نصوص أدبية

كلمة وداع

وبوسيلة تختلف تماما عما يسعى إليه أصحاب المنابر، أقصد أولئك الذين بطريقة أو بأخرى يبحثون عن إشباع غرورهم المجامل..

قال صاحبي: هنالك في مكتبتي نشرت آخر موضوع كان بحوزتي عن الزمن ـ ألأهل ـ الأصدقاء.. لقد حفظت جميع موضوعاتي في أقراص تراها عند رفوف مكتبتي، التي ربما عبثت بها ذرات غبرة قديمة.

هنالك أيضا حفظت آخر رسائلي الجامعية عن الدين ـ المجتمع ـ السياسة ـ الأخلاق.

هنا وعندما يتاح لك ذلك ستجد مبلغا من المال يساعدك على طباعة كل ما كتبت، لعل كلماتي تُساق مع روحي التي سترحل صوب آخر نقطة في هذا العالم، أرجو أن أحقق شيئا بعد موتي.

هنا حين أطرقت برأسي، كنت أعرف جيدا قيمة منجزات ما تم حفظه، لم يكن صاحبي على نمط أولئك الذين أصابهم الغرور، ليتوهموا أنهم بلغوا ذروة الشهرة، بل أنه كان يبحث عن معان تحتاج الى وقت طويل وصبر عميق، لقد عاش صاحبي لغة الفقر الممل،  كان يبحث عن لغة الحياة في عالم الموت، كان يبحر في تواريخ منسية، ليستخرج معادن ألأموات من بين أنقاض تاريخ دفن أحياءه، ليحيا أمواته، هو هكذا منذ أول لحظة تعرفت عليه في إحدى مساجد لوس انجلس، يوم تحدثنا معا عن التاريخ والفلسفة والأديان..ذلك اللقاء الذي أعقبته لقاءات أخرى.. أكثر من عشرة أعوام مضت، لإستقريء وبدقة ما لم ينشر على مواقع الأنترنيت. 

هي تلك الروح إذن إستحضرت عدتها، لتطوي مسافات لا تعد ولا تحصى من ألأميال في فضاء يصبح من الصعب فيه العثور على معاني الموضوعات وسياقاتها المتشعبة..

ولهذا مرة أخرى دموع المحبين من الأقارب وألأصدقاء جاءت متفقة مع خطوات عكازها الهرم، تبحث عن نافذة تصور حكاياتها الخبيئة في زمن يطوي فيه ألأهل بساط الشوق عن فلذات أكبادهم وذويهم،نظراً لما أملته على الجميع ظروف التحدي، لعلها الحياة تدب مرة أخرى عند  دروب أشواطها القلقة..

هنا ترتب بحسب ما سمعت، أن أكتب عن إسطورة إنسان عاش غنيا في عالم لم يعرف فيه معنى الغنى وعاش مثقفا في عالم تفتقد فيه الثقافة أصالتها وعاش إنسانا في عالم تتهافت فيه مقولة الإنسان..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1603 السبت 11/12 /2010)

 

في نصوص اليوم