نصوص أدبية

توسكا وجُسورُ الخَريف / خيري حمدان

صَرَخْتُ في وَجْهِها الليلة

لا تفْضَحي القَمَرَ فَقَدْ تَعَرّى

في بُحَيْرَة

خَلعَ جِبالَهُ والمُحيطاتِ

اخْتَفى خلفَ ثلّةٍ مِنَ الغُيومِ

المتآمرةِ

سوداءَ كالحة

لا تَستمعْ لنصيحةٍ، تنتظرُ قَدْحةَ

رَعْدٍ

لتهطلَ حتّى يَدْمع الترابُ وتَبْكي

الأرضُ.

لا قَمَرَ في حضرةِ هذا الخَريفِ

الغَجَرِيّ

تارةً شمسٌ خجلة

تتلوها ريحٌ حاقدةٌ غبيةٌ

تندلقُ الموسيقى عندَ جسورِ

الخريف

هناكَ حيثُ تتقيّأ المياهُ

أمواجَها

تتقاذفُ، تندفعُ، تنجو

بذاتِها

عنفوانٌ، انتحارٌ، هربٌ نحوَ

الهاوية.

ينتحبُ القلبُ رافضًا التخلي

عنْ بقايا آلامِهِ

وآثامِهِ

والذاكرةُ تتمرّدُ، تخزِنُ يومياتِ

المشرقِ والمغربِ

والتيهُ يسطرُ عباراتِه الثقيلة

يا لكلّ الاتجاهاتِ الغادرة!

كيفَ تآمرتِ على نبضِ

قَلبي

على قيدِ الحياةِ بِغَباءٍ باقِيَة

رُغْمَ فَناءِ خلايا دماغي

التالِفَة

غادِري معَ هذا الخريفِ الغجرِيّ

عالَمي.

دَعي بوتشيني يَعُجُّ تَبْغَ

غَليونِهِ

البوهيميُ يَتَراقصُ، يَرْفُضُ مُذَكّرة

الطبيبِ

البوهيمِيُ يسيرُ خَلْفَ تابوتِهِ، يعرفُ

أنّ زُرْقَةَ العينينِ بحرٌ

لكنّ

البوهيمِيُّ يَغْرَقُ في عَسَلِ

العيونِ دونَ غَيْرِها.

لا تَغْضَبي فَقَدْ رَأيْتُ بأمّ عيني

كلابَ الصيدِ

تَبْحَثُ عَنْ فَريسةٍ سَقَطَتْ في الدُغْلِ

في الوَحْلِ

نَحْنُ السادةُ أطلقْنا النارَ في

وَجْدِها تجاهَ قَلبِها

مُباشَرَة

لتُصْبحُ هِيَ الأخْرى شَهيدَةَ

خريفٍ غَجَرِيّ آخَرَ.

دَعْهُ يُكْمِلُ غِناءَهُ

لا تَقْطَعْ حِبالَ صوتِهِ

آذانُ السماءِ تُصْغي

وأنا وأنتِ نُرَدّدُ

رَجْعَ الهَوَى

في دَهْشَةِ الغِيابِ

حضورٌ

في قِمّةِ الحضورِ

غيابٌ لا يَنْتَهي.

دَعْها تُكْمِلُ تِلْكَ

القُبْلَة

لسانُها ذابَ في فَمِ

الساحِرِ

لَنْ تَتَنازَلَ عَنْ لَحْظَةِ الإثْمِ

حَتّى انْفِراطِ عِقْدِ

الروحِ

تاهَ البوهيمِيّ عِنْدَ جُسورِ

الخَريفِ

ظنّ بِأنّهُ أكْبَرَ مِنَ

الحَياةِ

قَفَزَ في الخَريفِ

لِيَظْهَرَ قَبْلَ المَغيبِ

عاشِقًا في عينيّ

Tosca

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2226   الاربعاء  26/ 09 / 2012)

في نصوص اليوم