شهادات ومذكرات

آيريس مردوخ.. لستُ وجوديّة، لكنّني غاضبة

في دفتر مذكراتها تكتب: "ما الذي يمكن أن يهزم اللامعنى"، كانت قد انتهت من قراءة رواية جان بول سارتر "الغثيان" وستظل هذه الجملة ترافقها لسنوات: " وقف روكنتان على شاطئ البحر والتقط واحدة من الحصى التي حوله لكي يلقي بها الى البحر، وعندما نظر الى الحصاة تولاه رعب شديد، فرمى الحصاة، وهرب بعيدا" . تتذكر أن والدها اول من ادخلها عالم الكتب، في مكتبته عثرت على كتب نيتشه وشوبنهاور، وشكسبير، وبروست ودوستويفسكي التي قالت انها عاشت معه في عالم من العدم. في الخامسة عشرة من عمرها تكتشف جيمس جويس، ومعه الهوس بالشخصية الآيرلندية المتمردة، في تلك السنوات تتذكر أنّها ذهبت إلى دائرة البريد تريد أن ترسل برقية إلى مواطنها جيمس جويس، كانت قد انتهت من قراءة مجموعته القصصية " ناس من دبلن " .في ذلك الوقت كانت الوجودية غريبة على المجتمع الانكليزي الذي وجد ان هذه الفلسفة تمثل عالما يقترف فيه الناس خطايا عظيمة، ويسقطون في الحب وينضمون إلى الحزب الشيوعي – سارة بكويل مقهى الوجودية ترجمة حسام نايل - . تكتب في دفتر يومياتها ان الغثيان لا تقدم اجابة واضحة للمشكلة الاخلاقية القائمة، ان تجارب بطل الغثيان مليئة بنوع غريب من الشك .

في السادسة والعشرين من عمرها ستلتقي جان بول سارتر للمرة الاولى، كانت قد وصلت الى بروكسل في مهمة عمل، حيث كانت تعمل بهيئة الاغاثة التابعة للامم المتحدة، تقرأ في الصحف ان سارتر سيلقي محاضرة، في افتتاح احد المعارض الفنية، كان سارتر قد وصل قبل ايام الى بلجيكا المحررة من الاحتلال النازي، لم تصدق انها ستقف قبالة نجمها المحبوب، ذهبت الى اقرب مكتبة واشترت دفترا مغلف بالكتان الازرق، قررت ان تسجل كل حرف ينطق به نجمها المحبوب، هكذا حدثت نفسها .، كان سارتر يبشر بالبيان الشهير " الوجودية نزعة انسانية " ويرفع شعار " الانسان اولا "، عاشت لاكثر من ساعتين مفتونة بالكلمات التي كانت قد قرأتها من قبل في الغثيان، قال سارتر بصوته الاجش:"إن الوجودية فقط تتوافق مع كرامة الإنسان". وان كل واحد من الحاضرين عليه ان يؤمن انه مالكا لهذا العالم، كانت كلمات سارتر تبدو لايريس مردوخ واضحة:" الإنسان ليس سوى ما يصنعه بنفسه" . كل فرد مطلوب منه ان يخلق قيمه من خلال اختياراته وأفعاله، من خلال إرادته، في حوار معها  تقول:" كانت شعبية سارتر لا تصدّق بعد الحرب العالمية الثانية، حتى أن الناس الذين لم يكن لديهم أدنى اهتمام بالفلسفة شعروا بفضل سارتر في أن الفلسفة إنما خُلقت من أجلهم، حيث جاءت فلسفة سارتر الوجوديّة بمفهوم الحرية الكاملة وبفكرة أن تأخذ نفسك إلى حيث يمكنك الاختيار الحر الذي يتجاوز المسلـّمات والشعور البليد بأنك «محتوى» وغاطس في مستنقع، وقد عكست رواياته هذه الأفكار كلها مضافاً لها مُسحة بطولية وبسببها ابتهجت أرواح الناس" – فيزياء الرواية ترجمة لطفية الدليمي -

كانت ايريس آنذاك فتاة شديدة الطموح، جادة، درست الفلسفة في جامعة اكسفورد وحصلت على المرتبة الاولى. بعد ان انتهى سارتر من محاضرته تقدمت نحوه بخطوات ثابتة لتبدا حوارا معه انتهى بان اهداها نسخة من كتابه "الوجود والعدم"، تكتب فيما بعد ان سارتر شكل حالة شديدة الخصوصية بالنسبة لها:" الاثارة، لا اتذكر شيئا يضارعها منذ اكتشافي لكيتس وشيلي وكولريدج حين كنت يافعة " .

بعد ايام ستجلس في احدى المقاهي تملأ الدفتر الازرق بملاحظات على محاضرة سارتر، تشتري من المكتبة مؤلفات سيمون دي بوفوار، تكتب في رسالة الى احد زملائها في الجامعة عن محاضرة سارتر:" ما حصل معي امر مثير للغاية، ومنعش للغاية ايضا، أن التقي أخيرا بفيلسوف يطرد عني حالة اليأس، تحتاج الفلسفة الإنكليزية إلى حقنها في عروقها، بمثل هذه الافكار لطرد بعض الفذلكات " .

عام 1953 تدخل عالم التأليف وعن طريق سارتر نفسه حيث تحول الدفتر الازرق الى كتاب بعنوان: "أصدرت سارتر المفكّر العقلي الرومانسي" – ترجمه الى العربية  شاكر النابلسي – تكتب في الصفحة الاولى: " ان تفهم شيئا عن سارتر، معناه ان تفهم شيئا عن العصر الحاضر " مؤكدة ان سارتر يعتبر المفكر:" الذي وقف بصلابة في طريق، ما بعد الحركات الهيغلية الفكرية، الماركسية، الوجودية، الفينومنولوجية " – سارتر المفكر العقلي الرومانسي –،  وجدت ان الوجود عند سارتر عميقا وواعيا بذاته، وسنجدها تفتتح الكتاب بمناقشة رواية " الغثيان " ثم تتامل في الوجود والعدم، وتناقش مفهوم سارتر للادب .

ولدت آيريس مردوخ في مدينة دبلن عام 1919، من عائلة الأب فيها آيرلندي متديّن، والأم إنجليزية متحررة، أنهت تعليمها في مدرسة داخلية، كانت والدتها تريد أن تعلمها الغناء، فهي،  عضوة في الجوقة الكنسية، وكانت تملك صوتاً أوبرالياً ساحراً من طبقة (السوبرانو)، والدها الموظف الحكومي كان يعشق الكتب، وفي سنّ مبكرة شجّعها على القراءة،

كانت الابنة الوحيدة للعائلة، ولهذا تصف علاقتها بعائلتها بالرائعة: " كنت أحظى بحبّ كبير، كانت أمي مغنّية مدهشة وكان أبي رجلاً ذكياً كنت أناقش معه الكتب وأنا صغيرة" . في جامعة أوكسفورد ستدرُس كبار الفلاسفة وتتخصص بالفلسفة التحليلية، بعد إكمالها الدراسة يتم تعينها موظفة في دائرة الخزانة البريطانية. ولكراهيتها للغة الأرقام، فقد قرّرت أن تستقيل لتلتحق للعمل بهيئة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة. عام 1948 تُعيّن معيدة في أوكسفورد، تلتقي عام 1952 مصادفة بمدرس الإنجليزية (جون بيلي)، الذي كان يصغرها بثمانية أعوام، فقد شاهدَته مصادفة وهي تنظر من نافذة غرفة المكتبة في جامعة أوكسفورد، قالت في ما بعد إنّها وقعت في حبّه منذ تلك النظرة الأولى، بعد أربع سنوات سيتزوّجان، وكان شرطها الوحيد أن لا تدخل المطبخ أبداً.

في العام 1954 حين صدرت أولى رواياتها (تحت الشبكة)- ترجمها الى العربية فؤاد كامل -  تصادف نشرها مع صدور رواية (جيم المحظوظ) لكنغسلي آميس الذي كان يصغرها بثلاث سنوات، وقد درس كلاهما بجامعة أوكسفورد، وأحبا قراءة كتب سارتر وكامو وموسيقى الجاز، واتفقا أن شرط الكتابة هو أنها يجب أن تزعج القراء وإلا فإنها ستكون من دون معنى.

عاشت آيريس مردوخ ثمانين عاماً، توفيت عام 1999 بعد معاناة من مرض الزهايمر، أصدرت 25 رواية وعدداً من المسرحيات والكتب الفلسفية، وظلت طوال حياتها تدافع عن " حرّية عقلها"، بالإضافة إلى حرية العيش على طريقتها الخاصة، بعد أن قرأت رواية (الغثيان) لسارتر عشقت الكتابة، وقالت لزملائها في الجامعة: " أريد أن أكتب، رواية طويلة، غامضة، موضوعية، عن الصراعات الغريبة التي تتولد في داخلي، وأيضاً عبر ما ألاحظه عن الشخصيات الأخرى" . وكان أحد تلك الصراعات التي كانت تدور في داخلها، " الحاجة إلى الحبّ الملائكي والشيطاني في نفس الوقت" .

سيظل سارتر مهيمناً على تفكير آيريس مردوخ، وعلى شاكلة ثلاثيته (دروب الحرية) تكتب مردوخ روايات تحمل رؤية كاتبة باعتبارها واحدة من أتباع الفيلسوف الوجوديّ، حيث نشاهد أفعال الشخصيات في علاقاتها الفردية التي تختارها بمحض إرادتها، وحيواتها في ترابط بما يمرّ بها من أقصى أساليب التناقض، بالرغم من الصدامات المأساوية التي تحدث عند كل خطوة يخطوها أبطال الرواية، وستجد مردوخ نفسها تكتب عن شخصيات غريبة ودخيلة على غيرها، تشعر بتباعدها المأساوي من بعضها البعض، شخصيات تصفها الناقدة الروسية (فالنتينا إيفاشيفا) في كتابها (الثورة والأدب) بأنها تعيش في عالم فوضوي لا معقول، الكل على سواء يحس بالفجيعة في «ضياعهم وعزلتهم التي لا تبعث على الراحة في مواجهة موت محقق».

رأى النقاد في روايتها  " تحت الشبكة " انطلاقة جديدة لأدب التمرد، وعلامة من علامات جيل الغضب، واعتبرها الناقد كينيث تينان بأنها رؤية عصرية لأزمة الإنسان. صدرت الرواية عام 1954، وكانت آيريس مردوخ قد كتبتها عام 1950 لكنها لم تجد ناشراً لها، كان جميع من ذهبت إليهم من أصحاب دور النشر، يسخرون من هذه المرأة غليظة الساقين التي تردّد أمامهم مقولات فلسفية، وتكتب رواية لا تحمل رسالة ولا تدعونا إلى شيء. عندما وصلتها النسخة الأولى أحسّت بالسعادة وقررت أن ترسل بالبريد نسخة من الرواية إلى سارتر، وجد بعض النقاد في الرواية عملاً جديداً وذكياً، واعتبرها البعض نموذجاً لأدب اللامعقول الذي ينظر إلى العالم كما لو كان مملكة من الفوضى .

تروي لنا آيريس مردوخ في (تحت الشبكة) قصة شاب متمرد اسمه (جاك دوناجيو) يعمل مترجماً للروايات من اللغة الفرنسية إلى الإنجليزية، وهو يقوم بهذا العمل ليس حباً في الترجمة، ولكن من أجل أن لا يستغل موهبته في الكتابة الابداعية، يرفض إغراءات صديقه للانضمام إلى إحدى الحركات الماركسية، تخبرنا آيريس أن بطلها يتميز بإحساس أخلاقي يتلخص في معاملته لأصدقائه ونظرته اللائقة للمرأة، لكنه يعيش متشرداً وهو يبرر تشرده هذا بأن لا شيء يضايقه في الحياة أكثر من دفع إيجار مسكن. يجد جاك نفسه في طرقات لندن، رغم نصائح أصدقائه بأن يترك حالة التشرّد هذه، ويلتحق بوظيفة ثابتة تؤمّن له حياة مستقرة. يحاول البحث عن حبيبته السابقة (آن)، فيكتشف أنّها هجرت الغناء وأنها تدير مسرحاً تجريبياً تُعرض فيه أعمال مسرحية صامتة (بانتومايم)، وعندما يجدها يكتشف أن حبه القديم قد تجدّد، لكنها ترفض العودة إليه، وتنصحه بأن يتجه نحو أختها الممثلة الثرية (سادي) التي تحتاج إلى رجل يحميها ممن يطاردونها، يقبل جاك العمل عند سادي ويكتشف أن الرجل الذي يطاردها اسمه (هيجو بلفوندر)، وهو «رجل أعمال ثري يهتم بالفلسفة ويزدري المال والثروة، ويؤمن بفلسفة الصمت التي ترى في العزوف عن الكلام في شتى مجالات الفنون والحياة معاني كبيرة لا ترتقى إليها سائر الفلسفات». يتأثر جاك بهيجو ويسعى لاكتشاف حقيقة وجوده، حيث يدرك أنّه ليس الكائن الوحيد الموجود على الأرض، وأن غيره يشاركونه هذا الوجود، ويعلن أن «الاعتراف بوجود حقيقة واسعة ومتنوعة خارج أنفسنا يخلق إحساساً بالرعب في بادئ الأمر. ولكن بالفهم يمكن أن يولد هذا الاعتراف إحساساً بالانتعاش والقوة الروحية».

كانت أيريس مردوخ في الخامسة والثلاثين عندما أصدرت (تحت الشبكة)، وكانت قد رأت فيها بداية مرحلة جديدة في حياتها، وسترى في الحقيقة أنّها مفهوم وجوديّ ذاتي، ولكن ليس على طريقة سارتر هذه المرّة، وإنما بمنظار الفيلسوف الدنماركي والأب الشرعي للوجوديّة (سورين كيركغارد) الذي يرى أن الإنسان باعتباره كائناً وجوديّاً، لا يمكنه أن يتبنى وجهة نظر أزلية.

في حوار معها تقترح آيريس مردوخ أن تقسّم رواياتها التي كتبت للفترة من عام1954 وحتى عام 1995 الذي صدرت به آخر رواياتها (معضلة جاكسون)، وبين هذين التاريخين نشرت مردوخ روايات (البحر، البحر)، (الفتاة الإيطالية)، (الرأس المقطوعة)، (الهروب من العرَّاف)، (قلعة الرمال)، (الجرس)، (وحيد القرن)، (الفتاة الإيطالية)، (تلميذ الفيلسوف)، وروايات أخرى تجاوز مجموعها العشرين رواية تقترح تقسيمها إلى روايات مفتوحة وروايات مغلقة، الروايات المغلقة هي التي يلعب فيها الطابع الأسطوري دوراً هاماً بالاتحاد مع موضوعات سايكولوجية، أما الروايات المفتوحة فهي الأكثر واقعية. تضع آيريس رواية (تحت الشبكة) في خانة الروايات التي عكست ما كان يدور في عقلها الباطن، إذ أن الشخصيات فيها بلا حركة تماماً وميؤوس منها، لكنها متمرّدة على واقع يريد لها أن تسير في مسارات خاصة. تقول لمحاورها الفيلسوف البريطاني بريان ماغي في (نزهة فلسفية في غابة الأدب)- ترجمة لطفية الدليمي – " إن كلّ الأعمال الروائية الجيّدة تقوم على هياكل تنطوي على أسرار غامضة بشأن الشهوانيات المتصارعة إلى جانب تلك الصراعات الداكنة بين الخير والشر في الحياة البشرية "

قالت لزوجها جون بيلي إنّها ستظل تقاتل تحت راية سارتر حتى وأن اختلفت مع آرائه الأخيرة. عاشت مردوخ حياة فتاة فوضوية متمرّدة، وكانت ترى أن الأدب إن لم يُغضب القراء فهو ليس أدباً. وفي حوار إذاعي نشر فقرات منه المترجم المعروف (رمسيس عوض) في كتابه (دراسات تمهيدية في الرواية الإنجليزية المعاصرة، تقول إن الفرق بين البطل الوجوديّ والماركسي هو أن الماركسي غير قادر على الشك في نفسه، في حين أن الوجوديّ يشك في نفسه وفي صحة ما يصل إليه من قرارات وأحكام، ويتّخذ الوجوديّ حسب رأي مردوخ قراراته في انسجام، مدركاً تمام الادراك أن موقفه لا يمكن أن يكون تمثيلاً للحقيقة المطلقة، وأنه ليس هناك أي ضمان مطلقاً لسلامة ما يقوم به من اختبار، كما ترى مردوخ أن أبطال رواياتها يدركون أن الحياة تنطوي على العبث، وتردّ على النقاد الذين يتهمونها بأنها تصوّر شخصيات غريبة الاطوار: " إن نظرة واحدة على سلوك الأشخاص وأفكارهم الفانتازية السريّة الدفينة وهواجسهم، لتثير الدهشة " .

في حوارها مع بريان ماغي آنف الذكر، تصرّح مردوخ " إن الفنّ مرتبط أوثق الارتباط بكيفية عيشنا، وأنا إذ أقول هذا لا أسعى للدفاع عن الكتابة الواقعية، بل أبتغي الإشارة فحسب إلى حقيقة صعوبة تجنّب الفنان لمتطلبات الحقيقة التي يفرضها الواقع، وعلى هذا الأساس فإنّ قرار الكاتب بشأن كيفية حكي تلك الحقائق هو أكثر القرارات أهمية بين كلّ القرارات التي يتخذها الكاتب في حياته" .

وجدت في الفلسفة الوجودية الكثير من الاسئلة، وانها تحكي عن افكار مثيرة عن الحرية والضمير، لكنها تعترف ان الوجودية لن تستمر فلسفة طازجة، بعد تقادم الزمن عليها، وان ما يجعل الادب حيا ان يعبر عن الغضب الذي يملأ نفس الانسان، لكنها كانت ترى ايضا ان  الكاتب متى مالجأ الى الصوت الوجودي، فان العمل الفني يكتسي شيئا من الصلابة .

ستتخلى مردوخ عن الوجودية فيما بعد، لكن يبقى لها الفضل في نشر الافكار الوجودية قي انكلترا ن وبذلت جهدا كبيرا في اقناع دور النشر بترجمة اعمال سارتر وسيمون دي بوفوار والبير كامو، وفي النهاية وجدت ان على الانسان الذي وجد نفسه وجها لوجه امام العالم، ان يدرك انه لا ينبغي فقط الاعتراف بهذا الوضع الإنساني وقبوله، ولكن ينبغي أيضًا احترامه والترحيب به.، في المقابل يجب على المرء أن يسعى لتبني "نظرة عادلة ومحبة"، وهو يتعرف على هذا العالم الفوضوي .

على الرغم من انتاجها الروائي الضخم حيث نشرت ما يقارب الثلاثين رواية، إلا ان آيريس مردوخ استطاعت بجدارة ان تحجز لها مقعدا في الصفوف الاولى من فلاسفة الوجود، وكان آخر اعمالها كتاب بعنوان " الوجوديين والصوفيون: كتابات في الفلسفة والأدب " صدر قبل وفاتها بعامين، قدمت فيه رؤيتها الفلسفية للعالم والكون والانسان، حيث كانت ترى ان الانسان بحاجة الى احساس متجدد بصعوبة الحياة وتعقيدها وبالغموض الذي يكتنف عالمه، فعمدت في رواياتها الى الاهتمام بقضية الحرية واهمية المسؤولية ودور الحب في الحياة، وهي موضوعات ظلت تكتب بها باستمرار وباسليب مختلفة ومتنوعة، مؤمنة ايمانا قويا بان الحرية هي الشرط الاساسي لحياتنا .

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

في المثقف اليوم