نصوص أدبية

مشهد يحتاج إلى تأمل

هذه مجرد تداعيات ، لرجل فقد بيته وإبنه الوحيد،

 في مدينة أحرقها المفخخون ، فلم يبقَ أمامه ، إلا أن يبحث عن جسر يواصل به مسيرته ،

 ليستكمل ما تبقى عليه من ديون ..

هنالك في القرية البعيدة ، البعيدة جداً،

عن أولئك ألذين يختطفون الحياة كل يوم ،

هنالك يقرر الرجل، أن يستكمل شروط كهولته القادمة ،

بصحبة حمار؛

 الحمار هذا، صار شيئاً مهماً بالنسبة للرجل ،

 إذ فيما بعد قررالرجل ،

 أن ينذر حماره ، فقط لإجل مساعدة القرية تلكَ..

يستلقي الرجل الوقورعند جذع شجيرة نائمة ،

 يغمض عينيه قليلاً ، بعد أن يتطلع إلى ما حوله بحركة تامة ؛

خالٍ تماماً من الزحام ، ذلك المكان ؛

 السماء، تبدو أشبه بفضاء ساكن، رغم أنها مليئة بألأشياء .

إذن، النومة هنا هادئة..

المكان ؛ ذلك الوجود من التعين ،

 أو الرابطة بين مشاعر ألإنسان ، وما ينوي فعله ؛

بيوت طينية كما ترى ،

 ومدرسة يبدو أن سياجها من القصب ،

ومستوصف صحي  بسرير واحد..

هنالك عند تلك الساقية ، الكثيرة التجاعيد ،

المكان  يصلح للإقامة ،

 رغم أن المعاينة السريرية لم تتم بعد،

 لعدم توفر إلكادر المختص؛ ولكن .. :

ـ إذن هنا،

عند (هذي البقعة من ألأرض)،

سأمتلكُ بيتاً من طين ،

 سأجمعُ كل ما حولي، وسأهييء كل ما يتعلق بإمور البناء ؛

سأحتاج إلى غرفتين ومطبخ وحمام،

 سأعد كل شيء،

لكني أحتاج أيضاً ربما بعض النقود ،

سيفيدني الحمار كثيراً في نقل العفش وبعض ألأمتعة ،

وسيكون بحوزتي بعض الدواء، المصنوع من العشب ،

من العشب الخالص ؛

سيكون هنالك ملحقاً لهذا الحمار .

 سيشعر صاحبي بالإستراحة ،

 فألأجواء كما يبدو، خالية تماماً من الضجيج ،

وكل شيء سيكون على ما يرام..

وعليه سأتحدث مع أهل القرية بطريقة جديدة ،

سأحكي لهم قليلاً عن ألأسباب ، التي حملتني، لإن أترك كل شيء في المدينة،

لإحيا فقط هنا ، عند جذع هذه النخلة تحديداً .

الناس هنا ،

كما قيل عنهم يسهل التعامل معهم ؛

سيوفرون كل شيء لأِجلي،

 سيأتون لزيارتي حال إقامتي..

أجل الناس هنا تمتلكهم الطيبة ، هذا ما أشعر به ،

شيء بسيط يكفي،

لإن يبث روح السعادة فيهم .

بعيداً عن عقد الحياة وتفرعاتها

إذ كما تشاهدون ،لا توجد هنا أسواق فخمة أوساحات عريضة

أو مكاتب عقارات ، أودوائر حكومية ، أومستشفيات،

 أو مقرات لإحزاب ، أومكاتب حسابات أو..، أو..؛

أهل القرية هنا، يحتاجون فقط  إلى وسائل سهلة جداً،

جداً للعيش..

هم كما يبدو يكتفون بعربة يجرها حصان،

 أو أي  دابة أخرى ، تجلب لهم بعض ما يحتاجون ،

 رغم إنهم بحاجة إلى سوق للتسوق،

 رغم أنهم بحاجة إلى حدائق،

وإلى كازينوهات، وإلى،

و(...) وهذه ال (إلى قد تصل حتى إلى..)،

ولكن هم هكذا يكتفون بالمتيسر..

-إذن لإجل هذا،

سأفتتح دكاناً،

وأجهزه بكل ما يحتاجون..

هم بحاجة إلى سوق صغير،

صغير جداً، ربما بقدر نقودي،

 التي سأحصل عليها بعد حين..

سأملأ دكاني وسأشتري كمية من الحلوى..

لأِجل إطفال تلك القرية،

سأصنع بعض خيوط ذلك النقاء

وهكذ راح الرجل، يستحضر الفكرة بعد الفكرة ،

 يصنعها مع نفسه ،

 ليراها قد تحققت،

 أشبه ببذرة تُزرعُ في عقل الإنسان،

 لتنمو معه ، تتفرع،

 تتفرع أكثر،

تنمو،

 تنضج،

 لتصبح أشبه بحديقة غناء، ترتادها المحبة..

المحبة الخالصة ، بدلاً  عن حسابات أولئك ،

بعيداً عن أوساخ تلك النفوس،

المليئة بالموت والخراب..

 

ألقضية ؛

 ألآخرون  شيء مبجل ،

يستحق التفكير ، حدَّث الرجل نفسه أيضاً ؛

لهذا، أشعر بالسعادة الغامرة .

شاركت الشجيرة ، شعور الرجل،

 بينما قالت الساقية : أنك ستنجزما يحتاجه هؤلاء،

 ستحقق ما يريدون،

 إن فيك قدرة هائلة من المحبة،

لإنك كألآخرين، تحمل معك أشياءًا كثيرة،

 وأحلاماً كبيرة.

إذن، إعمل أي شيء،

لإجل تلك الرابطة المقدسة..

إعمل أي شيء لأِجل سعادتهم. 

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1152 السبت 29/08/2009)

 

 

في نصوص اليوم