شهادات ومذكرات

التطور التاريخي لمشكلة الطائفية السياسية في العراق (4)

زهير جمعة المالكيفترة الانقلابات العسكرية 1936-1958

تقوم حضارة كل أمة على عدد قليل من المبادئ الأساسية، ومن هذه المبادئ تُشتَق نظمها وآدابها وفنونها، وهذه المبادئ تتكون ببطء كبير كما أنها تزول ببطء كبير، وتصبح من الحقائق التي لا جدال فيها وتضرب جذورها في أعمق طبقات الأمم، والمبدأ الجديد، حتى يصبح اجتثاثه من اصعب الصعوبات، فالبشر يتشبثون تشبثا قاطعا بالمبادئ الميتة على الدوام. والطائفية السياسية من المسائل التي أصبحت تضرب بجذورها في اساسات الحياة السياسية في العراق بحيث اصبح اقتلاعها غير مقبول لدى الكثيرين بل ويبلغ حد الخيانة المشكلة الطائفية " قد امتدت طويلاً، لأن لها جذوراً تاريخية عميقة تركت آثارها وبصماتها على شكل الحكم حتى الآن" [1]. ففي نهاية العام (1920) وقف (مزاحم الباجه جي) يتلو خطابه الذي ودع فيه الكولونيل ولسن (وكيل المندوب السامي البريطاني، بعد ثورة العشرين) قال فيه (ان كل شيعي هو إيراني)، كما كتب في مذكراته التي جمعها ابنه (عدنان الباجه جي) " أن ثورة العشرين بدأت وطنية الأهداف إلا انها وقعت فيما بعد تحت النفوذ الايراني بتأثير بعض علماء النجف وكربلاء الذين كانوا من أصل فارسي مما اعطاها طابعاً طائفياً شعبوياً، وأن الغايات التي كانوا يتوخون الوصول اليها لم تكن لخدمة الاماني والمصالح العربية بقدر ما كانت لتوطيد النفوذ الفارسي في البلاد". و(مزاحم الباجه جي) هذا سيصبح عام 1948 رئيس وزراء العراق. وهذه الثقافة أيضا تظهر في رد (جعفر العسكري) بعد ان اخبره (نوري السعيد) برغبة (الملك فيصل) بالتصاهر مع شاه ايران رد عليه جعفر باشا متهكما "بعد شيخلصنا من اهل كربلاء والكواظمة راح يصيرون خوال ولي العهد والملك بعدين" [2].

كـان ساطع الحصري وناجي شوكت أوّل من أخرج لفظة "الشعـوبية" واشاعها بعد ان كانت اختفت في سجلات التراث القديم وساعدهم في ذلك المدرسون السوريون واللبنانيـون والفلسطـينيـون الذين عمل (الحصري) على جلبهم للتـدريس في ثانويات العراق. وكان أوّل من اطلقت عليهم تهمة (الشعـوبية) الشـيعة، فهذا (ساطع الحصري) مدير المعارف والذي لم يكن يجيد العربية ويحتاج الى مترجم يقول عن شاعر العرب (الأكبر) " إن عرق الجواهري ينبض بالفارسية، وإن هذا الذي قاله ماس بالعراق فلا يجب تعيينه معلماً" [3]. ويؤيده (طه الهاشمي) رئيس الحكومة ووكيل وزير المعارف مطالبا بإقالة وزير المعارف الشيعي (عبد المهدي المنتفكي) بقوله "من العيب أن يتردد مجلس الوزراء في إخراج عبد الهادي من الوزارة، بعد أن أظهر تشيعاً للفارسي الجواهري"[4]. ثم يعقب الجواهري نفسه على هذا الحدث قائلاً: "لقد طلب مني أن أثبت أن يكون والدي هو وسبعة من آبائه عراقياً، وليس في البلاد العربية والأجنبية نظير لمثل هذه الفضيحة"[5].وقد تصدى لهذه الفتنة عدد من الكتاب أمثال عبد الكريم الدجيلي الذي قال "فالأتراك هم الذين صبوا الظلم والحقد على العرب، ومن هنا التحقت أسر عديدة بالتبعية الإيرانية، تخلصاً من ذلك التعسف، ونجاة من الخدمة العسكرية، وما دامت التبعية أجنبية، فلا فرق بين الاثنين"[6].

وقد اثرت الإجراءات الطائفية التي كانت تسير عليها المجموعة الحاكمة على الترابط الاجتماعي العراقي فبرزت حالات كادت ان تتحول الى نزاعات طائفية ومنها ما تناولته الصحافة بالمتابعة، مثل قضية محاكمة مطرب المقام (محمد القبانجي) عام 1925 الذي قام بتأليف وتلحين وأداء اغنية (سودنوني هالنصارى) فقام صحافي مسيحي برفع دعوة على المطرب يتهمه فيها باهانة المسيحيين واهانة رموزهم الدينية. كذلك حدثت عام 1931 قضية المؤرخ (عبد الرزاق الحسني) الذي اتهمته الطائفة الصابئية بالاساءة للصابئة في كتابه (الصابئة قديما وحديثا)، وقد أدانت المحكمة السيد عبد الرزاق الحسني وطالبته بالاعتذار رسميا للطائفة، والتعهد بتعديل ما ورد في كتابه بالرجوع الى رجال الدين في الطائفة المندائية للحصول على المعلومات الدقيقة، وقد اعتذر المؤلف لرئيس الطائفة وتعهد بذلك امام المحكمة. وكذلك قضية النزاع حول البيت الذي كان يملكه مؤسس الديانة البهائية في منطقة الشيخ بشار في بغداد، وقد وصل الامر الى التهديد بعدم رفع الانتداب عن العراق وحصوله على الاستقلال التام وحرمانه من دخول عصبة الامم، اذ اشار تقرير الجهة المنتدبة الى انتهاكات تمس الاقليات الدينية، حتى تدخل الملك وحل الاشكال بين المتنازعين. كذلك برزت مشكلة (منارة العبد) يعود تاريخ منارة العبد الى سنة 767هج/1366م عندما بناها الخواجه مرجان الذي شيد جامع مرجان في شارع الرشيد ببغداد، وكان عبداً للسلطان أويس الجلائري من سلاطين الدولة الجلائرية، حيث بنى أعلى وأضخم منارة وبنى حولها مسجدا وأجرى لهما من أملاكه في كربلاء وبغداد وعين التمر والرحالية أوقافا يصرف واردها على المسجد والمئذنة، وسماها (انگوشتي يار) أي إصبع المُحِب، وفي اواخر 1936 قام متصرف لواء كربلاء صالح جبر بأمر من رئيس الوزراء ياسين الهاشمي بهدم مئذنة العبد الاثرية بحجة ميلانها وتصدعها،لكن سبب الهدم هو قرار سياسي اتخذه رئيس الوزراء السني ياسين الهاشمي لغرض الاستيلاء على عائدات الاوقاف الكثيرة التي تركها مرجان رحمه الله للمئذنة ولمدينة كربلاء، وكان هدمها آنذاك في الحقيقة بسبب الطائفية المقيتة التي كان يمارسها ياسين الهاشمي[7].

من الناحية السياسية فبوفاة الملك فيصل الأول ترك فراغاً لم يستطع ابنه غازي ملأه، مما أدى إلى ظهور الصراع على السلطة والنزاعات العرقية والطائفية، فظهر الجيش بقوة لوضع حد للوضع المتدهور [8]. يقول ناجي شوكت في كتابه (سيرة وذكريات) "ان الملك فيصل الاول ترك سدة الحكم لشاب نزق قليل التجربة سريع الاندفاع غير ملم بتاريخ العراق لا قديمة ولا حديثة وكذلك كانت الخسارة بوفاة والده الملك فيصل الكبير عظيمة ". وكتب (احمد حسن الزيات) واصفا عهد الملك غازي "من اجل ذلك امتحن الله ارض الفراتين بالقوة الغشوم فحكم الجيش واستبد الطيش واضطرب العيش وسلطت الايادي المجرمة على عباقرة الامة"[9]. إزاء ذلك كان من الطبيعي ان تعجز الحكومة عن معالجة الوضع، وحسب الكاتـب ايلي خضوري "إن الشيعة في الجنوب كادوا يكونون في ثورة معلنة ضد الحكومـة في صيف 1933.لذلك ومن أجل تحويل الاهتمام عنها وتوحيد صف المسلمين ضد غير المسلمين، قررت الحكومة إنزال صاعقة بالآشوريين".. وقد ذكر ستافورد استناداً الى حديث مع السيد ناجي شـوكت (رئـيس وزراء سابق) حول خطورة الموقف في الشمال، ما يؤكد وجهة نظر خضوري: "هذا شيء، والخطر الحقيقي هو الاضطرابات الشيعية. فلعلك لا تدري ان لـوائين مـن ألويـة الفرات الاوسط هي الان بلا حكومة اصلاً. واللواء الثالث (الديوانية) مشلول الادارة رغم ان متصرفه من اكفاء الموظفين" [10].

وفي الشمال قام تمرد في منطقة الزيبار أثناء شهر آب 1935 برئاسة خليل خوشوي، إلا أن القطعات العسكرية انهت التمرد بعد ان استعانت بقوات غير نظامية من الكورد انفسهم وكذلك استعانت بالقوات التركية وأعلنت الأحكام العرفية في المنطقة. ومن جهة أخرى أصبح الوضع في الرميثة صعباً وليس بأمكان السيطرة عليه بعد أن طبقت الحكومة التجنيد الإلزامي وكذلك منعت الوزارة الهاشمية تسير مواكب العزاء في الطرقات العامة أثناء عاشوراء وهذا الأمر استغله خصوم الوزارة واصبح سبباً لتمرد عشائر أخرى في الرميثة. إذ حدث تمرد في الرميثة يقوده الشيخ خوام رئيس عشيرة بني زريج، لذلك تقدمت القطعات العسكرية نحوها وانهت التمرد بعد أن ألقت القبض على الشيخ ودخل الجيش الرمثية في السادس عشر من آيار 1935. من جهة أخرى فإن الملك غازي الذي كان شاباً لا يتجاوز الرابعة والعشرين لم يكن مرتاحاً من تصرفات ياسين الهاشمي الذي غالباً ما تعارضت مع رغباته الشخصية ولاسيما بعد أن فرضت القيود على تصرفات غازي وأصدقائه في أعقاب هروب الأميرة عزة شقيقة الملك غازي مع عامل أحد الفنادق يوناني الجنسية وزواجها منه في حزيران عام 1936. وقبل إسقاط حكومة الهاشمي بقليل، أبلغ الملك وزير الخارجية نوري السعيد عن رغبته في تغيير الوزارة إلا أن الهاشمي لم يكن يرى وجوب الاستقالة، ولم يكد يمضي أسبوع واحد على ذلك حتى انقلبت الحكومة على يد الجيش فجأة، فكان هذا الانقلاب بمثابة الإعلان عن انتقال القوة السياسية من المدنيين الى الجهات العسكرية. كتب ناجي شوكت عن بكر صدقي قائد الانقلاب " استولى على الحكم طاغية شرير يكره العرب سفاك للدم مغرور غاية الغرور ولا يعلم غير الله وحده مايكون مصير العراق "[11].

بعد انقلاب بكر صدقي توالت على العراق حكومات حاولت خلق حالة من التوازن بين قوة الجيش والأطراف السياسية المختلفة ولكن تدخلات العسكريين في الأمور الإدارية والسياسية اصبح يثير استياء الساسة وتحول الصراع من صراع بين القوى المدنية الى صراع بين الضباط العسكريين فتم التخلص من بكر صدقي وجماعته وذلك في 11/ آب 1937 حيث قضي على الفريق بكر صدقي وأمر القوة الجوية في مطار الموصل عندما كانا يتهيأن للسفر الى تركيا لحضور المناورات العسكرية هناك. تم الاتفاق بين الضباط المتهمين بعملية الاغتيال وبين آمر منطقة الموصل أمير اللواء محمد أمين العمري على الخروج على الحكومة القائمة وإنذار الوزارة بالاستقالة. وقد أيدت حامية الوشاش في بغداد وبعض الوحدات الأخرى في أنحاء العراق موقف آمرية منطقة الموصل فما كان من حكمت سليمان ألا تقديم استقالة وزارته في 17 آب 1937. وفي اليوم نفسه عهد الملك بتأليف الوزارة الى جميل المدفعي الذي كان يخطئ بتأييد عدد لا يستهان به من قادة الجيش. ثم أخذ ضباط الجيش الذين شاركوا في القضاء على حكم بكر صدقي يجمعون قواهم من جديد تحت زعامة العقداء الأربعة وعندما عرفت وزارة المدفعي بفعاليات هؤلاء الضباط قررت أن تعالج الأمر بسرعة وتبعد المشتبه بهم من الضباط الى أماكن نائية غير ان العقداء الأربعة نجحوا في تهيئة قواتهم العسكرية في معسكر الرشيد لمعاكسة أي عمل مناهض لهم كما وجهوا في نفس الوقت انذاراً يطلبون فيه استقالة وزارة المدفعي وتشكيل وزارة جديدة برئاسة طه الهاشمي أو نوري السعيد أذعن جميل المدفعي لذلك الأنذار واستقالت وزارته في اليوم التالي الموافق 25 كانون الأول 1938 فأسند الملك رئاسة الوزراء الجديدة الى نوري السعيد وبذلك تم الانقلاب العسكري الثالث.

وقع حادث وفاة الملك غازي من جراء اصطدام سيارته التي كان يقودها بنفسه في مساء الثالث من نيسان عام 1939. ولما كان هذا الملك قد حظي بمنزلة شعبية بسبب وطنيته وسياسته العربية التي كانت تقلق الجهات البريطانية لذلك رافق الإعلان عن وفاته وقوع اضطرابات عنيفة في بغداد وغيرها من مدن العراق. كما انتشرت شائعات تدين البريطانيين ونوري السعيد وعبد الإله بقتل الملك غازي. وعلى كل التأم مجلس الوزراء في 4 نيسان 1939 وقرر إعلان الأمير فيصل بن غازي ملكاً على العراق باسم الملك فيصل الثاني. ونظراً لعدم بلوغ فيصل سن الرشد القانونية تقرر تسمية خالة الأمير عبد الإله وصياً على عرش العراق.

صدر قانون تنظيم المحاكم المدنية رقم 32 في العام 1947 واوجب على الطوائف الدينية غير الاسلامية ان تدون احكامها وقواعدها الفقهية وان تقوم بنشرها باشراف وزارة العدل، وفعلا تم ذلك بان نشرت بعض الطوائف المسيحية احكامها في جريدة الوقائع العراقية عدد(2855) بتاريخ 6-7-1950، وكذلك نشر اليهود احكامهم في الوقائع رقم (2698) في 31-1-1949، كما اودعت الاحكام الفقهية للصابئة المندائيين لدى وزارة العدل.

ضعف النظام الملكي في العراق نتيجة الظروف الداخلية ودبيب الشيخوخة في مفاصل الدولة والصراعات بين الأحزاب وعجز الملك فيصل الثاني عن سد الفراغ الذي تركه جده الملك فيصل الأول نتيجة لصغر السن وعجز بريطانيا عن ضبط الإيقاع داخل العراق نتيجة ظروفها الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية حركت الاطماع الدولية لاحداث تغيير في العراق يصب لمصلحة الدول المتصارعه. بالإضافة الى الصراع السوفيتي الأمريكي كان هناك تنافس امريكي – بريطاني على المنطقة. فالولايات المتحدة كانت تعتبر ان الأسلوب البريطاني في التعامل مع مستعمراتها القديمة لم يعد يصلح لادارة الصراع الأكبر ضد الاتحاد السوفيتي لذلك كانت تعمل على احداث تغييرات داخلية في مناطق النفوذ البريطاني السابقة. في نفس الوقت كانت بريطانيا تدرك ان العراق هو مركز نفوذها في الشرق الاوسط والوسيلة الوحيدة للمحافظة على ما تبقى لها من مراكز نفوذ في الامارات الخليجية ولكنها لا تستطيع الاحتفاظ بمنطقة نفوذها في الأردن بسبب المشاكل الاقتصادية التي كانت تعاني منها المملكة المتحدة لذلك فقد وافقت على انشاء الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن لتتخلص من العبء المادي الذي كان يشكله الأردن على الميزانية البريطانية ولمواجهة المد الناصري في مصر وسوريا. ولما تم الاتحاد بين العراق والاردن في 14 شباط 1958 "اقترح السفير البريطاني على نوري السعيد ان يتحمل العراق المعونة المالية السنوية التي كانت بريطانية تقدمها إلى الاردن ".

وقد ارتكب نوري السعيد خطاء قاتل عندما اعتقد ان علاقته الطويلة بالانكليز وتاريخه معهم سيجعلهم يوافقون على منحه الكويت لتنضم الى الاتحاد الهاشمي فعندما وصل (سلوين لويد) إلى بغداد في آذار 1958 اجتمع مع الملك فيصل الثاني بحضور ولي العهد الأمير عبد الاله ورئيس الوزراء نوري السعيد ووزير الخارجية توفيق السويدي إضافة الى الدكتور فاضل الجمالي فاتحه نوري السعيد بوجوب إعلان استقلال (إمارة الكويت) لضمها إلى حلف عربي[12] يقوم بين المملكتين الهاشميتين العراقية والاردنية في اول فرصة، فلما عاد لويد إلى لندن عرض الامر على مجلس الوزراء البريطاني فخوله هذا مفاوضة الحكومة العراقية لتحديد الحدود بين الكويت والعراق أولا : ومن ثم تمنح بريطانية الكويت استقلالها المنشود، على ان يترك لها حرية الانضمام إلى الاتحاد المزمع إنشاؤه بين العراق والاردن ولاجل أن يضع العراق بريطانيا تجاه الأمر الواقع قام نوري السعيد بدعوة أمير الكويت لزيارة العراق في العاشر من آيار 1958 وفاتحه نوري السعيد بامر انضمام الكويت إلى الاتحاد العربي أجاب هذا : لا بد من الاتصال بالانكليز واستطلاع رأيهم في الموضوع قبل كل شيء، فقابله عبد الوهاب مرجان رئيس مجلس النواب السفير البريطاني في بغداد، بإيعاز من نوري السعيد وعرض على مسامعه الموضوع عرضا مفصلا وألمح إلى وجوب منح الكويت استقلاله ليتسنى دعوتها للالتحاق بالاتحاد العربي كعضو مساوٍ إلى الأعضاء الآخرين فقال السفير أنه سيتصل بحكومته البريطانية ويوافي الحكومة العراقية بالنتيجة قامت الحكومة العراقية باعداد مذكرة حول ضرورة دخول الكويت في الاتحاد العربي بين العراق والأردن وكان من المقرر نشر هذه المذكرة في الثاني عشر من تموز 1958، ولكن السفير البريطاني زار توفيق السويدي وطلب تأجيل نشر المذكرة. عندها ادركت بريطانيا ان نوري السعيد والنظام الملكي العراقي اصبح عبئا على موقع بريطانيا في المنطقة فكان لابد من احداث تغيير للتخلص من ذلك العبء.

يشير الدكتور صالح البصام في كتابه المعنون "مذكرات واسرار هروب نوري السعيد" الطبعة الأولى المنشورة سنة 2003 عن دار الانتشار العربي – بيروت – لبنان.الى "ان اقطاب الحكم الملكي اهملوا تغيير اساليب الحكم التي كانت صالحة لمطلع القرن العشرين، لكنها لم تعد تصلح للنصف الثاني من القرن العشرين.تم اهمال الجيش والذي اصطف جزء كبير منه مع عملية التخريب التي تعرضت لها البلاد تحت شعار قبر النظام الملكي البائد.ان الجيش العراقي في بداية تاسيسه كان يختلف عن الجيش في السنوات اللاحقة من حيث الانحدار الطبقي والاجتماعي.لقد شجعت ادارة الجيش السيئة قبول فئات من الشباب المنحدرين من المدن ذات الاصول المختلطة، او من القرى المتخلفة ورفضت قبول ابناء العشائر العراقية ومنعت دخولهم الى الكلية العسكرية.لقد كانت التوجيهات العسكرية لاتهدف الى بناء الروح الوطنية.لقد منعت الادارة العسكرية قبول ابناء الشيعة في الجيش العراقي وتم رفض طلباتهم بشتى الحجج.وقد استمرت الانظمة الانقلابية الجمهورية على نفس السياسة مما ادى الى تفكيك العراق وتدميره وايصال الامور الى مانحن عليه اليوم.لقد سار قادة الجيش على النمط العثماني والمشبع بالروح الطائفية.".ان الفرصة الذهبية التي اتاحها الجيش، لم تفت على معلمي المدراس الريفية من ابناء تكريت. وكيف تفوت عليهم وبواسطتها ينتقل الواحد منهم من معلم منسيَ في قرية نائية الى ضابط في الجيش العراقي، فتفتح امامه افاق لا حد لها، كما حصل بالفعل، فأصبح احدهم رئيسا للوزراء واخر رئيسا للجمهورية. وهكذا سارعوا الى اغتنام هذه الفرصة فتقدَموا بعرائض الى وزارة المعارف يطلبون فيها اعفاءهم مما كان قد بقي عليهم من مدة الست سنوات التي كانوا قد تعهدوا ان يخدموا خلالها في التعليم في المدارس الاولية الريفية. وامتنعت وزارة المعارف في بادئ الأمر عن الاستجابة لطلباتهم لسبب وجيه هو انهم كانوا يدَرسون في مدارس اولية ريفية معظمها ذات معلم واحد. فاذا اعفي المعلم من تعهدُه تضحى المدرسة الريفية بدون معلم وعندئذ، تضطر ادارة المعارف الى اغلاقها حتى تجد معلما يحل محل المعلم المعفي من مدة تعهده. ولكن جهود العين مولود مخلص لدى وزير المعارف ولدى رئيس الوزراء، تمكّنت من التغلب على معارضة وزارة المعارف التي وافقت في نهاية الأمر على اعفاء المعلمين الآنفي الذكر من المدد المتبقية من تعهّداتهم. وهكذا انضموا الى القسم التمهيدي (الاحتياطي) والتحقوا بالقسم الداخلي يتعلمون ويعيشون على حساب الحكومة وبعد نجاحهم في نهاية السنتين اللتين امضوهما فيه، اي القسم الداخلي، دخلوا الكلية العسكرية وتخرجوا منها ضباطا في الجيش العراقي. وكان من بينهم طاهر يحيى واحمد حسين البكر ورشيد مصلح وغيرهم. وهكذا اراد الملك فيصل شيئا وتحقق شيئ آخر.

حاول كل من الملك حسين بن طلال والرئيس التركي تحذير الحكومة العراقية من الانقلاب الوشيك ولكن ردود أفعال الحكومة العراقية كانت دليلا على الشيخوخة التي اصابت النظام فقد اكتفى نوري السعيد باستدعاء (رجله المخلص) في الجيش الزعيم عبد الكريم قاسم قائلا (كرومي سمعت تريد تسوي انقلاب) اما عن رفيق عارف فقد ذكر رؤوف البحراني في مذكراته عن وفيق عارف " ولمّا أُلقي القبضُ عليه وأُدخل المعتقل قال له اللواء الطيار اسماعيل:كيف تغافلتَ عن الجيش ؟قال :كنتُ على علمٍ بهم،واستدعيتُ مَنْ أَثِقُ به وهو عبد السلام عارف، الذي لي دالةٌ عليه وسألتُه :ولمّا فاجئتُه بما أعلم، قال :سيدي أنت تعلم أنّك في أعلى منصب في الجيش وتتمتع بمزايا لم تتوفر في غيرك،ونحنُ نُريدكَ على رأس الحكم لاصلاح الحال،وطمأنني أنني سأكون رئيس الدولة التي يعتزمون اقامتها،فأخفيتُ ما يقومون به،وكتمتُه على نوري باشا،ورميتُ اللوم على(بهجت العطيّة)، وانه يختلق مالا صحة له ليشوّه سمعة الجيش ولما سمعتُ من الاذاعة يوم 14 تموز البيانات أدركتُ بنجاح الثورة، ولبستُ ملابسي استعداداً لمجيئهم اليّ، ولما دخَلَ عليّ العرفاء يطلبونني قلتُ لهم :أما كان … أرفع منكم رتبةً ليأتيني،فسحبني العريف الى السيارة،وأدركتُ انّ عبد السلام كذب عليّ فأتوا بي الى هذا المعتقل ” !![13]. كان رفيق عارف رئيس اركان الجيش العراقي وهو المسوؤل عن حركات القطعات العسكرية ولكنه كان يشعر ان نوري السعيد يميل الى نائبه اللواء غازي الداغستاني اكثر منه وقد نجح عبد السلام عارف في دغدغة طموحات رفيق عارف وحلمه بان يكون (محمد نجيب) العراق لذلك قرر منح عبد السلام عارف فرصة دخول بغداد دون أي مقاومة بل وعمل على تأخير شقيقه وفيق عارف الذي كان قائد اللواء الأول القريب من بغداد والذي حاول بعد القبض على شقيقه الذهاب الى اللواء ولكن وصوله متاخرا منح الفرصة للانقلابيين في السيطرة على اللواء.

في عام 1948، وقّعت الحكومة البريطانيّة مع حكومة بغداد ما عرف بمعاهدة بورتسموث المتعلّقة بتنظيم وتمديد الوجود العسكريّ البريطانيّ في العراق. وانطلقت تظاهرات شعبيّة واسعة معارضة للمعاهدة سمّتها الأدبيّات الوطنيّة العراقيّة بـ"الوثبة". كانت من نتائج تلك الوثبة اقتناع الإدارة البريطانية بان الأوضاع في العراق بحاجة الى تغيير في الوجوه فيذكر الدكتور صالح البصام ان السفير البريطاني مايكل رايت من طلب منه زيارة بيته بعد ان جلب انتباهه وهو يمر بزورق صغير في نهر دجلة وطلب شرب الشاي مع الدكتور البصام.تم اللقاء يوم 4 تموز 1958 وكان من بين المدعوين نوري السعيد وهو جار الدكتور البصام وعدد من الوزراء امثال الحاج عبد الهادي الجلبي ورشدي الجلبي والدكتور فاضل الجمالي واخرين.وقد حضر مايكل رايت وزوجته الليدي رايت والملحق الشرقي المستر فول.لقد كان المستر فول يحدث الجالسين على طاولته على ضرورة تغيير حكام العراق لفسح المجال للمثقفين من الشباب العراقي لادارة بلادهم منددا بالوجوه العراقية الحاكمة الذين لايتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة وقد احتكروا السلطة واخذوا يتبادلون الحكم فيما بينهم.وقد خشي الدكتور البصام ان يصل صوت الضيوف الى مسامع نوري السعيد الذي كان يجلس الى طاولة مجاورة.لذلك انتقل الدكتور البصام الى طاولة الليدي رايت زوجة السفير البريطاني وزاد اندهاش الدكتور البصام عندماعلم ان هذه المجموعة تتحدث عن ضرورة تغيير الوجوه القديمة من الحكام وافساح المجال للشباب المثقف وتسليمهم الحكم بشكل سلمي.

بالنسبة للجيش في نهاية عام 1949 قام الرائد (رفعت الحاج سري) بتشكيل تنظيم عسكري تحت عنوان (تنظيم الضباط الوطنيين) على شكل خلايا سريه متفرقه في ثكنات ومعسكرات مختلفه، وكانت ميول هؤلاء الضباط تختلف ما بين قوميين الى شيوعيين الى ليبراليين، وهذه الخلايا تتجمع كلها في تنظيم الضباط الوطنيين الذي يقوده رفعت الحاج سري، أطلق عليه فيما بعد (تنظيم الضباط الأحرار) تيمناً بتسمية الحركه التي وقعت في مصر.في راوندوز وبشكل سري جرت بين الثلاثه محادثات بعلم كل من عبد السلام عارف ورفعت الحاج سري، على إثرها سافر جمال حماد الى مصر وأطلع جمال عبد الناصر على كل الأوليات، ثم عاد الى بغداد وأبلغ المجموعه برد عبد الناصر، ثم قطع علاقته مع المجموعه حتى لا يثيرون الشبهات، وأبلغهم أن يتصلوا عوضاً عنه بسكرتير السفاره السوريه في بغداد (محمد كبول) للإطلاع على المخطط الأمريكي لقلب نظام الحكم الخطه التي أعدت للإنقلاب عام 1956 تتلخص في أنه بتاريخ 12 /10 / 1956 سيتم إجراء إستعراض عسكري، أثناء الإستعراض يتم ضرب المنصه التي يجلس عليها الملك فيصل الثاني، الوصي عبد الإله، نوري السعيد، والمارشال البريطاني مونتغمري.

الضباط الميدانيون المخططون كانوا كل من : إسماعيل عارف، رفعت الحاج سري، صالح السامرائي، أما التنفيذ فكان من واجب اللواء الذي يقوده عبد الكريم قاسم. عبد الكريم قاسم كان وقتها خارج تنظيم الضباط الأحرار ويبحث لنفسه عن دور للإنتساب الى التنظيم بإصراره على موضوع ضرب المنصه مهما كلف الأمر، وهكذا نشأ بين المخططين والمنفذين بعض الجدل الذي وصل صداه الى نوري السعيد فقام بإلغاء الإستعراض العسكري، ونقل هؤلاء الضباط كل واحد الى مكان داخل أو خارج العراق فلا يلتقون أبداً. عبد الكريم قاسم كانت له علاقه جيده بالقصر الملكي ونوري السعيد تجعلهم يستبعدون أي شك فيه ولهذا لم تشمله حركة النقل التي وقعت بعد إفتضاح أمر محاوله عام 1956. الآن وقد خلت الساحه من ضباط منافسين يمكن أن يقاسموا عبد الكريم قاسم في جني المكاسب، فقد كرر محاولة ضرب المنصه في إستعراض عسكري وقع بداية عام 1958 بالإشتراك مع محمد نجيب الربيعي، وإفتضحت هذه المحاوله الثانيه التي قام نوري السعيد على إثرها بنقل محمد نجيب الربيعي سفيراً في المملكه العربيه السعوديه فأصبح الطريق سالكاً أمام قاسم للإستحواذ على كل ما يريد من مناصب، كتب الدبلوماسي الأردني (ضياء الدين بن طالب الرفاعي) الذي كان يعمل وقتها في السفارة السعوديه في الرياض في كتابه (حقيبة الذكريات) الكثير عن قلق محمد نجيب الربيعي وتكتمه بسبب هذه الحادثه حين عمل سفيراً للعراق في الرياض. عدة محاولات عسكريه للإنقلاب على الحكم لم تفلح، عندها قرر الأمريكان إخراج بريطانيا من العراق بالقوه، وكانت أدوات الإنقلاب الأمريكي في العراق في 14 تموز 1958 هم كل من جمال عبد الناصر وكميل شمعون ورشيد كرامي وسارت الخطه بعد توقيع الوحدة بين مصر وسوريا في 22 شباط 1958 وإعلان (الجمهوريه العربيه المتحده) تم إفتعال توتر داخل لبنان بين المسيحيين الموارنة والمسلمين على خلفية أن الرئيس الماروني (كميل شمعون) لم يقطع علاقاته مع الغرب عام 1956 حين دخلت مصر في حرب السويس. أظهر عبد الناصر الغضب، فإفتعل كميل شمعون تقارباً مع حلف بغداد ونوري السعيد العدو اللدود لعبد الناصرعند إعلان (الجمهورية العربية المتحدة) كان رئيس الوزراء اللبناني المسلم (رشيد كرامي) من المناصرين لها وهو مساند لسياسة عبد الناصر منذ حرب السويس.اللبنانيون المسلمون طالبوا الحكومة اللبنانيه بالإنضمام الى الوحدة في هذه الجمهورية الجديدة، بينما المسيحيون كانوا يريدون لبنان دولة مستقلة. عندها تمرد المسلمون اللبنانيون فقام المسيحيون اللبنانيون بالإدعاء أن هناك قوات من الجمهورية العربية المتحدة قادمة من سوريا ستقوم بمناصرة المسلمين، مما دفع كميل شمعون الى تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي. فقامت الأمم المتحدة على الفور بإرسال فريق من المحققين الذين رفعوا تقريرهم بأنهم لم يجدوا أيا ما يثبت ذلك الإدعاء. عندها أعلن كميل شمعون أنه يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة.. مما زاد الأمور حدة في لبنان كانت الخطة محكمة لإستدراج المنطقة للقيام بإنقلاب في العراق. في هذه الأثناء كانت الحكومة المصرية والرئيس جمال عبد الناصر شخصياً يجري إتصالات ومباحثات مع مجموعة من الضباط العراقيين لقلب نظام الحكم في العراق والإتفاق معهم على خطة لتنفيذ ذلك. خوفا من إمتداد العنف الذي يقع في لبنان الى الأردن، جعل الحكومة الأردنية التي ترتبط مع بغداد بالحلف الهاشمي، تطلب من الحكومة العراقية تحريك قطعات من جيشها للذهاب الى الأردن. لكن هذه القطعات ما أن تحركت، حتى خالفت التعليمات المعطاة لها فلم تذهب الى الأردن لكنها حاصرت المواقع المهمة في بغداد مثل وزارة الدفاع ودار الإذاعة.. ثم حاصرت القصر الملكي، وهي بقيادة كل من العميد الركن عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام محمد عارف. وعند الفجر فتحت السفارة المصرية في بغداد أبوابها ووزعت المنشورات وصور عبد الناصر، وأعطت التعليمات ومنذ الصباح الباكر أعطت القوة التي تحاصر القصر الملكي، الأوامر الى العائلة المالكة بمغادرة القصر، وكانوا كل من : الملك فيصل الثاني، الوصي عبد الإله، زوجته الأميرة هيام، الملكة نفيسة زوجة الملك علي ووالدة الوصي عبد الإله، الأميرة عابدية خالة الملك، وبعض الخدم.. أمر الجميع بالتقدم في الحديقة على شكل صف والإستدارة بوجوههم الى الحائط، وبدأ النقيب عبد الستار العبوسي بإطلاق النار فشاركته القوة المحاصرة بإطلاق النار.. فتم قتل العائلة المالكة وخدمها برمتهم

مساء نفس اليوم قدمت الحكومة المصرية التهاني للضباط العراقيين على نجاحهم في إسقاط الحكم الملكي وبدأت الإذاعات المصرية تذيع نشيد (بغداد يا قلعة الأسود) بصوت أم كلثوم الذي كان معداً لهذا اليوم.. منذ بدأ التخطيط للإنقلاب

كان عدد أعضاء اللجنة العليا للضباط الاحرار 15 عضوا بينهم شيعيان فقط، أما اللجنة الاحتياط فتألفت من 9 أعضاء كلهم من السنة، كما كان مجلس القادة في العام 1958 يتألف من 9 أعضاء عسكريون كلهم من السنة ايضا [14].

***

زهير جمعة المالكي

...........................

[1] عبد الغني الملاح: تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق الحديث، المؤسسة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط2 1980، ص98.

[2] جميل أبو طبيخ، مذكرات بغداد: مراجعة في تاريخ الصراع الطائفي والعنصري، 672 م-2007 م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2008، ص 166.

[3] غالي شكري: مذكرات ثقافة تحتضر، دار الطليعة، بيروت 1970، ص21، تصريح الشاعر للمؤلف.

[4] طه الهاشمي: مذكرات، دار الطباعة، بيروت، لبنان. ب.ت ص44

[5] محمد مهدي الجواهري: ذكرياتي، ج1-ص145

[6] عبد الكريم الدجيلي: الجواهري، شاعر العربية، ج1-ص371

[7] سلمان آل طعمة، كتاب تراث كربلاء، ص 55.

[8] عادل غنيم: تطور الحركة الوطنية في العراق، مطابع الدار العربية، بيروت 1961، ص145-146.

[9] مير بصري، اعلام السياسة في العراق الحديث، الجزء الأول، ط الأولى، 2005، لندن، دار الحكمة، ص 24.

[10] جرجيس فتح الله، نظرات في القومية العربية مدا وجزرا حتى العام 1970 تاريخا وتحليلا أضواء على القضية الاشورية (مذبحة 1933)، الجزء الخامس أشخاص ذوو أدوار الدراما - وثائق - مراسلات - بيانات وتصريحات ذات طابع عمومي، منشورات ئاراس، الطبعة الأولى، أربيل، 2004، ص2365.

[11] ناجي شوكت، سيرة وذكريات: ثمانين عاما (مذكرات ناجي شوكت رئيس الوزراء العراقي الأسبق في العهد الملكي)، الجزء الأول، ص 298.

[12] الدكتورة عصمت السعيد، نوري السعيد، رجل الدولة والانسان، الصفحة 103.

[13] رؤوف البحراني، مذكرات رؤوف البحراني ؛ لمحات عن وضع العراق منذ تأسيس الحكم الوطني عام 1920م ولغاية عام 1963م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ص 357.

[14] حنا بطاطو،، العراق الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني الى العهد الجمهوري، الكتاب الثالث، ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت 1995، ص 88 وما بعدها.

في المثقف اليوم