نصوص أدبية

عبير خالد يحيى: اللعب مع الكبار

MM80المدير الإداري بالمشفى الذي كنت أعمل به، تنتابه حالة نوم كامل أو يقارب الإغماء لفترة قد تصل إلى حوالي النصف ساعة، كلما حمل قلمه لـ(يطج) توقيعه على أية ورقة أو أمر إداري، الأمر الذي كان يضطر الكثيرين منا لتحمل عبء أخذ الموافقات من رئيس المشفى شخصيا،

حظي العاثر اوقعني تحت رحمة توقيعه على إجازة مستعجلة، وأنا النزقة التي لا تطيق الإنتظار ..لا أدري لم زارني الصبر ومكث عندي حوالي الساعة وأنا أنظر إليه وهو يرسم خطا بين إغفاءة وأخرى ..

كتلة ضخمة متهالكة يئن تحتها كرسي يصرخ ألما كلما تحركت تلك الكتلة بالخطأ..

التصاقهما معا أشعرني أنه ربما ولدته أمه هنا، فكبر ونما حتى ملأ الكرسي و ضاق به ...

حاولت أن أدقق في عينيه. ..ستارتان مسدلتان على نافذتين لا ينفذ إليهما بصر متلصلصة مثلي...

حتى وإن نجحت باقتناص فرصة انفراجهما هنيهة .. لا أرى إلا البياض ..

تتهاوى يده على منضدة تتحمل ثقلها بصبر ..وكأني سمعتها تحوقل وتحتسب. . ثم تسأل الله الفرج والصبر ...

أغرب ما في الموضوع أن رأسه لا يقع عليها أثناء عمله ...! ينام وهو جالس ...! رأسه إن ثقل يقع على كتفه ..!

ويحفر قلمه الورقة وقد يخترقها ...!

استيقظت في داخلي المشاكسة،  قلت ألاعبه قليلا... أنتظر استغراقه، ثم أصرخ فجأة لينتفض مفزوعا

بصرخة من رأى كابوسا ... يكمل رسم جزء من التوقيع ثم يغيب من جديد ... قررت أن أزيد من وتيرة الصرخة ... كانت النتيجة أن انتفاضه ترافق مع سقوط عن الكرسي .. طار القلم بعد أن أحدث عطبا كبيرا بورقة الإجازة خاصتي ... كلمات فرت منه باتجاهي تلعن الإجازات والموظفين والوظيفة ووووو

لا أخفيكم لم أستطع إخفاء ضحكة عالية غادرتني عابثة أتبعتها بسؤال وأنا أحاول أن أسنده وارفعه عن الأرض مضحية بما لدي من قوة محدودة مع احتمال حدوث تصدع في عضلاتي وعظامي ..

" أستاذ، لم تصر على كتابة اسمك كاملا في توقيعك ؟، لم لا تكتفي بحرفين منه ؟"

-" حتى لا يسهل تزويره" .

كان قد استند بكوعه إلى المكتب، تركته فجأة .. ضحكت :" أستاذ لا تؤاخذني، لكن ليس لتوقيعك شكل محدد، يختلف توقيعك باختلاف الحلم الذي تراه...!"

أتم توقيعه الرشيق على ورقة تسريحي من الوظيفة...

 

د. عبير خالد يحيي

 

في نصوص اليوم