نصوص أدبية

محاورة بيني وبين طيف – قَمَّة الحُب

البرقُ والرعدُ ... السحابة ُ والمطرُ

ولكنِّي إن جَفَوتُ فإنني أجفو... أيضا...

بلا بداية وبلا نهاية."

تلا هذه الكلمات ِ بصوته الرخيم وابتسم !

قلت: أيُّها الغريبُ المتسربلُ بالحسِّ والنَغَم، كيف تسَلَّلْتَ إلى صَوْمَعَتي والأبوابُ موصدةٌ؟

أجاب بهمسٍ: هذا سرٌّ من أسراري، وقد استعنتُ بتعويذاتِ وطلاسمَ الأوَّلين لفكِّ ما أغلقتِه دونِي ...؛

قلت: جميلٌ ما سمِعتُ منك، ولكن ما وَرَدَ على لسانِكَ من الكلماتِ ليسَ غريباً على سَمْعِي..

ضَحِكَ ضحكةً مُتخابِِثة ثمَّ قال: إنها كلماتُك ولكني أبِحْتُ لنفسي اختلاسَها في غفلةٍ منكِ ... وجئتُكِ مُحَلِّقاً فوقها وبها؛

قلت: مادُمْتَ قد اعترَفتَ  فاهنأ بِما اقتنَيت .. إنها مجرد كلمات...؛

قال: إن كانت هذه كلماتٌ فقط ، إذاً ما الحبُّ لديكِ؟

قلت: أما أن تَصِلَ من الحبِّ قِمَّتَه، وإلا فلا...؛

قال: وماهي قِمَّةُ الحبِّ لكِ؟ حَدِّثِيني..؛

قلت: سألتني .. وهل لي إلا أن أجيب؟

فاستمع وقِسْ أينَ أنتَ منها..

قال: منها؟ ماهي؟

قلت: القِمَّةُ.. وما سواها؟

هزَّ رأسَه .. وابتسم ..

قلت: هي حينما يدَغدِغُ شعورٌ غريبٌ طارِفَ إبهامِ قَدَمِك ويرسل ذبذبات نغمية تتردَّدُ في قِمَّةِ رأسِكَ حتى تصابَ بدُوارٍ لذيذ ..فترى برقاً وتسمعُ رعداً والسماءُ ملؤها النجوم ولا غيمَ فيها ولا مطر...

قال .. أها .. قِمَّة ُالرأس وقِمَّةُ الحب والنَغمُ والرعدُ والبرقُ: ولكن ماذا عن طرف إبهام القدم ، ماعلاقته بالقِمَّةِ؟

قلت: هذا هو سرُّ القِمَّةِ .. فهي تمتلكُ البدايةَ والنهاية ؛ إنَّها تمتلكُ الحواسَّ من أخمص القدمِ الى قِمَّةِ الرأس .. إنها كلُّ الكل..

قال: سأدَّعي أنني فهمتُ؛ وماذا بعد؟

قلت: هي حينما تتراقصُ نغمةٌ وترنيمةٌ على شفتيكَ وأنتَ تحنو على طيفِ الحبيب وهو غافٍ بين جوانحَك ..

•هي حينما تبتسم ُ ولا تدري من أين جاءت البسمةُ لشفتيك وكلُّ ماحولَكَ ظلامٌ في ظلام..

•هي حينما لا تطلبُ أكثرَ من أن تكونَ أنتَ كما أنتَ ، وحبيبك هو كما هو لاشيءَ َأكثر ..؛

•هي حينما تختفي كلمةُ "لماذا" من تساؤلاتك حول الحبيب...؛

•هي أن تضعَ قُبلةًً على جبينِِِ حبيبِك وتدعو أن يكونَ سالماً إن رأيتَه في الصباح، وأن يكونَ سعيداً إن اختارَ سواكَ ورَحَلَ عنك..؛

•هي حينما تستيقظ صباحاً وتقبِّل شعاعَ الشمسِ لأنه يشرقُ على جبينِ الحبيب ...؛

•هي حينما تزولُ كلُّ الموازينِ التي يحدِّدُها الغيرُ ولا تحلُّ محلَّها موازينُ أخرى بينك وبين من تحب...؛

•هي حينما يخفِقُ قلبك وَلَهاً حتى يعتصره الألم ُ لأنه عاجز عن الأتساع اكئر ليحتوي ذلك الفيض من الحب ...؛

•هي حينما تنحدِرُ دمعةٌ على وجنتِك لرؤيةِ الحبيبِ دون أن يغيبَ عن ناظريك سوى لحظات...؛

•هي أن تتمتمَ بدعاءٍ للحبيب وتبقى التمتماتُ تتردَّدُ بهمسٍ بين الخافِقَينِ والضلوع...؛

•هي حينما تحِبّ نفسك لا لنفسِك بل لأنَّها تحِبُّ حبيبَك ...؛

•هي حينما تدعو أن يطيلَ اللهُ في عمرِك لا لشيءٍ إلا لتبقى بقربِ الحبيب...؛

•هي حينما تختفي كلمةُ "أنا من كل الأحاديث بينك وبين الحبيب " إلا في قولك "أنا أحبك" النابعةِ من الأعماقِِ ودون تفكير...؛

•هي أن لا تحتاج لقول "أنا آسف" ...؛

 

قاطعني قائلاً: أو ليس الاعتذارُ دليلاً للحب .... أو ليس التراجعُ عما سبب الألم للحبيب من واجبِ المحب؟

قلت: ولكن في قِمَّةِ الحُب لايسبِّبُ المحبُّ أذىً لمن يُحِب، وبذا تنتفي الحاجةُ للاعتذار...؛

قال: ولكن عندَ الغضبِ يتسرَّعُ المرء ُ وقد يخطأ في التعبيرِ مما قد يسبِّب الأذى حتى لمن يُحِب..؛

قلت: في قِمَّةِ الحُبِّ لا يوجدُ غضب! ؛

قال: وماذا بعد ؟ ماذا لديكِ عن قِمَّةِ الحُب؟

قلت:

 •هي أن تأوي الى مرقَدِكَ تحتَ جناحِ الحبيبِ وأن تضمَّه تحت جناحِك إن رامَ الدفءَ دون أن يسأل.. وأن ترخي جناحَك عنه إن تمَلمَل...؛

•هي أن تطلقَ سراحَهُ إن ضاقَ ذرعاً بالقرب، وأن تفردَ جناحك له ليضُمَّهُ إن عاد، وبغبطة تتقبلَ رحيلَه إن لم يعد...؛

 والحكمة تقول: إن كان في يدِك طائرٌ ابسط يدَكَ ودَعْهُ يحَلِّق، فإن عادَ لك فهو لكَ أبدا، وإن لم يعدْ فإنَّه لم يكن لك أبداً...؛

قال: وكأني بكِ ترتضينَ الفداءَ للحبيب ، وتبتغينَ الشهادةَ في سبيلِ الحُبّ...؛

قلت: وهل ترى في كسرِ القيودِ التي تُدمي معصميّ الحُبِّ استشهاداً؟

قال: وهل لكِ الاستعدادُ أن تكوني طَرَفاً في مثلِِ هذا الحُب؟

قلت: ومن قال لك أنّي مؤهلةٌ للإرتقاء الى قِمَّةِ الحُب؟

قال: فَدَيتُكِ، كنتِ قد أوصلتِني للقِمَّةِ في حلمي ، وها أنتِ الآن ترسلينني للسفحِ مُتَدَحْرِجاً!؛

قلت:  أحلامُكَ مِلكٌ لك ، فلا نهيٌ لديَّ عليها ولا أمرُ!

أما أنا، فقد علََّمتني أمِّي أنَّ المسيرَ الى النبعِ قد يكونُ سهلاً، أما الشُربَ منهُ فهذا بحثٌ آخر..

ابتسم محدثي وسكت عن السؤال!

 

____________________________

كانت هذه خربشات على هامش الحب بعد منتصف الليل... من آرشيف سلة المهملات!

حرير و ذهب (إنعام)

الولايات المتحدة

 http://goldenpoems.wetpaint.com/

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1220 الجمعة 06/11/2009)

 

 

في نصوص اليوم