نصوص أدبية

أيها الصمت

أيها الحضور ألأعمى؛ ها هو بحر الخلود..

وها هو جسدك محمولاً على أكتافهِ  بينَ أنقاض الوجود..

أيتها الضفاف المنجمدة بينَ أطراف البد ن الواهنة،

 ها هوَ وجهك المحاط بالصمت يا أنكيدو،

 منصوباً في بساطِ مائدةٍ متروكة،

 تنهمها الديدان، فتنخر من أنفيك، كأنها السنةُ نار مشتعلة ..

 

 أيها القربان المتألق عندَ إحتضار المكان،

لا أحد يقوى على الأقتراب من سفينة الموت المنخورة بألألم ..

لاأحد يجرؤ على إقتحام لغة تلك الوحدة القاهرة،

 تحتَ سماءٍ من ألأنتظار، الملتف عندَ إحتضار هاوية محاصرة..

 

ها أنتَ تجلس ألآن عند أريكة تلكَ الحضرة الإلهية، مأخوذاً با لوحشة المقدسة،

 وأنا أصغي إلى ضوضاء ألأمواج المندسة، تحت غطاء تلك المساحات المستلقية عند حضورٍ أشم..

 

ترى هل هوَ الوداع حقاً ؟، هل هو الفناء ..؟!،

 أم إنهُ الروح، وهي تغربُ في محيط ذلك اللا متناهِ ؟

 كم أنتَ مخيفٌ وشاحبٌ أيها القلق، وأنت تسطعُ بين ذرات ألألم،

لتنهضَ كمثلِ ولادةٍ نافذة،

 تنسلُ من مدياتِ تلكَ الأشياء المحاطة بذلك الفراغ..

لقد سقطت دائرة الحياة في حقيقة الموت،

 لتعلن ذلك الأغتراب في جدلية تلكَ الكينونات المتصارعة..

أتمنى أن أمتلك قلباً آخر،

 لإسمو في محيط تلك المهابة اللا ئقة،

متجاوزاً إنخداع الروح المغموسة في كهفِ رغبة تكادُ أن تكبلني بخيوط ذلك ألأنتظار،

المزيف الساقط في أحضانك ألأبدية،

 لِتنبض بإيقاع حضورك الشامخ مع تدفق لحنٍ مضطرب...

 

 ها أنذا أحث خطاي أبحث عنك أيها الوجود :

لإقصد حقيقة السقوط في كثافتك اللامرئية*،

تلك التي تسلب ألأشياء المتصارعة دوما تصدعاتها العاجزة عن الوقوف أمام حتميتك ألأزلية،

 الكاشفة عن لابديتها المتماسكة بين خصوصيتها المنبعثة،

 وجدليتها المخلصة..

 

 لن أودعك إذن يا أنكيدو، حتى تلد من بين بطون تلكَ الينابيع التي إنبجست في داخلي،

وأنتَ تطاردُ الموت بينَ ثنايا اللغة المشتقة من هموم لا حدود لها،

لتكون تلك ألأنا مغموسة بعنفوان الطاقة المتفجرة، للغورِ في جوهرِ ذلك العالم المستعاد...

 

أيتها الحقيقة ألأزلية :

هل ستطوقيني بيديك هاتين وتضيمني إليك...؟

وكيفَ ستنطفئ كلماتي، وأنفصلُ عن هذهِ ألأرض التي أنجبتني بالصراخ ؟

أيها الملك العظيم، إكشف عن حجابك هذا ...

إكشف عن سرك العميق..

لأني سألتحق بكَ يوماً،

فأنا أمشي نحوك،

أتبعك عميقاً هنالك إلى حيث تلك النقطة من الضوء .

ربما يتوقف ذلك القلب، لكني ما زلتُ ملتصقاً بنشيد ذلك الكيان الغارق، المتصل معَ هذهِ اللذة  

تلك اللغة التي ما برحت تدفعني الى التمرد وألأغتراب..

 

لا أُريد منك شيئاً،

 إلا تلكَ الوسادة الرحبة، التي سأتكئُ عليها يوماً،

 منقذاً خطواتي المتضا ءلة في مدرجاتِ عبث من ألأوجاع المحفوفة برائحة الصمت..

كيف سَتستيقظ من وحشتك ألأبدية القابعة عند حافات الجزر البعيدة،

 وتنسلُ بجناحيك الهائلتين المخيفتين عبر طياتٍ من الجبال،

 فأسقطُ غريقاً مهشماً في ظلها الكثيف؟

 

أيها ألصمت:

ستبتعدُ ألأشياء المتحيزة عني برفق بعدما أصبحُ جامداً دونَ حراك ؛

ستحملني بمنقارك الكبير وتكون روحي بين أحضانك،

 أيها الجبروت المطوق بأتساع السماء ؛ متى ستهشم آنية ألأنتظار؟

والى أي مكان ستقودني أيها السحر العجيب؟،

يا من لا مكان لك ولا زمان !!

وبقي جلجامش هكذا منفرداً غارقاً في أسرار ذلك اللا متعين .

 

.................

*نصوص في الأدب الفلسفي /تأملات في زوايا صامتة /الطبعة الأولى 2001 ـ1421 دار الشجرة للنشر والتوزيع دمشق ـسورية .

 

 

 

 

في نصوص اليوم