نصوص أدبية

ثمانية وعشرون وتسعة وعشرون

 

نبذة عن الشاعر: وُلِدَ الشاعر وينثروب ماكوورث پرايد (WinthropMackworth Praed) في لندن، عام 1802. كان والده محامياً بارزاً في المجمع القانوني البريطاني، وقد أرسله للدراسة في مدرسة إيتون (Eton) وهو في الثانية عشرة من العمر. وبقي في مدرسة إيتون حتى العشرين من العمر. وفي أيتون لَعِبَ الدورَ الأساسيَ، بالتعاونِ مع والتر بلانت وهنري نيلسون كوليردج، في تأسيس The Etonian (الإيتوني) ، وبإدارتِه حقَّقَ هذا الإصدارُ نجاحاً كمجلةٍ أدبية لم تحقِّقه أيّ مجلةٍ جامعيَّةٍ أخرى نُشرت في أيِّ وقتٍ مضى. ومن إيتون انتقل إلى كلية Trinity (ترينيتي) في كامبريدج، وقد أظهرفيها تفوُّقاً ملحوظاً في التحصيل العلمي كما أظهَرَ مهارةً بالغةً في نظم الشعر. وفيها حصَلَ على عددٍ غير مسبوقٍٍ من الجوائزَ في الأدب الإغريقي وأللاتيني وكذلك في الشعر الانجليزي .واثناءَ دراستِه كان هو المساهمُ الرئيسي في مجلةِ نايت الربع سنوية (Knigh’s Quarterly) التي حلت محل The Etonian بعد توقفها عن الصدور، كما ظهر شعره في دوريات أخرى بانتظامٍ خلالَ حياته. حصل على الشهادة الجامعية عام 1825، وبعد أن أعدَّ نفسَه للقانون، نالَ شرفَ الدخولِ في المجمع (البار) القانوني الإنجليزي الذي أجاز له ممارسةِ المحاماة في عام 1829.

كانت ميولُه ومؤهلاتُه ملائمةً جداً للحياة السياسية الإنجليزية ، فقد حصلَ على مقعدٍ في البرلمان في عام 1830، وبقيَ فيه لبضعةِ سنوات، وكان نجماً صاعداً في البرلمان، غير أنه لم يستغل مواهبه للصعود في سُلَّم المناصب وما يتيحه المنصب من سطوٍة وذلك لدماثة خلقه وحبِّه للحياةِ الاجتماعية . ولكن وضعُه الصحِّي لم يمهله طويلا، فقد عانى من امراضٍ رئوية، وتوفي عام 1839 عن عمر يناهز سبعة وثلاثين.

وكما كان شكسبير للرواية المسرحية، كان وينثروب ماكوورث پرايد للشعرِ الاجتماعي. قد يؤخذ عليه أنّه لم يكتب بالدقةَِّ الشكليةِ التي كتَبَ بها معاصروه من الشعراءِ ممَّن تمسَّكوا بأسلوبِ القرنِ الثامنَ عشر، ولكنَّه كان في المقامِ الأول كاتب Vers de société. و موضوعُ هذا القسمِ الفرعيّ من الشعر ينطلقُ في مضمونِه من العلاقاتِ الاجتماعيةِ السطحية ِبين الأشخاص ممن توفَّرَ لهم قدَرٌ كبيرٌ من الرفاهيةِ والثقافة، وفي الشكل ينبغي أن يكونََ رشيقاً، خفيفاً، وعفوياً، بلهجةٍ لطيفةٍ مهذبة، والسخريةُ فيه لاتتجاوزُ كثيراً حدودَ َالمداعبة والخُلق الرفيع.

 خرَجَ پرايد بإسلوبِه الغريبِ واللذيذ عن اسلوبِ القرنِ الثامن عشر المتَّصفِ عموماً بالأكاديميةِ والتكلف. ففي قصائِِدِه جسَّدَ اهتمامَهَُ بالامورِِ العاديةِ التي تحدثُ كلَّ يومٍ بإسلوبٍ مازحٍ وساخر تميَّزُه سهولة التعابير والتهذيبِ ِالذي هو من علائمِ المجتمعِ الراقي الذي كان ينتمي إليه.

تتَّسم قصائدُه بالعفويةِ والترابطِ بين الشكلِِ والمشاعرَ والمضمون، وتُظهرُ بوضوحٍٍ إتقانََه لحرفةِ الكتابةِ وبراعَتَهُ في استخدامِِ القوافي والتوريةِ اللغوية لتغليفِ الجَدِّ بالهزل.

من أمثلة القصائد هذه: "شخصيات عادية"، "مسرحيات خصوصية"، "المدرسة وزملاء الدراسة"، "نصائح في رسالة"، "حفلتنا"، "مُراقِصَتي"، و "ابناء عمِّي الصغار".

 Every-day Characters, Private Theatricals, School and Schoolfellows, A Letter of Advice, Our Ball, My Partner, and My Little Cousins.

اما قصيدة الصياد الأحمر" The Red Fisherman " فتتميز عن البقية باحتوائِها على عنصر معينٍ من الرؤيةِ الشِعريةِ وقوةِ الخيال.

لم يهَتم الشاعرُ پرايد بتقديمِ أعمالِه الأدبيةِ في مجموعةٍ خلالَ حياته، ومما يذكرُ عنه أن الكثيرَ من شعره كتبه آنيا وعفويا و كان يلقي قصائده على أصدقائه ومعارفِه الذين بدورِِهم كانوا يحتفظون بها دون ان تنشر . و حتى بعدَ وفاتِه لم يتمّ نشرُ أيِّ طبعةٍ شاملةٍ من أعماله في إنكلترا حتى عام 1864، وإن كانت قد ظهرت له مجموعاتٌ في الولايات المتحدة قبل ذلك.

وهذه القصيدة "ثمانية وعشرون وتسعة وعشرون" كانت بمناسبة حلول عام 1829.

---------------------------------------

 

ثمانية وعشرون وتسعة وعشرون

للشاعر الإنجليزي وينثروب ماكوورث برايد

ترجمة: د. إنعام الهاشمي (حرير و ذهب)

=======================

 

سمِعتُ حسرةََ رَجُلٍٍ يحتَضِرُ

وضِحكةََََ طِفلٍٍ عابثة،

السنةُُ القديمةُ مضت معَ الحِداد ــ

والجديدةُ جاءت راقصةً بعدها!

 

winthropدَعوا الحزنَ يذرفُ دمعتََه الوحيدة،

دَعوا الصخبَ يمسِكُ مِغرفتََه؛

هاتوا بأقواسََ السروِ للنعشِ،

إنثروا الزهورَ فوق المهد؛

 

ليقِفِ الصامِتونََ على مراسيمِِ ِالجنازة؛

و ليسكُبِ الغلمانُ النبيذَ:

قدّاساً لثمانِ - وعشرين،

ونخباً في صحّةِ تسعة ـ وعشرين!

 

واحسرتاه على السعادة!

واحسرتاه على الحزن!

أمسُنا هو العَدمُ،

وما غيرُ هذا سيكون الغدُ؟

 

سيبقى الجمالُ يسرقُ القلوبَ،

والأحتيالُ يسرقُ أكياسَ الدراهم؛

سيبقى الطهاةُ يعتاشون بعملِ التورتات،

والمفكِّرون بكتابةِِ الشعرِ؛

 

بينما العقلاءُ يثرثرون، وفي المجالسِ يتجادلون،

نفسُ النجومٍ تظهرُ وتتألَّق؛

والعالمُ، كما انصرمت عليه ثمانِ وعشرون،

لابدَّ وأن تنصرمََ عليه تسعة وعشرون.

 

ملكٌ ما سوف يأتي، بحظٍّ من السماء،

وإلى القبرِ والدُه قد مضى؛

ولصٌ ما سوف يخوضُ في الدمِ والجريمة،

الى تاجٍٍ ليس له حقٌ فيه؛

 

وبعضُ أرضٍٍ معذبةٍ ستقطعُ

الأصفادَ التي تقيِّدُها إلى نصفين،

وتجمعُ حلقاتِ السلاسلَ المكسورة

لتثبِّتها بفخرٍ حولها؛

 

الكبيرُ والعظيمُ سيحِبُّ ويكره،

ويقاتِلُ و يوحِّد؛

والكثيرُ مما كُنّا فيهِ في ثمانِ وعشرين

سنكونُ فيهِ في تسعة وعشرين.

 

أوكونيل* سيكافح لرفعِ الإيجار،

وكينيون* ليغرق الدولة؛

وشيل* سوف يسئ للبرلمان،

وكذلك بيل* يسئ للجمعية؛

 

وفكرةٌ الحِِرابِِ والسيوف

ستبهجُ قاضيَ القضاةِ السابق؛

 وسوف تُقطَعُ ** الدعاباتُ في مجلسِ اللوردات،

وتُقطعُ الرقابُ في بلدة كيري؛

 

وسيتكهَّنُ ذوو الوزنِ من الكُتّاب

بما ستكونُ عليه خُطَطُ مجلسِ الوزراء:

و ما فعله تماماً في ثمانِ وعشرين

سوف يفعلُه في تسعة وعشرين.

 

وربَّةُ الحبِّ ستحافظ على ابتسامَتِها،

وربُّ الكؤوسِ على طقوسِ العَربََدة؛

وسيكون هناك شغبٌ في سانت غيلي،

وأعراسٌ في سانت جورج؛

 

والشحّاذونََ سوف يتناولون العشاء كالملوك،

والسادةُ سيَشتُمونَ كالخَدَم ؛

وعيونٌ سودٌ، في كثيرٍ من الأحيان، ستؤدِّي إلى خواتمَ،

وخواتِمُ ستؤدِّي إلى عيونٍٍ سود ؛***

 

و(كيت) الجميلةُ سوف تؤنِّبُ زوجَها،

بلهجةٍ راقيةٍ جداً، ـــ

وا أسفاه! تزوَّجَا في ثمانِ وعشرين،

سيفترقان في تسعة وعشرين.

 

وأوه! سوف أكتشِفُ كيف أنَّ

جميعَ الأفكارِ والأشياءِِ، يوما بعد يوم، ،تبدو أقدم،

وكيف تصبحُ ضحكةُ (السرور) أقلُّ جَذَلاً،

وقلبُ (الصداقة) أكثرُ برودةً ؛

 

لكنني مع هذا سوف أبقى كما كنتُ،

مُقسِماً يمينَ العداءِ للسيدة (عقل)،

وقلَّما أعاني من اضطراب الطِحال،

ومُغرَمٌ بحديثِ الخيانة ؛

 

سوف أربطُ حذاءََ التزلُّجٍ،وأثبُ فوق بوّابتي،

وألقي وأخطُّ أبياتي:

والمرأةُ التي عبدتُها في ثمانِ وعشرين

سوف أعبدُها في تسعة وعشرين

 

 

ترجمة عن الإنجليزية

حرير و ذهب (إنعام)

الولايات المتحدة

December 23, 2009

http://goldenpoems.wetpaint.com/

 

...........................................

الهوامش:

* (1) اسماء لأعضاء في البرلمان آنذاك.

**(2) تُقطَع بمعنى تتوقَّف.

***(3) عيون سود تعني هنا كدمات في العين.

....................

 

القصيدة الأصلية

 

Twenty-Eight and Twenty-Nine

  Winthrop Mackworth Praed

(1802 – 1839)

============================

I heard a sick man’s dying sigh,

And an infant’s idle laughter;

The Old Year went with mourning by-

The New came dancing after!

 

Let Sorrow shed her lonely tear,

Let Revelry hold her ladle;

Bring boughs of cypress for the bier,

Fling roses on the cradle;

 

Mutes to wait on the funeral state;

Pages to pour the wine:

A requiem for Twenty-Eight,

And a health to Twenty-Nine!

 

Alas for human happiness!

Alas for human sorrow!

Our yesterday is nothingness,

What else will be our morrow?

 

Still Beauty must be stealing hearts,

And Knavery stealing purses;

Still cooks must live by making tarts,

And wits by making verses;

 

While sages prate and courts debate,

The same stars set and shine:

And the world, as it rolled through Twenty-Eight,

Must roll through Twenty-Nine.

 

Some king will come, in Heaven’s good time,

To the tomb his father came to;

Some thief will wade through blood and crime

To a crown he has no claim tc;

 

Some suffering land will rend in twain

The manacles that bound her,

And gather the links of the broken chain

To fasten them proudly round her;

 

The grand and great will love and hate,

And combat and combine:

And much where we were in Twenty-Eight.

We shall be in Twenty-Nine.

 

O’Connell will toil to raise the Rent.

And Kenyon to sink the Nation;

And Sheil will abuse the Parliament,

And Peel the Association;

 

And the thought of bayonets and swords

Will make ex-chancellors merry;

And jokes will be cut in the House of Lords,

And throats in the County Kerry;

 

And writers of weight will speculate

On the Cabinet’s design:

And just what it did in Twenty-Eight

It will do in Twenty-Nine.

 

And the Goddess of Love will keep her smiles,

And the God of Cups his orgies;

And there’ll be riots in St. Giles,

And weddings in St. George’s;

 

 And mendicants will sup like kings,

And lords will swear like lackeys;

And black eyes oft will lead to rings,

And rings will lead to black eyes;

 

And pretty Kate will scold her mate,

In a dialect all divine,—

Alas! They married in Twenty-Eight,

They will part in Twenty-Nine.

 

And oh! I shall find how, day by day,

All thoughts and things look older,

How the laugh of Pleasure grows less gay,

And the heart of Friendship colder;

 

But still I shall be what I have been,

Sworn foe to Lady Reason,

And seldom troubled with the spleen,

And fond of talking treason;

 

I shall buckle my skate, and leap my gate,

And throw and write my line:

And the woman I worshiped in Twenty-Eight

I shall worship in Twenty-Nine.

 

Winthrop Mackworth Praed

(1802 – 1839)

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1268 السبت 26/12/2009)

 

 

في نصوص اليوم