نصوص أدبية

بستاننا يا هند بات متاهةً

أَبْحَرتُ في جَسَدِ الفصـولِ مهاجـراً

طـاوي الحقـولِ وليس من أنصـارِ

 

زادي يراعي والمـدادُ ... وصهوتي

خـوفي ... وظبيـةُ هودجي أفكاري

 

أَبـْدَلـْتُ بالظـلِّ الهجيـرَ .. لأنني

قـد كنـتُ في داري غـريبَ الدارِ

 

مـرَّ الربيـعُ أمـامَ نخـلي شـامتاً

لـمّـا رأى جيـدي يتيمَ نضــارِ

      

تَعـِبَتْ من الصمـتِ المـُذِلِّ ربابتي

وَتَيَبَّسـتْ – كأضـالعي – أوتـاري

 

ومشـى بتابـوتِ المَسَـرَّةِ والمُـنى

ليــلُ الظنـونِ مُـشَيِّعـاً أقمـاري

 

لا الخِـلُّ أَنـْزَلَـني جـنائـنَ دارِهِ

يومـاً ... ولا زار الخليـلُ ديـاري

 

أنـا مَنْ أكونُ أنـا؟ أَضَعْتُ ملامحي

وأضـاعَني بـِدْءَ المسيرِ مسـاري

 

أَنْقـَذْتِني مني ... فكيـف خَـذَلْتِني

وَغَضَضْتِ طرفَ السمع عن قيثاري؟

 

فيم اعتـذارُكِ بعد هَدْرِ مشاعري ؟

ما نفـعُ أشرعتي بـدونِ صواري؟

 

جَفَّتْ بحيراتُ الصداحِ ... وأَصْحَرَتْ

أفـيـاءُ مـائـدتـي مـن السُمّـارِ

 

إنْ شِئتِ صفحـاً فاحْرقي كتبَ الهوى

وخـذي إلى بـيت اللظى أسـراري

 

النــارُ جـائعـةٌ فهـل أَطْعَمْتِهـا

شَـجَني الـذي أوْدَعْتُـهُ أشعـاري؟

 

فيمَ اعتـذارُكِ مـن رمـادِ حرائقي؟

لم يُبـْقِ فـأسُ الشـكِّ من أشجاري

 

لـو أنـه يُحيي القتيـلَ عَـذَرْتـُهُ

قـوسٌ أصـابَ بِسَهْـمِهِ أطيـاري

 

أَدْمَيـْتِ أغصـاني ... فلا تتأخري

عـن ذبـحِ ما أَبْقَيْتِ مـن أزهاري

 

لسـتُ الأسيفَ وإنْ فُجِعْتُ بمطمحي

أنـا مـؤمـنٌ بمنـاجـلِ الأقـدارِ

 

بالـدهرِ يَبْخَـلُ بالحبابِ على ثرىً 1

ضـامٍ ٍ  يـمـصُّ سـرابَ وهـجِ الـنـارِ

 

ولـقـد يجـودُ عـلـى بَـرودٍ نَـبْعُـهُ

بـالـنـهـرِ والـيـنـبـوعِ والأمطــارِ

 

أنـا ضـائعٌ – مثلَ العراقِ – فَفَتِّشي

عني بروضِـكِ لا بليـلِ صحـاري

 

أنسـاكِ ؟ لا واللهِ ... تلك مصـيبتي

إنَّ الوفـاءَ – وإنْ خُـذِلْتُ – مداري

 

أَدَّيْـتُ في الحـبِ اليمينَ وليس من

خُلُقي الجـنـوحُ عـن الهـدى لِـشَـنارِ 2

 

فـاذا نـكـثْـتُت العـهدَ عَـيَّـرَني غـداَ

يومَ الحسـابِ لـدى العظيمِ يَساري

 

وإنْ اسْتَجَـرْتُ من الظـلامةِ عابَني

شَرَفي وصخـرُ رجولتي ووقـاري

 

أنـا لـسـتُ أَوَّلَ حـالـمٍ نكـثَـَتْ بـه

أحـلامُـهُ ..  فــأفـاقَ بعــد عــثــار ِ

 

ما كنتُ بالصَبِّ الجزوعِ .. ولم تكنْ

بـيـن الـحـصونِ وطـيئـة ً أسـواري

 

لكـنـه حُكْـمُ الهـوى ... أرضى بـهِ

قَـسْـراً عليَّ ... فـلسـتُ بالمـخـتـارِ

 

حظي كدجـلةَ والـفـراتِ نَـداهُـمـا

دمـعٌ ... ولحنُهمـا صـراخُ : حَذار ِ

 

وكحـظِّ ِ بستـان " السَمـاوةِ " نَخْلُهُ

كَـــرَبٌ وســعْـفٌ دونـمـا أثــمـارِ 3

 

وكخـبـزِهـا : بـدم ٍيـُدافُ طحيـنُـهُ

فَـرْطَ الأسى .... وكـأهلِهـا الأبرار ِ

 

وأنـا كمئذنةِ " الجديـدةِ " ما انْحَنَتْ 4

يومـاً ... ولا تَعِبَـَتْ مــن الأذكـارِ

 

وتعـدَّدَتْ يا هنـدُ في وطـنِ ِالهوى

سُـبـُل الـــردى بـتـعـددِ الــتـجـارِ

 

وَطَـنٌ على سَعَـةِ السمـاءِ رغـيفُهُ

لـكـنـه : حـكـرٌ عــلـى الأشـــرارِ

 

بُسـتـانـنـا يـا هـنـدُ بـاتَ متـاهـة ً

تختـالُ فـيـه كواسـرٌ وضـواري

 

سوقٌ ..على مَنْ باعَ لا مَنْ يشتري

دفـعُ الـنـقـودِ إلى الدخيـلِ الشاري

 

وَدَّعْـتـُهُ وأَتَيـْتُ حـقـلَـكِ لائـــذاَ

طـمَـعــاً بِـظِـلٍّ لا بِـتِبـْرِ ذِمــارِ 5

 

أَوْصَـدْتِ دوني واحـة ً أسرى لها

قـلـبٌ مـطـامحُـهُ شـمـيـمُ عَـرار ِ

 

أبكاكِ نزفي يا أنيسـة ُ؟ فـاعْلمي

هـذي الجـراحُ بدايـةُ المشـوارِ

 

الحزنُ أوفى الاصدقاءِ .. فلم يَغِـبْ

عـني فـكـان مُلاصِـقـي كـإزاري

 

أُولاءِ أهلي : " عروةٌ " و " مُعَمَّرٌ "6

و " الحميريُّ " و " شـارد الأفكارِ ِ "

 

قـومٌ ولا كعـفـافِـهِــم .... لكنـهـم

خُلِــقـوا لعـيـشِ فجيـعـة ٍ وخَـسـار ِ

 

..................

1- الحباب : الفقاقيع التي تعلو الماء في الكأس

2- الشنار : الفعل المشين، العار

3- اشارة إلى الأغنية الشعبية العراقية

نخل السماوة يكول طرتني سمره ... سعف وكرب ظليت مابيه تمره   

4- الجديدة : حي من أحياء مدينة السماوة حيث كان مسكن الشاعر

5- الذمار : كل ما يدافع عنه من مال او ملك ، او الوطن

6)  عروة : هو عروة بن الورد عاشق عفراء. و" معمر " هو جميل بن معمر عاشق بثينة. و " الحميري " هو توبه بن حمير الحميري عاشق ليلى الاخيلية، و" شارد الأفكار" هو قيس بن الملوح مجنون ليلى العامرية.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1111  الجمعة 17/07/2009)

 

 

 

في نصوص اليوم