شهادات ومذكرات

صاحب محمد حسين نزر (أبو زمان)

سيأتي وقت يكون فيه هذا الحاضر ذكرى

ويتحدث الناس عن عصر عظيم

وعن أبطال مجهولين صنعوا التاريخ

وليكن معلوما انهم ماكانوا أبطلا

انهم بشر لهم اسماء وقسمات وتطلعات وامال

وأن عذبات أصغر هؤلاء سنا

ما كانت اقل من عذابات من خلدت أسماهم

 يوليوس فوتشك

شيوعي وطني من ذاك الزمان صاحب محمد حسين نزر (أبو زمان) من أهالي مدينة الحلة كان عامل خباز وطالب يدرس في المسائي، من مواليد الأربعين ومن  سكنة محلة الطاق من عائلة معروفة والده رجل مؤمن متمسك بالتقاليد والعادات الدينية، ولديه اربعة اخوة وأخوات والده كاسب، وفي ريعان شبابه انتمى صاحب إلى الحزب الشيوعي العراقي مؤمنا ببرنامج الحزب ونظامه الداخلي له علاقات مع شيوعيين، وشارك بالتظاهرات ايام العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر في التظاهرات التي خرجت في مدينة الحلة بقيادة الشيوعيين والديمقراطين والقوميين دعما لحق الشعب المصري في إدارة شؤون البلد وذلك بتأمين قناة السويس لتصبح ملك لشركة المصرية، وهذه التظاهرات عمت كل مدن وقصبات العراق وقمعت من قبل حكومة النظام الملكي انذاك، وبعد ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة وفتحت الباب أمام الأحزاب والقوى الوطنية ذلك، بعد أن اقدمت على سن قوانين ومنها تشكيل نقابات عمالية لعب صاحب نزر (ابو زمان) دورا مهما في نقابة الأفران والمخابز عمل من أجل تشكيلها وكان يعمل في أحد مخابز المدينة وهو يدافع عن حقوق العمال في ساعات العمل والعطل الرسمية وغيرها من المطاليب المهنية، وعندما اندلعت الحر ب في شمال الوطن الحبيب بين البارازني والجيش العراقي كان للحزب موقف من أجل وقف هذه الحرب والجلوس إلى طاولة التفاوض، وقام الحزب الشيوعي العراقي بعدد من النشاطات لوقفها، ومنها توقيع على مذكرات إلى رئيس الوزراء الزعيم الركن عبد الكريم قاسم، وأخرى كتابة شعارات على الجدران [سلم سلم في كردستان ياشعب طفي النيران] وصاحب كلف في مهمة كتابة هذا الشعار في محلة القاضية بالقرب من أعدادية الحلة وحيث المخبز الذي كان يعمل به، بعد نفذ عملية كتابة الشعار وقع بيد أمن المنطقة واعتقل وسوق إلى المحكمة وبعدها خرج بكفالة، كان صاحب من النشطاء في العمل الحزبي ومسؤول عن قيادة التنظيم العمالي في المدينة واعتقل بعد انقلاب شباط عام 1963 عذب في مركز الحرس القومي في بيت أنور الجوهر كباقي الشيوعيين الذين القي القبض عليهم من عمال وفلاحين وكسبة وطلاب ومعلمين، وبقي متمسك بمبادئه الوطنية والماركسية اللينينية والاممية البرولتارية وعاد إلى صفوف الحزب وكان عضوا في لجنة مدينة الحلة الذي قادها أنذاك محمد علي مجيد خوجة نعمة (أبو علي) وكلف بمسؤولية الخط العمالي لألتصاقه بالطبقة العاملة وكان يحضر اجتماعات لجنة متابعة العمل الديمقراطي التي كانت تضم مسؤلي الخطوط [العمالية صاحب نزر والمرأة فاطمة كمال الدين والطلابية كاتب السطور والشبيبية سامي عبد الرزاق] وتجتمع هذه اللجنة لمتابعة نشاط وعمل الخطوط الحزبية، وكان للرفيق أبو زمان دورا مهما في تنشيط العمل النقابي وخاصة ايام الانتخابات العمالية في قائمة الحزب (كفاح العمال)، وفي التحضير للمؤتمر الثاني للحزب والذي عقد في عام 1970 ، عقدة محليات الحزب في المدن كونفرنسات حزبية لتقيم سياسات الحزب خلال فترة حكومة عبد الكريم قاسم وكان للرفيق أبو زمان دورا في طرح وجهات النظر لدى الرفاق في الخط العمالي وانتخب الكونفرنس رفاق منهم الر فيق خالد الذكر القائد الفلاحي كاظم الجاسم وكان انذاك للدراسة الحزبية في الاتحاد السوفيتي على امل قرب عودته وحميد مجيد موسى، قاد الكونفرنس جاسم الحلوائي (أبو شروق) والمشرف من المكتب السياسي بهاء الدين نوري (أبو سلام)، وبعد ذلك منح الحزب الرفيق صاحب نزر زمالة دراسية سافر بها إلى الاتحاد السوفيتي ودرس في موسكو في جامعة الصداقة بين الشعوب (باتريس لومومبا) كلية القانون(كلية الحقوق) وتخرج منها واكمل دراسة الدكتورا (مرشح علوم في الفلسفة)، وبعد تخرجه وكان قد تزوج من روسية وانجب ابنته فرينيكا وكان الوضع في العراق في ظل الدكتاتورية والقمع لم يستطيع العودة إلى الوطن وسافر إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مدرسا في جامعة عدن، وهنا انقطعنا عن التواصل هو سافر إلى اليمن الديمقراطي وانا إلى جمهورية انغولا الشعبية مع الفصيل الأممي للأطباء لمساعدة الشعوب، وشاءت الظروف في عام 2003 بعد الاحتلال الأمريكي الغربي لبلدنا عراق الرافدين كنت في صنعاء في المؤتمر القومي العربي قررت الذهاب إلى عدن لزيارة صاحبي أبو زمان وأصدقاء كانوا معي في الدراسة في مدينة كراسندار في الاتحاد السوفيتي، استعنت بهم لكي اعرف عنوانه وفعلا جرى الاتصال بعميد كلية الحقوق في عدن الدكتور جعفر أجابهم أن صديقه ورفيقه الدكتور صاحب نزر قد توفاه الله قبل عشرة أيام وطلبت منه أن أزور قبره وفعلا تم ذلك وحدثني كيف كان لديه موعد معه وحاول الاتصال به ولمرات عديدة ولكن لا جواب، مما أضطر لكسر باب الدار وجده جالس على الكرسي ويده على خده وكانت زوجته الثانية مع اطفاله في موسكو وهكذا توفي الرفيق والصديق صاحب نزر وحيدا بعيدا عن وطنه وهو يحمل جواز جمهورية اليمن وكان موضع اعتز ز القيادة اليمنية للحزب الاشتراكي واحبه طلابه وزملائه كما حدثني الدكتور جعفر عميد كلية الحقوق وهو خر يج الاتحاد السوفيتي أيضا، وانا بدوري بعد أن زرت قبره أبلغت اهلي لكي يخبروا اهله في الحلة عن وفاته من أجل أقامة عزاء،

وفي ذكرى وفاته التاسعة عشر لابد من وداع مناضل قدم الكثير لشعبه ووطنه من خلال حزبه علما انه لاقى الكثير من الصعوبات كما الكثير من الشيوعيين الوطنيين والديمقراطيين خلال عمله في التنظيم والتدريس،

له المجد والخلود،

***

محمدجواد فارس - طبيب وكاتب

 

في المثقف اليوم