نصوص أدبية

عبدالإله الياسري: حنين

abdulelah alyasriصُلبتُ بها أَلفاً ومازالَ في دمي

حنينٌ لعينيها يَطيبُ به الصَّلبُ

 


 

حنين / عبدالإله الياسري

 

تعِبتُ ولم يتعَبْ بأَعماقيَ الحُبُّ

وشبتُ ولم يبلغْ صباباتيَ الشيبُ

وأَشغلَ جنحيَّ الزمانُ بغربةٍ

ولم ينشغلْ عمّن أُحبُّ بيَ القلبُ

لئنْ غيَّبتْني عن بلادي عصابةٌ

ففي كلِّ ليلٍ من حضوري بها شهبُ

بلادي بها جذري ومائي وطينتي

وضوئي؛وإنّي من قطافٍ بها اللبُّ

إنْ ابتسمتْ بِشراً فإنِّي شفاهُها

وإنْ دمِعتْ حزناً فإنِّي لها هدبُ

وإنْ أَصبُ في شعري لوصلِ حبيبةٍ

فإنّيَ أَعنيها، وإنِّي لها أَصبو

يَسيرُ معي النخلُ الجميلُ وظلُّه

ويَجثو معي النَّهرانِ والطينُ والعشبُ

وللسعفةِ الجرداءِ منِّيَ خضرةٌ

وللطائرِ الظمآنِ من أَدمعي شربُ

وما كان بُعدي بُعدَ من نَسيَ الهوَى

ولكنَّه بُعدٌ يَزيدُ به القربُ

ـــــــــــ

فَديتُ بنفسي بلدةً لم تُعزَّني

ولم يتّسعْ فيها لعاشقِها الدربُ

أُريدُ بها شرباً وأَكوابُها دمٌ

وأَبغي بها أَمْناً وأَحلامُها رعبُ

وأَنسَى لها سمّاً وإنّي صريعُه

وأَهوَى لها وصلاً وما بيننا حربُ

صُلبتُ بها أَلفاً ومازالَ في دمي

حنينٌ لعينيها يَطيبُ به الصَّلبُ

وكمْ من مسيحٍ هامَ قبلي بحبِّها

وسَارَ لأَعوادِ الصَّليبِ به الحُبُّ!

وإنّي لسكرانٌ هوَىً بخيالِها

وقد لامَني من فَرطِ سُكْرٍ بها الصَّحبُ

وماهيَ إلّا الأّمُّ فاضَ نزيفُها

وماأنا إلا الطفلُ من حولِها يَحبو

حبيبةُ قلبي لا حبيبةَ بَعدَها

فِدَى حَبّةٍ من رملِها الشرقُ والغربُ

ـــــــــــ

أَلَا أَيُّها السرُّ الإلهيُّ دُلَّني

عليكَ وأَنبئْني بما خَبَّأَ الغيبُ

متَى يَصفِق الدّيكُ العراقيُّ جنحَه

وينجابُ عن فجرٍ شفيفِ السَّنَى حَجْبُ؟

وتَرجِعُ أَطيارٌ نأتْ عن سمائِها،

ويَلتمُّ من بَعدِ الشَتاتِ لنا سِربُ؟

وتَطلَعُ من عمقِ المقابرِ بذرةٌ

وتُمطرُها من غَضْبةٍ حُرَّةٍ سحبُ؟

وأُلقي لجامَ الصَّمتِ عنِّيَ صارخاً:

لقد زالتِ الأَكفانُ وانتفضَ الشعبُ؟

سلاماً على البركان مادام ثائراً

وأَهلاً بفيضِ النَّارِ غايتُه الخصبُ

وسقياً ورعياً للرعودِ وراءَها

ربيعٌ لإنسانٍ يحاصرُه الجَدبُ

 

حنين/عبدالإله الياسري

 

في نصوص اليوم