الخميس 15\6\2006

وًلد الروح قُبَيْلَ الأزل

وتهادى ببراق الأبدِ

في قلوبٍ كفضاءٍ وسِعتْ

كونَ حبٍّ لجموع البشر

.............

............

مبروك لصحيفة المثقف عيد ميلادها الثري بالإبداع والتألق والسطوع، وكل عام والقائمين عليها بعافية وقدرة على التواصل المعرفي الخلاق، وأملنا أن تحمل رايتها الأجيال.

وتحية خالصة وتقدير للأستاذ ماجد الغرباوي على ما يبذله من جهد مثابر وإيمان برسالة الإنسانية السمحاء، والتنوير العقلي المعاصر الذي تتعطش إليه أمة الأنوار الكونية.

وأعتذر من الأساتذة الكرام والقراء الأعزاء لقلة تفاعلي مع التعليقات لضيق الوقت ولأسباب تقنية متنوعة.

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم