نصوص أدبية

أشكُّ حتّى...

wafaa abdulrazaghلكن الكلمةَ نسيتْ شكلَهَا

وتحولتْ إلى مقصلةٍ

 


 

أشكُّ حتّى... / وفاء عبد الرزاق

 

دموزي.. يا دموزي

أسألُكَ يا سليلَ اللطمِ

كيفَ سيكونُ النواحُ

حين يُصبحُ الوطنُ جنازةً؟

أولئك الذين ناحوا قبلي

هل كانت معهم أمي "الفاختُ"؟ (1)

هي حلوةٌ كمنجلٍ في حصادٍ

قادمةٌ من عينينِ خالدتينِ.

دموزي.. يا دموزي

شجرةُ السدرِ قصيدةٌ عرجاءُ

كدتُ أتجرَّدُ من حزنٍ عميقٍ

لكن الكلمةَ نسيتْ شكلَهَا

وتحولتْ إلى مقصلةٍ

تبادلتِ التهانيَ تلكَ الوجوهُ

وبحرارةٍ أكثرَ حينَ انحشرتِ الشظايا

بعينِ البتولِ.

 

دموزي..  يا دموزي

لا تساومِ العاتياتِ بطفلي

كلُ شيءٍ يموتُ إلاَّ وجهُهُ السرمديُ

خالدٌ جرحُه ُ

يضيءُ الكئيبَ والمؤجَّلَ منَ الصّوتِ

خالدٌ جرحُه ُمثلَ سفينةِ نوحٍ

إذْ ترتعشُ الأمواجُ حينَ ترى

وشمَ الوطنِ على ساعديهِ.

سَلْ شفتيكَ يا دموزي

أتهجرُ المدنُ المدنَ؟

أيرتحلُ الوطنُ عنِ الوطنِ؟

حينَ جمَّلَكَ الموتُ

مررتُ بعشرٍ من مراياكَ

فلمْ أجدْ غيرَ كفني

كيفَ سيكونُ النواحُ اليومَ؟

وكيفَ أرحلُ عن نفسيَ

تاركةً لنفسي مرثية ًوجنازةً؟

ساصرخُ بكَ: يااااااااااااااااااااااااااااااااااادموز

تحوَّلْ إلى قطراتِ عطرٍ

واكتنزْ بكَ

سينتحرُ الجمالُ إنْ لمْ تمرْ

خُطَّ على النظراتِ ابتداعَ الصورِ

قدْ أشعَّة السحابِ

امطرْهَا شمساً

عندَ النهرِ تنتظرُ أنثى السِعدةِ (2)

أرجوانَكَ والياقوتَ

حرّكْ قِمَّةَ الجبلِ والسهلِ

وانفخْ صورةَ اللَّمعانِ

جُلَّ ما يُدهشُني  صمتُكَ المديدُ

والبقعةُ السوداءُ في ثوبِكَ.

هل تعتقدُ حقاً أنَّكَ القادرُ على الحراكِ؟

صرتُ أشكُّ في الشكِّ العاذلِ المحرِّضِ

صرتُ أشكُّ حتّى في اقتدارِ السماءِ.

 

................

1. "الفاخت": نوع من أنواع الحمام الذي ينوح بصوت حزين وهو اذا مشى باعد بين جناحيه.

2.  "السِعدة":(بكسر حرف السين) نبات بري له رائحة زكية تشبه رائحة الهيل.

 

في نصوص اليوم