نصوص أدبية
نافرٌ مثل جواد سليم
- هل رأيتَ الظلاميينَ
ينتحلونَ وجوهَ ملائكةٍ
ويفخخونَ البلادَ
بكيمياءِ الموتِ
والفتنةِ الفادحة ؟
وهل رأيتَ البرابرةَ
يقضمونَ الوردَ
ويَمزّونَ بأكبادِ العصافيرِ
ويدوسونَ على أجنحةِ الأطفال
وقلوبِ الامهاتِ
وفراشاتِ الندى ؟
وهلْ رأيتَ الحَمامَ
الحُبَّ
الانوثةَ
العشبَ
والأغاني
تُقبرُ في مدافنِ الأوبئة ؟
وهل رأيتَ كيفَ قلبُ البلدْ
وقدْ تناهبتهُ الهَمَراتُ
المفخخاتُ
المآربُ .... المكائدُ
وعاصفاتُ الأبدْ ؟
فقالَ لي :
(أرقٌ على أرقٍ
ومثليَ يأرقُ
وجوىً يزيدُ
وعبرةٌ تترقرقُ **)
فتأوّهتُ – حدَّ اللوعةِ -
وقلتُ لهُ :
كفاكَ الشعرُ إذَنْ
شرَّ السافلِ
والجاهلِ
والعاطل
وكفاكَ سُمَّ الوصولي
والكحولي
والذيولي
والغامضِ والقاتل
فقالَ لي:
بوركتَ ياسليلي وسَنَدي وحبيبي
ثُمَّ صاحَ هادراً كعاصفةٍ
أربكتِ الجنديَّ الواقفَ
في (نصبِ الحريةِ ***)
( ضاقَ ذرعاً بأنْ أضيقَ بهِ
ذرعاً زماني وأستكرمتْني الكرامُ
واقفاً تحتَ اخمصَيْ قَدْرِ نفسي
واقفاً تحتَ اخمَصيَّ الأنامُ )
وحينَ شكوتُ إليهِ الذينَ
أقاسمُهم خزامى رغيفي
وأسقيهم ينابيعَ روحي
وأغمرُهم بدفءِ بيتي
وأسترُ عُريَهم وعارَهم
ولكنّهم يعضّونَ قلبي
ويسرقونَ مباهجي
وضوءَ عيوني
فتنفَّسَ مقهوراً ويَعْني
لكأنكَ .... انّي :
" أفي كلِّ يومٍ تحتَ ضبني شويعرٌ
ضعيفٌ يقاويني قصيرٌ يطاولُ
لساني بنطقيَ صامتٌ عنهُ عادلُ
وقلبي بصمتي ضاحكٌ منهُ هازلُ "
ثم تَبَسّمَ رائقاً
وأشارَ لحصانٍ يعصفُ جذلاناً
في (النصبِ)
وقالَ لي : كنْ نافراً مثلهُ
ومثلَ (جواد سليم)
وتذكّرْنا حينَ تضيقُ عليكَ
وحينَ تُبتلى بمناكيدِ ورعاعِ الأرضِ
وعيّاريها الحمقى
ونفحَ بروحي الظمآى
عبيرَ القولِ
ضوءَ الحكمةِ
سرَّ الرؤيةِ
وبهاءَ الشبابْ
وقالَ لي :
(أعزُّ مكانٍ في الدُنا سرجُ سابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ)
ثمَّ احتضنني وباسَ جبيني
عاضداً ساعديَّ ومضيئاً طريقي
وقالَ لي : استودعكَ الصبرَ
المِسْكَ ... السرَّ
ياحبيبي وسليلي وصديقي
ثمَّ فارقتُهُ هامساً :
ألقاكَ هناكَ...
حيثُ الفراديسُ تنتظرُنا
لا المتشاعرونَ الصغارُ
ولا " الحواسمُ "
ولا الغنائمُ
ولا الكلابُ
بيننا ياصاحبي
هاجسٌ واحدٌ وكتابُ .
.................................
اشارات
* الباب الشرقي: واحد من ابواب بغداد الشهيرة .
** كل ماهو بين اقواس من اشعار المتنبي ؛
وتوجد ثمة اشطر وضعها الشاعر افتراضياً
على لسان المتنبي تعزيزاً لدرامية الحوار
وحلميته الشعرية؛ وفيها قصدية متعمدة .
*** نصب الحرية: أهم وأعظم نصب تذكاري عراقي
ويرمزُ للثورة والحرية وقد أبدعهُ الفنان الخالد جواد سليم .
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1368 الخميس 08/04/2010)